اخر الاخبار

هل تشفي زراعة الخلايا الجذعية مرضى باركنسون

تقدم دراستان صغيرتان نشرتهما دورية”نيتشر” العلمية في أبريل تأكيداً أولياً مهماً على جدوى علاج لمرض باركنسون يعتمد على الخلايا الجذعية.

كما أنهما خطوتان نحو مستقبل يُمكن فيه استخدام الخلايا الجذعية ليس للعلاج فحسب، بل لإصلاح أو منع تلف الدماغ في حالة مثالية. يتطلب إحداث ذلك تنسيقاً دقيقاً والتزاماً مستمراً بفهم مسببات الأمراض العصبية التنكسية، فلا يُمكننا إصلاح ما لا ندرك أنه معطوب.

يُمثل هذان العلاجان، اللذان طور أحدهما في الأصل فريق من مركز ”ميموريال سلون كيترينغ“ للسرطان في نيويورك والآخر باحثون في كيوتو باليابان، تتويجاً لعقود من العمل لاسكتشاف كيفية تحويل الخلايا الجذعية إلى علاجات وظيفية لمرض باركنسون. (للتوضيح، صُممت هذه الخلايا الجذعية في مختبر، وهي تختلف عن العلاجات المشبوهة التي تُباع في عيادات الخلايا الجذعية، التي لم تعتمد إدارة الغذاء والدواء الأميريكة أياً منها).

العطب يسبق التشخيص عادةً

يؤدي مرض باركنسون إلى فقدان الخلايا العصبية التي تُنتج الدوبامين، وهو ناقل كيميائي مسؤول عن الحركة والتنسيق. عندما تظهر على الشخص علامات المرض، مثل رعشة في اليد أو تصلب في العضلات، يكون قد فقد ما بين 60% و80% من تلك الخلايا العصبية في جزء من الدماغ يتحكم بالحركة.

منذ تسعينيات القرن الماضي، تخيّل الباحثون استخدام الخلايا الجذعية لاستبدال تلك الخلايا العصبية المفقودة. ويبدو أنهم أخيراً يكتشفون المجموعة الصحيحة من الإشارات التي تُحفّز الخلايا الجذعية على التحول إلى خلايا عصبية تنتج الدوبامين.

ماسك: “نيورالينك” زرعت جهازاً دماغياً في مريض ثالث

علاوة على ذلك، قدمت هاتان التجربتان، اللتان اختبرتا معاً علاجات منفصلة على 18 مريضاً، تلميحات إلى أن هذه الخلايا قد تعمل على النحو المنشود بمجرد زرعها في الدماغ.

كان الهدف الرئيسي من كلتا الدراستين هو ضمان سلامة الخلايا الجذعية وتقبل المستقبل لها وفعاليتها كعلاج. حتى الآن، الأمور على ما يرام. مع ذلك، كان هناك تحذير بسيط: بما أن العلاجات استخدمت خلايا جذعية من متبرع بدلاً من الإعتماد على خلايا من المريض (وهي طريقة قد تُسهّل تسويقها)، فقد اضطر المشاركون في البداية إلى تناول مثبطات مناعة تمنع أجسامهم من رفض العلاج، وعانى بعضهم آثاراً جانبية خفيفة إلى متوسطة مرتبطة بالأدوية.

علاج طويل الأثر

الأفضل من ذلك، هو أن الخلايا استقرت في بيئتها المحيطة، وبدت فاعلة حتى بعد توقف المرضى عن تناول مثبطات المناعة. بعد زرعها، وهي عملية بسيطة نسبياً تُوزّع فيها ملايين الخلايا بعناية في جزء من الدماغ، تحتاج الخلايا العصبية الفتية أن تنضج وتكون الروابط الصحيحة مع جاراتها قبل أن تباشر إطلاق الدوبامين. يستغرق هذا عدة أشهر، لكن الأمل معقود على أنه بمجرد اكتمال هذه الشبكة، يمكن أن تظل هذه الخلايا فاعلة لسنوات عديدة، بل حتى لطالما بقي المريض حياً.

ما نعرفه عن تأثير كورونا على الدماغ

باستخدام تقنية تصوير تجعل نهايات الخلايا العصبية المُنتجة للدوبامين مضيئةً، أظهر الباحثون أن المرضى استمروا بإنتاج مزيد من الناقل العصبي مقارنةً مع ما كان عليه الحال قبل الزرع. كما وجدت كلتا المجموعتين البحثيتين دلائل واعدة وإن كانت أولية على أن هذا النهج يُمكن أن يُحسّن الأعراض الحركية، وربما جودة حياة بعض المرضى.

بالطبع، هناك حاجة إلى مزيد من العمل لإثبات فعالية هذه العلاجات. يجب على الباحثين تأكيد سلامتها في دراسات أوسع نطاقاً، وفهم ما إذا كانت هذه الخلايا ستظل وظيفية على المدى الطويل، وأنه يمكنها أن تُحدث فرقاً ملموساً في حياة المرضى.

اختبارات متقدمة

شركة ”بلوروك ثيرابيوتكس“ (BlueRock Therapeutics)، تابعة ”باير“، حصلت على رخصة تقنية الخلايا الجذعية المتعلقة بمرض باركنسون من ”ميموريال سلون كيترينغ“،  وقد باشرت تجربة المرحلة الثالثة من اختبار علاجها على ما نحو 100 شخص. كما تواصل عدة دراسات أخرى سابقة لاختبار مقاربات أخرى لاستخدام الخلايا الجذعية في مرض باركنسون.

في نهاية المطاف، سيتعين على مرضى باركنسون أن يقرروا ما إذا كانوا يرغبون بهذه العلاجات. خلال السنوات التي استغرقها الباحثون للوصول إلى هذه المرحلة الواعدة، ظهرت طرق أفضل لتوصيل سلائف الدوبامين إلى الدماغ أو علاج أعراض الحركة المصاحبة لمرض باركنسون باستخدام التحفيز العميق للدماغ.

رئيس “بيوجين” يريد عقاقير ريادية لكن ليس على حساب الربحية

لكن هذا يُعد تقماً مهماً، وربما أكثر أهمية نظراً لإمكاناته الواعدة في علاج أمراض الدماغ الأخرى. يُعد إثبات إمكانية زرع الخلايا الجذعية بأمان في الدماغ خطوة نحو تحقيق حلم الباحثين الأسمى المتمثل في تصميم علاجات تتجاوز الأعراض، ويمكنها بالفعل إصلاح الدماغ أو حتى حمايته من التلف المستقبلي.

إصلاح علل أخرى

قالت فيفيان طبر، أخصائية أحياء الخلايا الجذعية وجراحة الأعصاب في مركز ”ميموريال سلون كيترينغ“ للسرطان: “هذا إثبات مفهوم أنه يمكن إصلاح أجزاء من الدماغ، لمنحه حياة وفاعلية جديدة، ما يفتح الباب أمام اضطرابات عصبية أخرى”.

بيّن لورينز ستودر، مدير مركز ”ميموريال سلون كيترينغ“ لعلوم الخلايا الجذعية، أن تصميم هذه العلاجات هو الآن الجزء السهل، وأضاف: “ستسير الأمور بسرعة أكبر بكثير من منظور هندسي”. لكنه حذّر من أن فهم الطريقة الصحيحة لتطبيق تلك الأدوات، أي معرفة الخلية الداعمة أو الخلية العصبية التي يجب توصيلها إلى الدماغ، ما يزال تحدياً.

هناك كمّ هائل من العمل ينتظرنا، لكنّ إثبات المفهوم هذا ينبغي أن يكون حافزاً لمواصلة العمل، سواءً على مستوى البيولوجيا الأساسية أو في دفع علاجات الخلايا الجذعية قدماً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *