اخر الاخبار

ما الذي تحقق فعلاً من وعود ترمب الانتخابية بعد 100 يوم رئاسة؟

خلال حملته الانتخابية، قدّم دونالد ترمب عشرات الوعود تحت شعار “لنجعل أميركا عظيمة مجدداً”. وبعد مرور 100 يوم على تسلمه الرئاسة، لا تزال معظم هذه التعهدات في طور التنفيذ، في حين أن ما تم تطبيقه فعلياً يظل محدوداً.

الهجرة والطاقة وسرعة الإنجاز

ركزت الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي على أعمدة رئيسية مثل مكافحة الهجرة، والتعريفات الجمركية، بالإضافة إلى زيادة إنتاج النفط، وخفض حجم الحكومة الفيدرالية.

أطلق ترمب شعار “احفر يا عزيزي احفر” في مسعى لزيادة إنتاج النفط والطاقة في الولايات المتحدة. ولتحقيق هذا الأمر، وقع على أوامر تنفيذية لإعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، بهدف تشجيع الشركات على زيادة إنتاج النفط والغاز، واستخدام الفحم في توليد الطاقة. ترمب تعهد أيضاً خلال الحملة الانتخابية بالانسحاب من منظمات دولية يعتبرها عائقاً أمام زيادة إنتاج الطاقة، مثل “اتفاقية باريس للمناخ”، وهو ما تمّ فعلاً. 

بالإضافة إلى ذلك، وقع ترمب على أوامر تنفيذية لتسهيل تأجير الأراضي الفيدرالية للشركات العاملة في مجال التنقيب عن النفط والغاز.

التضييق على المهاجرين

تعامل ترمب مع ملف الهجرة عبر التضييق القانوني على المهاجرين في الولايات المتحدة. شنت الإدارة الأميركية عمليات اعتقال ومحاكمات وترحيلات واسعة النطاق، كما لجأت إلى إجراءات صارمة بهدف ردع من يفكرون بالهجرة.

الإجراءات الصارمة التي اتخذها ترمب خفضت فعلياً من عدد المهاجرين على الحدود. وتشير بيانات إدارة الجمارك وحماية الحدود إلى أن عدد المهاجرين غير الشرعيين على الحدود هبط بشكل كبير في مارس الماضي إلى ما دون 8 آلاف شخص مقارنة بـ137 ألف شخص في الشهر نفسه من العام الماضي.

ترمب وعد أيضاً بترحيل مليون مهاجر غير شرعي في العام الأول. لم تصدر إدارة ترمب أي بيانات مفصلة بشأن عمليات الترحيل، ولكن “قيصر الحدود” توم هومان أشار في 28 أبريل إلى أن الإدارة رحّلت نحو 139 ألف مهاجر غير شرعي في أول 100 يوم، وهو رقم بحاجة إلى الاستمرار بزخم كبير خلال الأشهر المقبلة للوفاء بوعد ترمب. 

إجراءات الهجرة التي اتخذتها إدارة ترمب لم تؤثر فقط على أعداد المهاجرين، ولكنها دفعت أيضاً بالسياح إلى تجنب الولايات المتحدة.

وأشارت “بلومبرغ” إلى أن الاقتصاد الأميركي قد يخسر ما يصل إلى 20 مليار دولار نتيجة تراجع إنفاق السياح داخل البلاد، فيما أشار بنك “غولدمان ساكس” إلى أن أسوأ السيناريوهات قد يكبد البلاد خسارة تقارب 90 مليار دولار، أي نحو 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي.

الكريبتو والوظائف

لعل النجاح الأبرز للرئيس كان في قطاع العملات المشفرة، إذ خفف القيود التنظيمية على القطاع، وحدّ من الملاحقات القضائية بحق الشركات، وغيّر رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، كما وقع أمراً تنفيذياً ببناء احتياطي استراتيجي من “بتكوين” وعدة عملات مشفرة أخرى.

أما في مجال الوظائف، فيشير البيت الأبيض إلى أن الاقتصاد الأميركي خلق 345 ألف وظيفة في أول 100 يوم للرئيس. وأضاف أن 54% من هذه الوظائف كانت في قطاعات غير حكومية وشبه حكومية، في حين تم إلغاء 15 ألف وظيفة حكومية.

الرسوم الجمركية: رحلة بين فرضها وتأجيلها

اتسمت سياسة الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترمب بنوعٍ من التخبط، إذ انتقلت من فرض رسوم محدودة على قطاعات، إلى رسوم عامة على غالبية الدول، وصولاً لتأجيلها، ون ثم منح بعض الإعفاءات لصناعات محددة، كان آخرها السيارات. 

بدأت سياسة ترمب للرسوم عبر تعهده بفرض رسوم على كندا والمكسيك والصين منذ اليوم الأول لتسلمه الرئاسة، وهو ما أجّله جزئياً بعد أيام. لكنه في فبراير، فرض رسوماً بنسبة 25% على البلدين الجارين، و20% على الصين. 

وفي “يوم التحرير”، كما أطلق ترمب على يوم الثاني من أبريل، فرض رسوماً متبادلة على غالبية الدول بنسبة 10% كحد أدنى، وبنسب أعلى على دول أخرى من بينها الصين والاتحاد الأوروبي، لكنه جمد الرسوم المرتفعة لـ90 يوماً، مع استثناء الصين.

ردت الصين على قرارات ترمب بفرض رسوم جمركية، ما دفعه للرد وإيصال الرسوم على السلع الصينية إلى 145%، وهو ما يمثل “حظراً شبه كامل” لمنتجاتها، وفق تصريحات ترمب نفسه. 

كرر ترمب عدة مرات أن هدف هذه الرسوم هو دفع الدول للتفاوض، ولكنه لم يتوصل إلى أي اتفاق تجاري حتى الآن.

تخفيضات ضريبية معلقة

يراهن ترمب على أن إيرادات الرسوم ستمكنه من تمويل تخفيضات ضريبية سبق وأقرها في الولاية الأولى وتنتهي صلاحيتها نهاية العام الجاري، كما يريد تنفيذ تخفيضات ضريبية “ضخمة” أخرى. 

لكن هذا الأمر يحتاج لموافقة الكونغرس. حث ترمب خلال فعالية في ميشيغان للاحتفال بمرور 100 يوم على تنصيبه، المشرعين الجمهوريين على التضامن لتمريرها.

وفي الفعالية ذاتها، أعاد التأكيد على إنجازاته في خفض التضخم، مجدداً مطالبته الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة. 

في مارس، تباطأ التضخم الأساسي بشكل غير متوقع، مسجلاً أدنى معدلاته منذ تسعة أشهر. وعلى أساس سنوي، ، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 2.8%، مستقراً عند أدنى مستوى له منذ ما يقرب من أربع سنوات.

لكن هذه النتائج جاءت قبل بدء تطبيق الرسوم، والتي أثارت توقعات بتأجيج مستويات التضخم، ودفعت الفيدرالي إلى التمسك بنهج “الترقب والانتظار” لمعرفة آثارها على الاقتصاد والأسعار، قبل اللجوء إلى خفض معدلات الفائدة.

خفض حجم الحكومة

مع تسلمه السلطة، كلّف الرئيس الأميركي أغنى رجل في العالم إيلون ماسك بقيادة إدارة الكفاءة الحكومية. تعهد ماسك بتوفير تريليوني دولار من الميزانية الاتحادية. 

أقر ّماسك لاحقاً بأن الهدف بعيد المنال، مشيراً إلى إمكانية تقليص الإنفاق بنحو تريليون دولار. حالياً، يشير موقع إدارة الكفاءة إلى أنها تمكنت من توفير 160 مليار دولار. في وقتٍ يجري الحديث عن مغادرة ماسك قريباً لمنصبه الحكومي المستحدث.

وعود سياسية صعبة

نالت السياسة الخارجية نصيبها من وعود ترمب. إذ تعهد بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية قبل دخوله إلى البيت الأبيض. ورغم التقدم الذي حدث في الملف، إلا أن الحرب لا تزال مشتعلة. كما تعهد بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو أيضاً أمر لم ينجح بتنفيذه.

لعل الوعد السياسي الأبرز الذي نفذه ترمب جزئياً يتمثل في سياسة الضغط الأقصى على إيران بهدف دفعها للمفاوضات بشأن برنامجها النووي. وبالفعل عقدت الولايات المتحدة محادثات مع إيران، لكن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بعد. 

يُعتبر “مؤشر الـ100 يوم” مقياساً مهماً لإنجازات الرؤساء في بداية ولاياتهم، لكن ضخامة وعود ترمب، وتعددها، وإجراءاته، وما صاحبها من قلق، سواء داخلياً أو خارجياً، تحول دون الحكم بفشل أو نجاح هذه السياسات خلال هذه الفترة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *