الرهانات الحذرة على انتعاش الأسهم تدعم مؤشرات وول ستريت

يعزز متداولو وول ستريت بحذر الانتعاشة التي شهدتها مؤشرات الأسهم الأميركية، في رهان عالي المخاطر على أن الشركات الأميركية ستتمكن من الصمود أمام تباطؤ النمو الاقتصادي واضطرابات الأرباح الناجمة عن رسوم ترمب الجمركية.
وتجاهل المستثمرون ضعف ثقة المستهلك وبيانات سوق العمل، ودفعوا مؤشر “إس آند بي 500” نحو أفضل موجة ارتفاع في ستة أيام منذ مارس 2022، حيث صعد المؤشر بنحو 8% خلال تلك الفترة.
وكانت مؤشرات الأسهم قد تراجعت في وقت سابق، بعد أن سحبت بعض الشركات الكبرى توقعاتها للأرباح، وسط حالة من عدم اليقين بشأن تأثيرات الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب.
واصلت سندات الخزانة الأميركية مكاسبها في أبريل، إذ يستعد المستثمرون لمزيد من التباطؤ في النشاط الاقتصادي الأميركي.
تشكل مجموعة من المستثمرين المتفائلين بالأسهم قوة الدفع وراء هذا الانتعاش، على الرغم من أن استمرار اضطرابات الرسوم الجمركية التي أحدثها ترمب، في وقت تتزايد فيه الخسائر الاقتصادية يوماً بعد يوم.
وتتمثل إحدى النظريات في أن المستثمرين يخشون تفويت الفرص المبكرة من تعافي السوق، مدفوعين بتاريخ طويل من الانتعاشات في الأسهم الأميركية. ويُضاف إلى ذلك الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة لتجنب حدوث ركود اقتصادي، ما يعزز منطق الاستثمار القائم على المخاطرة.
الاقتصاد الأميركي يفقد زخمه
رغم أن أكبر اقتصاد في العالم حافظ على استقراره النسبي خلال معظم العام الماضي، لكنه بدأ يفقد زخمه في مطلع 2025، حيث تراجع إنفاق المستهلك واتسع العجز التجاري نتيجة الاندفاع لاستيراد البضائع في ظل الرسوم.
وفي تحول جديد لاستراتيجية ترمب التجارية، يستعد الرئيس للتوقيع على أمر تنفيذي لتخفيف أثر الرسوم الجمركية على السيارات، بما يمنع تراكم الرسوم على المركبات المصنّعة في الخارج، ويقلل من الرسوم على الأجزاء المستوردة المستخدمة في تصنيع السيارات داخل الولايات المتحدة.
وقال أندرو برينر من “نات ألاينس سيكيوريتيز”: “لا يزال كثيرون يتوقعون حدوث ركود وتراجعاً في مستويات الأسهم، لكننا نعتقد أن هناك ما يشبه ’ضمانة ترمب‘ للأسهم، في حين تمثل ’ضمانة الفيدرالي‘ دعماً للاقتصاد”. وأضاف: “رغم صعوبة التعرف على القمة والقاع أثناء حدوثها، نعتقد أن الأسوأ أصبح خلفنا”.
تحركات الشركات الكبرى
في أخبار الشركات، قالت “أمازون دوت كوم” إنها لن تعرض تكلفة الرسوم الأميركية على المنتجات، وذلك بعد انتقاد من البيت الأبيض لهذه الخطوة المعلنة.
وأفاد وزير التجارة هوارد لوتنيك لشبكة “سي إن بي سي” بأن شركة “أبل” تسعى إلى تصنيع هواتف “أيفون” داخل أميركا، فيما سحبت كل من “جنرال موتورز” و”جت بلو إيرويز” توقعاتها السنوية، بينما تتوقع “يو بي إس” خفض 20,000 وظيفة هذا العام، وإغلاق عشرات المنشآت.
وقال لاري آدم من “رايموند جيمس” في مقابلة مع “بلومبرغ” في نيويورك: “لقد تجاوزنا ذروة حالة عدم اليقين في ما يخص الرسوم الجمركية”، لكنه أضاف: “أعتقد أننا نقترب الآن من ذروة عدم اليقين على صعيد الاقتصاد”.
وأشار آدم إلى أنه رغم احتفاظه بتوقعه لمؤشر “إس آند بي 500” عند مستوى 5,800 نقطة بنهاية العام، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا للوصول إلى ذلك الهدف. وأضاف: “في غضون ذلك، سأكون أكثر حذراً لأنني أعتقد أننا سنرى المزيد من الأدلة الملموسة التي تُظهر أن الاقتصاد آخذ في التباطؤ”.
من جهتهم، كتب فريق من الاستراتيجيين في “إتش إس بي سي هولدينغز” بقيادة نيكول إينوي، في مذكرة للعملاء، إنهم خفّضوا توقعهم لنهاية العام لمؤشر “إس آند بي 500” إلى 5,600 نقطة بدلًا من 6,700 نقطة، وردوا ذلك إلى الرسوم الجمركية وضعف النمو الاقتصادي الأميركي بشكل غير متوقع، ما سيضغط على أرباح الشركات.
وجاء في المذكرة: “نتوقع أن يتأرجح السرد السائد في السوق بين الركود والركود التضخمي إلى أن تنتهي أزمة الرسوم، ويبدأ الفيدرالي في التيسير النقدي، أو تفشل الضغوط التضخمية في التصاعد”.
المستثمرون يترددون
أسهم موسم أرباح قوي في تعزيز الزخم في تمركزات الأسهم الأميركية، ما دفع مستويات التعرض إلى الأسهم نحو الحياد، بحسب استراتيجيين في “سيتي غروب”.
وكتب فريق بقيادة كريس مونتاغو في مذكرة: “رغم التحسن العام، لا تزال مستويات الخسائر في المراكز القديمة في مؤشري إس آند بي ويورو ستوكس كبيرة، وقد تسهم في تقلبات قصيرة الأجل في هذين المؤشرين”.
وفي هذه الأثناء، لا يزال مديرو صناديق التحوط الذين حافظوا على الحذر مع تصاعد أخبار الرسوم الجمركية، مترددين في اتخاذ رهانات كبيرة، باستثناء واضح: البيع على المكشوف لأسهم الشركات الأميركية.
ويُظهر مقياس يُعرف باسم “قناعة السوق” يقيس مدى ثقة صناديق التحوط في تنفيذ استراتيجية استثمارية معينة، أنه بدأ يتعافى بشكل طفيف بعد أن بلغ أدنى مستوياته منذ عقود، بحسب بيانات قدمها بوب إليوت، المدير التنفيذي السابق لدى “بريدجووتر أسوشيتس”.
أما التمركزات في فئات الأصول الرئيسية، بما في ذلك العملات والسندات والسلع، فلا تزال ضعيفة بعد أن هبطت نهاية مارس إلى الشريحة الدنيا من النسبة المئوية العشرية مقارنة بمستوياتها عام 2000.