نصائح خبير من وول ستريت لتجنب أخطاء المستثمرين

بقلم: Barry Ritholtz
علمني عملي على مرّ عقود مستثمراً ومتداولاً في وول ستريت أن الذعر الذي ينتاب السوق هو مدٌ وجزر. فقد تحدث فوضى بسبب عوامل جيوسياسية أو التضخم أو تحذيرات الأرباح أو ما سوى ذلك من المتغيرات. وغالباً ما تُغذي التقلبات الناتجة عن ذلك رغبتنا في اتخاذ قرار ما، أياً كان، وخاصةً القرارات السيئة.
إن كيفية استجابة المستثمرين لاضطرابات السوق هي بالطبع محور مسلكيات التمويل. وكما هو الحال في لعبة البيسبول، فإن ما عليك تجنبه هو أخطاؤك، وهي كثيراً ما تسهم في إحداث ضرر مالي طويل الأجل.
هناك مجموعة لا حصر لها من أسباب الوقوع في أخطاء تُضر بمحفظتك الاستثمارية، برغم أن معظمها يندرج تحت أربع فئات رئيسية: تصديق أشياء غير صحيحة، ومحاولة العمل بعيداً عن نطاق مهاراتك، والسماح للعواطف بأن تتحكم بتصرفاتك، وعدم ترك المجال للوقت كي يخدم مصلحتك.
محمد العريان: 3 قوى تعيد تشكيل مشهد الاستثمار
الخلاصة هي أنه سواء كنت مستثمراً عادياً أو مليارديراً، فحتى الأخطاء البسيطة قد تؤدي إلى نتائج بالغة السوء. فما سر تجنب الوقوع في المشاكل مهما كان حجم أموالك؟ حال تقليل الأخطاء بدل اللهاث وراء مزيد من الانتصارات.
تجنب الرسوم الباهظة
باستثناء حفنة من مديري الأموال المتميزين، تعجز الغالبية العظمى من الوكلاء عن تبرير تكاليفها. وللرسوم المفرطة تأثير هائل على العوائد، وتحرم المحفظة من الأثر التراكمي مع مرور الوقت.
لنأخذ مثالاً متطرفاً، وهو قصة مديرين في مكتب استثمار عائلي اختلسا مبالغ طائلة من المال حتى أصبح كل منهما مليارديراً. في تقرير حول هذه القصة الحقيقية حمل عنوان “سلالة متكتمة تفوتها مليارات الدولارات فيما يزداد ثراء مستشاريها”، أشار مراسلو بلومبرغ ديفون بندلتون وداشا أفاناسييفا وبنجامين ستابلز، إلى أنه لو اتبع المستشارون استراتيجية أقل “جرأة”، لكانت العائلة قد زادت ثروتها بما لا يقل عن 13 مليار دولار.
الاستثمار مع المليارديرات يفقد جاذبيته
في الخلاصة، كان الأفضل لتلك العائلة أن تستثمر ثروتها في صندوق مؤشرات منخفض التكلفة، مثل صندوق (Vanguard’s Total Stock Market ETF). إذ كانت ستدفع رسوماً لا تتجاوز 0.03%. ولنقارن ذلك بصندوق التحوط، الذي قد يتقاضى ما يصل إلى 2% من الأصول المُدارة ويحصل على 20% من صافي العوائد. تقع معظم الاستثمارات بين هذه الأرقام المتباعدة، بالطبع. فقط تأكد من أن ما تدفعه من الرسوم يتناسب مع ما تحصل عليه. وفقاً لتجربتي، نادراً ما تكون الرسوم المرتفعة جداً مجزية.
لا تتخلف عن الركب
قد يدفعك السعي وراء سهم ذي أداء جيد إلى شرائه بسعر مرتفع وبيعه بسعر منخفض، ثم تكرر ذلك إلى أن تستوعب الدرس. هذا ما نراه دائماً: بعد سلسلة مكاسب مذهلة، تُشيد وسائل الإعلام بمؤشر أو بمدير، فيتهافت المشترون – متأخرين وبكثافة. وسرعان ما يتبع ذلك عودة حتمية إلى الوضع الطبيعي.
ومن الأمثلة الحديثة على هذه الظاهرة صندوق (ARK Innovation ETF) الذي تديره كاثي وودز، وقد حقق أداء يفوق أي صندوق على الإطلاق. في 2020، سجل الصندوق مكاسبَ بنسبة 153%، إذ انتقل من أدنى مستوياته خلال الجائحة في مارس 2020 إلى ذروتها بعد 11 شهراً، وبلغت عوائده 359%، وهو رقم مذهل. وتلت ذلك تدفقات ضخمة بعد أن لوحظ نجاحه.
كاثي وود: “بتكوين” هي “الذهب الرقمي” للتحوط ضد انكماش الأسعار
هنا كانت تكمن فجوة السلوك: اشترى معظم المستثمرين حصصاً في الصندوق بعد أدائه المتميز. بالنسبة للمستثمرين غير المحظوظين الذين اشتروا أسهماً بعدما بلغت ذروتها في 2021 مقابل نحو 160 دولاراً للسهم، انخفض السعر بأكثر من 80% ليصل إلى أقل من 30 دولاراً عند أدنى مستوياته في نهاية 2022. أما اليوم، فيُتداول عند حوالي 50 دولاراً للسهم.
تبدو تلك العوائد ثلاثية الخانات التي حلم بها المستثمرون بعيدة المنال الآن. لم يحقق المستثمرون الذين دخلوا السوق قبل خمس سنوات، قبل صعود الصندوق سوى عائد قدره 1%. أما المستثمرون الذين اشتروا قبل ثلاث سنوات، فكان وضعهم أشد قتامة: فقد كان متوسط عائدهم السنوي ناقص 7%، وفقًا لبيانات ”مورنينغستار“.
اخدع عقلك
من أقوال بول سامويلسون، الحائز على جائزة نوبل: “يجب أن يكون الاستثمار أشبه بمشاهدة الطلاء وهو يجف أو مشاهدة العشب وهو ينمو. إن كنت تبغي الإثارة، فخذ 800 دولار وتوجه إلى لاس فيغاس”. في حين أن جرعة الدوبامين الناتجة عن رهان أسهم محفوف بالمخاطر قد تكون ممتعة، إلا أن الإدارة الخاملة هي الخيار الأفضل لمعظم المستثمرين الذين يتطلعون إلى تنمية ثرواتهم على المدى الطويل.
المشكلة هي أنه يجب عليك اتخاذ خطوات لحماية نفسك من نفسك. كي تفعل ذلك، عليك بإعداد “حساب أموال مجنون”، أو حساب رعاة البقر، كما يسمى أحياناً. أضف أقل من 5% من رأس مالك السائل، أي ربما 5000 دولار إذا كانت لديك سيولة كافية ليكون حجم شبكة أمانك 100000 دولار. الآن يمكنك أن تطلق العنان للجانب الأشبه بمدير صندوق التحوط من شخصيتك دون أن تقع في مخاطرة كبيرة الأثر.
إن نجح الأمر، فالأرجح أن تستمر في ذلك لأن الأمر من قبيل التسلية ولا يمس ما يمثل أصولك المهمة. أما إذا فشل، فيمكنك أن تكون شكوراً للدرس الرائع الذي تلقيته وهو يجب أن يذكرك بأن هذا ليس مجال تخصصك.
تحوط في رهاناتك
ماذا تفعل عندما يحالفك الحظ فتجني ثروة هائلة تُغير حياتك؟ لا يهم إن كان ذلك عبر أسهم في ”انفيديا“، أو من عملات ”بتكوين“، أو من أسهمك كمؤسس أو خيارات شراء أسهم للموظفين – في بعض الأحيان، يندفع السوق بقوة، ويصبح الحجم الهائل للعائد مذهلاً.
لكن ماذا عليك أن تفعل؟ أتبيع أم تحافظ على الاستثمار، أم تستزيد منه؟ حاول استخدام إطار عمل لتقليل الندم. اسأل نفسك، كيف ستشعر إذا احتفظت بالاستثمار وانخفض سعره، أو إن تخارجت منه ثم ارتفع سعره بشدة؟
المناطق الاستوائية منجم أرباح لمستثمري أسواق السلع
اللعب بأمان ليس رهاناً خاسراً أبداً. الحقيقة هي أننا لا نعرف أين ستكون الأسعار في المستقبل، وقد يؤدي البيع إلى ربح مفاجئ قد يغير حياتك وحياة عائلتك.
إن حظيت بمكسب مفاجئ ضخم، فتذكر أن قرارك لا يجب أن يكون من قبيل كل شيء أو لا شيء. الخيار الأوسط هو بيع ما يكفي لتصبح ثرياً، ما يمنحك مكاسب كبيرة إذا ارتفعت الأسعار في المستقبل، ويحميك من ندم مدى الحياة إن وقع انهيار غير متوقع كما كان الحال مع شركات الإنترنت.
توقف عن مطاردة العائد
في بيئة انخفاض العائد في ربع القرن الماضي، كانت هناك ثلاثة أخطاء شائعة: شراء سندات طويلة الأجل، شراء سندات غير مرغوب فيها ذات تصنيف ائتماني منخفض وأكثر خطورة، أو استخدام الرافعة المالية لزيادة أرباحك. بدت جميع هذه الاستراتيجيات جيدة في بعض الأحيان، كما أنها ساعدت كثيراً من الأذكياء على خسارة مبالغ طائلة من المال، وخاصةً الرافعة المالية.
الخطأ الرئيسي الذي قد يرتكبه المستثمرون هو تجاهل أن المخاطرة والمكافأة وجهان لعملة واحدة. إن كنت ترغب في عائد أعلى وسعيت وراء نتائج أخطر، فإنك لست تزيد احتمال عدم حصولك على العائد الأعلى فحسب، بل قد لا تسترد رأس مالك أيضاً.
قليلة هي الأخطاء التي كانت أكثر تكلفة من “مطاردة العائد”. ما عليك إلا أن تسأل من استثمروا بكثافة في الرهون العقارية عالية المخاطر قبل انهيار سوق الإسكان، والتي سُوقت في البداية على أن ”تصنيفها (AAA) وأنها آمنة كما سندات الخزانة، ولكن بعائد أعلى بمقدار 200-300 نقطة أساس” – وهو تذكير قوي بأنه حتى أكثر المستثمرين ذكاءً قد يتعثرون في سعيهم وراء الفوز.