اخر الاخبار

الاقتصاد الصيني مرشح لإظهار مرونة مع تصاعد الحرب التجارية

من المرجح أن يكون الاقتصاد الصيني قد حافظ على استقراره خلال أول شهرين من العام، رغم عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وبدئه جولة جديدة من الحرب التجارية مع بكين على الفور تقريباً.

وبينما يحتفظ صُناع السياسات بحزم تحفيز لمواجهة الرسوم الجمركية، ستُظهر البيانات المقرر صدورها يوم الاثنين انتعاشاً في مبيعات التجزئة واستقراراً في الاستثمار مقارنةً بأرقام العام الماضي بأكمله، بحسب توقعات اقتصاديين استطلعت “بلومبرغ” آراءهم. وفي المقابل، لن ينخفض ​​الإنتاج الصناعي سوى بشكل طفيف، في فترة إغلاق المصانع بسبب عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.

تأتي مؤشرات صمود ثاني أكبر اقتصاد في العالم في مواجهة تداعيات الحرب التجارية بعد أن حددت حكومة الرئيس شي جين بينغ هذا الشهر هدفاً قياسياً لعجز الميزانية، مع الإبقاء على هدف نمو سنوي قدره 5% تقريباً لعام 2025. لكن هذا الهدف التوسعي يواجه تحديات كبيرة، خاصة مع رفع ترمب للرسوم الجمركية على الصين مرتين، مما يشكل تهديداً للصادرات التي ساهمت العام الماضي في توليد ما يقرب من ثلث نمو الناتج المحلي الإجمالي.

قال اقتصاديو “سيتي غروب”، بمن فيهم شيانغ رونغ يو، في تقرير صدر الأسبوع الماضي: “نتوقع قراءات مستقرة للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية خلال أول شهرين من هذا العام. كما نتوقع بداية قوية للعام، مع عدم ظهور تداعيات سلبية للحرب التجارية بعد”.

من المنتظر أن يُصدر المكتب الوطني للإحصاء البيانات الاقتصادية لشهري يناير وفبراير يوم الاثنين عند الساعة 10 صباحاً بالتوقيت المحلي. وفيما يلي التوقعات:

  • من المتوقع أن ينمو الإنتاج الصناعي بنسبة 5.3% مقارنةً بـ5.8% لعام 2024 بأكمله.
  • يُتوقع أن تسجل مبيعات التجزئة نمواً بنسبة 3.8% مقارنةً بـ3.5% للعام الماضي بأكمله.
  • من المرجح أن يرتفع الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 3.2%، وهو نفس معدل العام الماضي.

القطاع الصناعي يقود نمو الصين

تفوق القطاع الصناعي على نمو الاستهلاك خلال العام الماضي، حيث اعتمدت الصين على نموذج نمو ثنائي المسار، ويبدو أن هذا الاتجاه سيستمر. ووفقاً لمتوسط توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت “بلومبرغ” آراءهم، من المتوقع أن ينمو الإنتاج الصناعي بنسبة 5.3% خلال أول شهرين من العام، بانخفاض عن 5.8% للعام الماضي بأكمله.

ورغم أن إدارة ترمب أشعلت حرباً تجارية عالمية، أظهرت البيانات الرسمية الصادرة الشهر الماضي أن نشاط المصانع في الصين عاد إلى التوسع، فيما ارتفع النشاط غير الصناعي في قطاعي البناء والخدمات بما يتماشى مع التوقعات.

كما سجلت صادرات الصين مستوىً قياسياً في الشهرين الأولين، حيث بلغت قيمة المبيعات 540 مليار دولار، مدفوعةً بزيادة الشحنات المتجهة إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاتحاد الأوروبي.

في إطار جهود تعزيز القطاع الخاص، عقد الرئيس الصيني اجتماعاً مع قادة شركات التكنولوجيا، بمن فيهم جاك ما، الشريك المؤسس لمجموعة “علي بابا غروب هولدينغ” (Alibaba Group Holding)، الذي كان قد تعرض للتهميش سابقاً، وذلك سعياً لاستعادة الثقة.

تحديات نمو الاستهلاك في الصين

كان تحفيز الاستهلاك يشكل تحدياً رئيسياً للحكومة الصينية منذ رفع قيود “كوفيد-19″، وتشير البيانات المبكرة إلى استمرار هذه التحديات. وأوضح الاستطلاع أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 3.8% خلال الشهرين الماضيين، وهي زيادة طفيفة عن 3.5% المسجلة في العام الماضي بأكمله، لكنها لا تزال أقل من معدل 5.5% المسجل خلال الفترة نفسها من العام السابق.


ما تقوله “بلومبرغ إيكونوميكس”:

“كان إنفاق المستهلكين الحلقة الأضعف، حيث تباطأت مبيعات التجزئة رغم ارتفاع الطلب خلال عطلة رأس رأس السنة القمرية الجديدة. ومن الآن فصاعداً، من المفترض أن تساهم الحوافز التي أُعلن عنها خلال مؤتمر الشعب الوطني خلال مارس في دعم التعافي الاقتصادي، لكن تحقيق هدف النمو البالغ 5% لعام 2025 لا يزال يمثل تحدياً صعباً”.

تشانغ شو وديفيد كو

سجلت الصين انخفاضاً في معدل التضخم خلال الفترة من يناير إلى فبراير للمرة الأولى منذ عام 2021. ورغم أن التوقيت المبكر للعطلة الوطنية ساهم في دفع التضخم إلى ما دون الصفر، إلا أن التراجع كان أكثر حدة من المتوقع.

كما شهدت الواردات الصينية تراجعاً غير متوقع بنسبة 8.4% في بداية العام، مما يشير إلى ضُعف الطلب المحلي.

خلال الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني هذا الشهر، شدد كبار القادة على أن تعزيز الاستهلاك أصبح أولوية قصوى ضمن تقرير العمل الحكومي، وهي المرة الأولى التي يتم فيها التركيز على هذا الجانب منذ تولي شي السلطة قبل أكثر من عقد.

ومع ذلك، لا يزال المحللون متشككين في تدابير، مثل مضاعفة دعم الدولة لبرنامج استبدال المنتجات إلى 300 مليار يوان (41.4 مليار دولار)، وما إذا كانت كافية لتحقيق تحول إيجابي في الاقتصاد.

الاستثمار في الأصول الثابتة

لا تزال أزمة قطاع العقارات تُعد من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني، إذ تسبب انهيار سوق الإسكان خلال الأعوام الأخيرة في تباطؤ النشاط الاقتصادي. إضافة إلى أنها أحدثت ضغوط انكماشية أثرت سلباً على أسعار المساكن، التي تُعد المصدر الرئيسي لحفظ ثروة غالبية الأسر الصينية.

ومع ذلك، أدت التدابير الحكومية الداعمة للقطاع إلى تحقيق بعض الاستقرار. وفي إشارة مشجعة، تباطأ تراجع أسعار المنازل الجديدة للشهر الخامس في يناير، مع تكثيف صُناع السياسات لجهودهم الرامية للتصدي لركود قطاع العقارات.

ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه، حيث تشير التوقعات إلى أن الاستثمار في الأصول الثابتة ارتفع بنسبة 3.2% خلال أول شهرين من العام، وهو نفس معدل النمو المسجل للعام الماضي بأكمله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *