اخر الاخبار

الصين تتعهد باتخاذ “كافة التدابير اللازمة” ضد الرسوم الأميركية

توعدت الصين بالرد على التصعيد التجاري الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد قراره فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية، ما يزيد من من خطر تفاقم التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم.

قال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية اليوم الجمعة: “إذا أصرت الولايات المتحدة على المضي في نهجها، فإن الصين ستتخذ كافة التدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة”. وكانت الوزارة قد تعهدت سابقاً باتخاذ خطوات “مماثلة” رداً على الجولة السابقة من الرسوم الجمركية.

جاء رد بكين بعد ساعات فقط من إعلان ترمب عن رسوم إضافية بنسبة 10% من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 4 مارس، مستشهداً بتدفق المخدرات من دول الجوار في أميركا الشمالية بمستويات “مرتفعة للغاية وغير مقبولة”، وزاعماً تورط الصين في هذه الأزمة.

وتأتي الرسوم الجديدة عقب فرض رسوم بنسبة 10% في وقت سابق من هذا الشهر، ضمن حملة أوسع يقودها ترمب، وتستهدف قطاعي التكنولوجيا والاستثمار في الصين.

أسهم الصين تتراجع

انخفض مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 3.2%، مسجلاً أكبر خسارة يومية له منذ 2 يناير. كما تراجع مؤشر “سي إس أي 300” للأسهم المحلية بنحو 1.4%، متجهاً نحو أول خسارة أسبوعية خلال شهر.

وحذرت تشانغ شو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا لدى “بلومبرغ إيكونوميكس” (Bloomberg Economics)، من أن “ترمب قد يغامر أكثر من اللازم”. وكتبت في مذكرة أن ضبط النفس الذي أظهرته الصين حتى الآن “قد يتطور إلى موقف انتقامي أكثر حدة، ما قد يشعل حرباً تجارية أكثر ضرراً”.

جاءت رسوم ترمب الجديدة دون سابق إنذار، مما فاجأ المسؤولين الصينيين. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ الثلاثاء المقبل، أي قبل يوم واحد فقط من توجه الرئيس شي جين بينغ إلى المؤتمر الشعبي الوطني، وهو أهم اجتماع سياسي للحزب هذا العام، حيث سيكشف كبار المسؤولين عن خطتهم الاقتصادية لعام 2025.

ورغم أن هذه الرسوم لن تؤثر على الأرجح على أهداف النمو أو السياسة المالية لهذا العام، والتي تم تحديدها منذ أشهر، إلا أنها قد تؤدي إلى تراجع الثقة في الأسواق.

علاقة واشنطن وبكين

مع تصاعد التوترات، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ كبار المسؤولين إلى التحلي بالهدوء. ومع ذلك، لم يجرِ الرئيس الصيني أي محادثات مع ترمب منذ تنصيبه، رغم أن الأخير صرح بأنه يتوقع إجراء مكالمة بينهما هذا الشهر.

ويبدو أن بكين وواشنطن حريصتان على تجنب انهيار العلاقات الثنائية. فقد أجرى نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ محادثات مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الأسبوع الماضي، وهو ثاني اتصال رفيع المستوى بين الجانبين منذ تولي ترمب منصبه. كما أعلنت وزارة الدفاع الصينية، يوم الخميس، أن هناك محادثات مرتقبة مع الجيش الأميركي.

وفي ردها على الرسوم الجمركية الأميركية، أكدت بكين أنها تأمل في حل الخلافات عبر الحوار، ما يعكس رغبتها في التوصل إلى اتفاق.

رد الصين على الرسوم

عادة ما ترد بكين على الرسوم الجمركية بمجرد دخولها حيز التنفيذ. ففي الجولة السابقة، اتخذت إجراءات انتقامية بعد ثوانٍ فقط من تطبيق الرسوم الأميركية، تضمنت فرض رسوم إضافية، وفتح تحقيق لمكافحة الاحتكار ضد “جوجل”، وتشديد ضوابط التصدير على المعادن الحيوية، وإدراج شركتين أميركيتين في القائمة السوداء للكيانات غير الموثوقة.

وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة، قد تلجأ الصين إلى الرد في الأسبوع التالي باستخدام الأدوات نفسها، وربما تعيد فرض بعض الرسوم التي ألغتها خلال الحرب التجارية السابقة.

منذ عام 2020، علقت الحكومة الصينية العديد من الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الأميركية، إلا أن جميع هذه الإعفاءات ستنتهي يوم الجمعة. وحتى الآن، لم تعلن بكين عن أي نية لتمديدها، رغم أنها اعتادت الإعلان عن التمديدات مسبقاً.

كيف تؤثر الرسوم على اقتصاد الصين؟

يتوقع ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى لدى “مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية” (Australia & New Zealand Banking Group)، أن يكون تأثير الرسوم الإضافية على نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين محدوداً. لكنه أوضح أن ما تفعله الصين لمواجهة هذا الضرر المحتمل قد يعود بالنفع على اقتصادها.

وأضاف أن “ما هو مؤكد تماماً هو أن الصين ستعوض هذا التأثير من خلال تعزيز الاستهلاك وزيادة الاستثمار في التكنولوجيا”.

من جانبها، قالت مايفا كوزين، الاقتصادية لدى “بلومبرغ”، إن تداعيات الرسوم الجمركية الحالية والمتوقعة على الاقتصاد الصيني “يجب أن تكون قابلة للإدارة”، نظراً لأن الصادرات إلى الولايات المتحدة تزيد قليلاً عن 2% من إجمالي القيمة المضافة للاقتصاد الصيني.

وفي مذكرة يوم الجمعة، كتبت كوزان أن “الصين قد تتمكن من إيجاد أسواق جديدة لصادراتها على المدى المتوسط، رغم أن هذا قد يواجه مقاومة من بعض الشركاء التجاريين الدوليين، الذين يخشون فائض الإنتاج الصيني في بعض القطاعات”.

تصعيد عالمي ضد الصين

بدأت هذه المقاومة تتضح بشكل أكبر. فخلال الأسبوع الماضي، اتبعت كل من كوريا الجنوبية وفيتنام نهج واشنطن، وفرضتا رسوماً جمركية على منتجات الصلب الصينية في محاولة لكبح تدفق الإمدادات المتزايدة من أكبر منتج للصلب في العالم.

في الوقت نفسه، توسع إدارة ترمب حملتها ضد بكين، حيث أعلنت مؤخراً عن قيود جديدة على تدفقات الاستثمار بين البلدين، كما اقترحت فرض رسوم على الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة عبر سفن صينية الصنع. إلى جانب ذلك، تجري الإدارة الأميركية محادثات مع المكسيك لحثها على فرض رسوم جمركية على السلع الصينية.

ومن المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى ارتفاع أسعار الواردات الأميركية، حيث ستسعى الشركات الصينية إلى تمرير التكاليف الإضافية إلى العملاء الأميركيين. وقد يكون هذا التأثير أكبر مما يتوقعه الكثيرون، وفقاً لبحث جديد أجراه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والذي زعم أن البيانات الأميركية لا تعكس بدقة الحجم الفعلي للواردات الصينية.

وبحسب ميشيل لام، الخبيرة الاقتصادية لمنطقة الصين الكبرى لدى “سوسيتيه جنرال” (Societe Generale)، فإن هذا الإجراء الأميركي قد يدفع الحكومة الصينية إلى الإعلان عن حزمة تحفيزية إضافية تتراوح بين 500 مليار يوان (69 مليار دولار) إلى 700 مليار يوان لضمان تحقيق أهداف النمو الاقتصادي.

وأوضحت لام أن “هذه التطورات تزيد من احتمال اتخاذ صناع السياسات تدابير إضافية لتعويض التأثير، لكنهم قد يفضلون الانتظار لتقييم تداعيات الرسوم ومعرفة ما إذا كانت المحادثات التجارية المستقبلية مع الولايات المتحدة قد تؤدي إلى خفض هذه الرسوم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *