مخاوف ضعف الاقتصاد تعمق جراح مؤشرات وول ستريت

أغلقت مؤشرات الأسهم الأميركية عند أدنى مستوى لها في خمسة أسابيع، بينما ارتفعت السندات بشكل كبير، حيث أثارت قراءة مخيبة أخرى لآمال المستهلك الأميركي قلقاً بشأن صحة أكبر اقتصاد في العالم.
ودفع انخفاض آخر في مؤشر “ناسداك 100” خسائره على مدى أربعة أيام إلى حوالي 5%، وهي أكبر خسارة منذ أوائل سبتمبر. كما تجاوز مؤشر الشركات العملاقة “العظماء السبعة” (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، مايكروسوفت، ميتا، تسلا) انخفاضه من ذروته بنسبة 10%، متجاوزاً بذلك عتبة التصحيح.
كانت عمليات البيع أشد في أسهم المضاربة من السوق، حيث أدى انخفاض بتكوين بنسبة 6% إلى انهيار في الصناديق المتداولة المتخصصة في العملات المشفرة. ودفع ارتفاع السندات الحكومية الأميركية العوائد إلى أدنى مستوياتها في عام 2025.
تراجع ثقة المستهلكين
انخفضت ثقة المستهلك الأميركي بأكبر قدر منذ أغسطس 2021 بسبب المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية العامة. وجاءت هذه البيانات بعد خيبات أمل حديثة في قطاعات التجزئة والخدمات والإسكان.
ودفع ذلك المتداولين إلى زيادة رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، على الرغم من تزايد ضغوط التضخم.
قال كريس فيرون من “ستراتيغاس”: “يبدو أن السوق لا تزال أكثر قلقاً بشأن النمو من التضخم”.
في “براون براذرز هاريمان”، يقول إلياس حداد إن “الأعلام الحمراء بدأت تظهر”، وإن صدور بيانات ضعيف خلال الشهر أو الشهرين المقبلين، سيوجه “ضربة لرواية التفوق الأميركي”. أما كيث ليرنر من “ترويست أدفايزوري سيرفيسز”، فيرى أن الاتجاه الرئيسي الصعودي لسوق الأسهم لا يزال قائماً، وأن مخاطر الركود الاقتصادي منخفضة نسبياً، لكن المخاطر والفوائد على المدى القريب تبدو أكثر اختلاطاً.
انخفض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.5%، وتراجع “ناسداك 100” بنسبة 1.2%، بينما ارتفع مؤشر “داو جونز الصناعي” بنسبة 0.4%. وهبط مؤشر الشركات العملاقة “العظماء السبعة” بنسبة 2.25%. وخسرت شركة “إنفيديا” 2.8% قبل إعلان نتائجها.
قفزت أسهم شركة “سوبر مايكرو كمبيوتر” بعد أن استوفت الموعد النهائي لتقديم تقاريرها المالية المستحقة لاستعادة الامتثال، ما يعني البقاء في “ناسداك”.
انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس إلى 4.29%. وتتوقع أسواق المال خفضين في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة لكل خفض، من الاحتياطي الفيدرالي هذا العام. وانخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.2%.
مخاوف تباطؤ النمو
قال استراتيجيو “بيسبوك إنفستمنت”: “بدأت الأسواق فجأة في الانخفاض بسبب المخاوف من تباطؤ النمو. ألم يكن الجميع قلقين منذ أسابيع قليلة فقط بشأن نمو قوي جداً وتضخم أعلى؟. نود أن نلاحظ أيضاً أن ثلاثة من تقارير التصنيع الخمسة الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي في فبراير، كانت جميعها في منطقة النمو. لذا ليست كل الأخبار سيئة. التوقعات الاقتصادية غير مؤكدة، لكن أليست كذلك دائماً؟”.
بالنسبة لجيف روتش من “إل بي إل فاينانشال” فإن قلق المستهلكين بشأن التأثيرات المجهولة للتعريفات الجمركية المحتملة يزداد، ما قد يدفع إلى تقديم الطلب الاستهلاكي مع توقعهم لأسعار أعلى للواردات في المستقبل القريب.
وأضاف روتش أن استطلاعات المستهلكين أكثر تقلباً بكثير من البيانات الخاصة بمبيعات التجزئة، ما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي لن يغير موقفه من السياسة النقدية في الاجتماعات القليلة القادمة.
دفع ارتفاع السندات العائد لأجل 10 سنوات لفترة وجيزة إلى ما دون عائد السندات لأجل ثلاثة أشهر، مما أدى إلى انعكاس هذا الجزء من المنحنى لأول مرة منذ منتصف ديسمبر. تاريخياً، كانت الانعكاسات مؤشراً للركود الاقتصادي، على الرغم من أن الفترة الأخيرة من الانعكاس منذ أواخر 2022 لم تؤد إلى ذلك حتى الآن.
قال ديفيد راسل من “تريد ستيشن”: “ترى سوق السندات مشكلة قادمة، ولهذا ينزلق منحنى العائد نحو الانعكاس مرة أخرى”.
مؤشر التضخم المفضل للفيدرالي
قال بريت كينويل من “إي تورو”: “تواصل ثقة المستهلك التراجع عن الانتعاش المؤقت الذي شهدته بعد الانتخابات في نوفمبر. لا تزال الشكوك الاقتصادية مرتفعة، سواء كان ذلك حول التعريفات أو بيانات أكثر تركيزاً على الولايات المتحدة مثل التضخم أو مبيعات التجزئة”، مضيفاً: “لهذا السبب ستكون قراءة أسعار يوم الجمعة حاسمة”.
من المتوقع أن يهدأ مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي إلى أبطأ وتيرة منذ يونيو. ومن المحتمل أن يكون مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي -الذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة غالباً- قد ارتفع بنسبة 2.6% في السنة حتى يناير. ومن المحتمل أن يكون مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي العام قد خف أيضاً على أساس سنوي.
وقال كينويل: “يجب على المستثمرين متابعة تقرير نفقات الاستهلاك الشخصي هذا الأسبوع. ستعطي هذه التقارير دليلاً آخر حول شعور المستهلكين تجاه قوتهم الشرائية. قراءة متماشية أو أقل قد تعمل كمحفز للراحة للمستهلكين والمستثمرين على حد سواء”.
قبل ذلك، سيتعامل المتداولون مع أرباح “إنفيديا”. ستأتي هذه النتائج في لحظة حاسمة، مع تعرض الأسهم الأميركية للخطر من الناحية الفنية والمنهجية.
لم ترفض الأسهم فقط التحرك فوق أعلى مستوياتها التاريخية، بل إن السوق أيضاً في حالة ضعف تشمل ثلاثة من أكبر محركاتها، حيث تتلاشى تدفقات التجزئة، ويُقدر أن توجهات المستثمرين ستكون نحو البيع في كل سيناريو، فضلاً عن أن تدفقات الخيارات غير مواتية.
أرقام إنفيديا المرتقبة
قال استراتيجيو الخيارات في “تير 1 ألفا”: “هناك عدد أقل من الحواجز ضد التقلبات لتثبيت السوق”، وقد يكون صدور بيانات ضعيفة من “إنفيديا” المحفز “الذي نحتاجه لزيادة التقلبات بشكل كبير”.
تعد أرقام “إنفيديا” المقياس الأكثر متابعة للدلالة على انتعاش الذكاء الاصطناعي. سينظر المستثمرون أيضاً إلى علامات تشير إلى أن الشركة تنتقل بسلاسة إلى تصميمها الجديد “بلاكويل” من تشكيلة “هوبر” القديمة. وقد يتسبب هذا التحول في تباطؤ مشتريات العملاء، حتى يصبح هناك توافر أفضل للمنتجات الجديدة، وفقاً لبعض المحللين.
في تقرير أرباح “إنفيديا” يوم الأربعاء، سيتفحص المستثمرون ما إذا كانت الشركة المصنعة للرقائق تتجاوز التوقعات للأرباح والإيرادات والوحدات المباعة، كما سينصتون أيضاً باهتمام إلى ما يقوله الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ عن آفاق الشركة المستقبلية، وفقاً لماري آن بارتلز من “سانكتشواري ويلث”.
هناك “شك متزايد” بين المستثمرين حول مدى إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب في مؤشر “إس آند بي 500” في وقت تتفوق فيه الأسهم الأوروبية والصينية، وفقاً لاستراتيجي “بنك أوف أميركا” مايكل هارتنيت.
قال هارتنيت في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”: “كلما طال الوقت وكلما كان من الصعب على المؤشر الوصول إلى مستويات جديدة، زادت الشكوك”.
وأوصى الاستراتيجي بالأسهم الدولية مقارنة بنظيراتها الأميركية خلال العام الجاري، حيث يتوقع أن تتعثر الشركات العملاقة “العظماء السبعة”.
وفي حين قال إن المستثمرين بعيدون عن التشاؤم بشأن التكنولوجيا الكبرى، فإن هذه الأسهم معرضة للانخفاضات إذا لم يستمر التفاؤل بشأنها في تحقيق النجاح.