تراجع الأسهم الآسيوية مع تصاعد الضغوط الأميركية على الصين

تراجعت الأسهم الآسيوية بعدما دفعت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتقييد الاستثمارات الصينية في بلاده، والمضي قدماً في فرض التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك، المستثمرين لتقليص رهاناتهم على الأصول الخطرة. كما أثر تراجع الأسهم الأميركية في نهاية جلسة التداول على المعنويات.
انخفضت المؤشرات في هونغ كونغ والبر الصيني عند الافتتاح، كما تراجع مؤشر إقليمي للأسهم لليوم الثاني على التوالي. وهبط عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتين أساس إلى 4.4% في التداولات الآسيوية المبكرة، في حين سجل الذهب مستوى قياسياً يوم الاثنين بفعل الطلب على الملاذات الآمنة.
إنهاء موجة الصعود
تدهورت المعنويات في الأسواق بشكل عام بعد أن أصدر ترمب مذكرة تأمر لجنة حكومية رئيسية بالحد من الاستثمار الصيني في قطاعات التكنولوجيا والطاقة وقطاعات استراتيجية أميركية أخرى. يهدد هذا التطور بإلغاء موجة صعود في أسهم التكنولوجيا الصينية التي شهدت تفاؤلا بعد لقاء الرئيس شي جين بينغ مع قادة الشركات، بمن فيهم مؤسس “علي بابا” جاك ما، ما دفع مؤشراً رئيسياً إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات.
وضع ترمب خطته في مذكرة رئاسية للأمن القومي وقعها يوم الجمعة، ملتزماً باستخدام “جميع الأدوات القانونية الضرورية” لمنع الشركات التابعة للصين من الاستثمار في التكنولوجيا الأميركية، والبنية التحتية الحيوية، والرعاية الصحية، والزراعة، والطاقة، والمواد الخام، وقطاعات أخرى.
تفتح هذه التوجيهات المجال لاستخدام لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة بشكل أكثر صرامة، وهي لجنة سرية تراجع مقترحات الكيانات الأجنبية لشراء الشركات أو الممتلكات الأميركية، مما يعيق الاستثمارات الصينية.
تقليص مراكز الشراء
كتب كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة “بيبرستون” (Pepperstone Ltd)، في مذكرة: “إن توجيه ترمب للحد من الإنفاق والاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية الأميركية كان المحفز الرئيسي لتقليص مراكز الشراء الطويلة، وسينعكس ذلك على افتتاح التداول النقدي في أسهم هونغ كونغ”. مضيفاً: “العنصر الرئيسي سيكون في كيفية تصرف المتداولين في الصين وآسيا بعد الضعف الأولي”.
انخفض مؤشر الأسهم الصينية في هونغ كونغ بنسبة 2.8%، في حين تراجعت أسهم مجموعة “علي بابا” بنسبة 7.9% في تداولات هونغ كونغ. كما انخفضت إيصالات الإيداع الأميركية للشركة بنسبة 10%، وهو أكبر تراجع منذ أكتوبر 2022.
وفي اليابان، انتعشت أسهم شركات التجارة، بما في ذلك “ميتسوبيشي” و”ماروبيني”، اليوم الثلاثاء، بعد أن أعلنت “بيركشاير هاثاواي” التابعة للملياردير وارن بافيت في خطابها السنوي للمساهمين يوم السبت أنها تتطلع إلى زيادة حصتها في هذه الشركات.
في مناطق أخرى من آسيا، خفض بنك كوريا سعر إعادة الشراء لمدة سبعة أيام بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 2.75%، في خطوة متوقعة على نطاق واسع.
الانقسام مع الحلفاء
عمّق ترمب انقسام واشنطن مع حلفائها بشأن أوكرانيا، حيث سحب إدانة الولايات المتحدة لغزو روسيا عام 2022 في الأمم المتحدة وبين دول مجموعة السبع، مع سعيه لإنهاء الحرب بشروط مقبولة لموسكو.
وأكد الرئيس الأميركي أيضاً أن التعريفات الجمركية المقررة على كندا والمكسيك الشهر المقبل “في موعدها المحدد” و”تمضي بسرعة كبيرة” بعد تأخير أولي.
وقال كريس لاركين، من “إي تريد” (E Trade) التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “قد يكون هذا الأسبوع حاسماً لسوق الأسهم التي ظلت تُتداول في نطاق عرضي لأكثر من شهرين”.
في الجلسة الأميركية الأخيرة، تراجعت معظم أسهم الشركات الكبرى، حيث انخفض مؤشر “إس أند بي 500” بنسبة 0.5%، وفقد مؤشر “ناسداك 100” أكثر من 1%، بينما تأرجح مؤشر “داو جونز” الصناعي. وقبل أيام من إعلان نتائج شركة “إنفيديا”، انخفضت صفقات التحوط في أسهم “العظماء السبعة” إلى أدنى مستوى لها منذ أبريل 2023، ما أدّى إلى خسارة أسهم الشركة بنسبة 3.1%.
وبدأ المستثمرون الأميركيون تعزيز رهاناتهم على عودة التقلبات مع اقتراب إعلان أرباح شركة “إنفيديا” يوم الأربعاء، والذي قد يكون بداية سلسلة من الأحداث المتسارعة. ومرّ المؤشر القياسي الأميركي بأكثر من 30 جلسة دون تسجيل انخفاضات متتالية تتجاوز 1%.
إمكانية عودة الزخم
مارك هاكيت، من “نيشن وايد”، أشار بدوره إلى أن “السوق تتحرك بشكل عرضي، مدفوعةً بحيرة المستثمرين، وفترة توطيد طبيعية بعد المكاسب الأخيرة، وضعف موسمي في فبراير. مع ذلك، فإن الخلفية الاقتصادية الكلية القوية، والأرباح القوية، وتدفقات الصناديق الصحية تشير إلى احتمال حدوث اختراق صعودي بمجرد عودة الزخم”.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن يتباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي إلى أدنى مستوى له منذ يونيو، لكن التقدم البطيء في كبح الأسعار سيُبقي المسؤولين حذرين. ومن المقرر صدور البيانات يوم الجمعة.
ورأى كلارك بيلين، من “بيلويذر ويلث”، أنه “إذا شهدنا أرباحا استثنائية من إنفيديا وبيانات تضخم أقل من المتوقع، فقد يضيف ذلك زخماً صعودياً للأسهم”.
في أسواق السلع، ارتفع النفط قليلاً في جلسة تفتقر إلى اتجاه واضح وسط سلسلة من الشكوك الجيوسياسية، بما في ذلك محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، وإمكانية زيادة إنتاج النفط الخام العراقي. بينما ظل الذهب قرب أعلى مستوى قياسي له، حيث تجذب الصناديق المتداولة المدعومة بالمعدن الثمين اهتماماً متجدداً من المستثمرين.