الفائدة ومخاوف الرسوم تُبعد المستثمرين عن أسهم شركات البناء في أميركا

يتخلى المستثمرون عن أسهم شركات بناء المنازل في الولايات المتحدة بوتيرة قياسية مع تضرر آفاق الصناعة بفعل ارتفاع تكاليف الاقتراض، ما يشير إلى احتمال استمرار تراجع هذه الأسهم.
تضرر القطاع من التراجعات بوتيرة متسارعة. أولاً، أظهرت بيانات يوم الثلاثاء تراجع ثقة شركات البناء الأميركية في فبراير إلى أدنى مستوى في خمسة أشهر. في اليوم التالي، اكتشف المستثمرون أن وتيرة بدء بناء المنازل تباطأت في يناير.
كما أكدت نتائج الأرباح الضعيفة لشركة بناء المنازل الفاخرة “تول براذرز” (Toll Brothers) هذا الأسبوع عمق الأزمة، فأسعار الفائدة المرتفعة تدمر الطلب، في حين أن شبح ارتفاع التكاليف بسبب الرسوم الجمركية يبدد أي آمال في نمو الأرباح.
أداء ضعيف لـ”إس آند بي 500″
تُعد أسهم شركات البناء ثاني أسوأ القطاعات أداءً في “إس آند بي 500” منذ فوز دونالد ترمب في الانتخابات؛ إذ تراجعت بنسبة 24%. مع بقاء ست جلسات على انتهاء فبراير، يبدو أن الصندوق الذي يتتبع القطاع، وهو “آي شيرز يو إس هوم كونستراكشن إي تي إف” (iShares US Home Construction ETF)، يتجه نحو تسجيل أكبر تدفق شهري خارج في تاريخه. يأتي هذا الضعف بعد مكاسب قوية استمرت لعامين ارتفع خلالهما مؤشر البناء بنسبة 70% مقارنة بارتفاع “إس آند بي 500” بنسبة 53%.
قال بول نولت، استراتيجي السوق ومدير الثروات الأول في “ميرفي آند سيلفست ويلث مانجمنت” (Murphy & Sylvest Wealth Management): “إذا كنت سأتداول، فلن أخاطر بالدخول في هذا القطاع”.
تشير مراكز المستثمرين أيضاً إلى أن المتداولين يستعدون لمزيد من التراجعات على المدى القريب. وفقاً لكريستوفر ميرفي، الرئيس المشارك لاستراتيجية المشتقات في “ساسكويهانا إنترناشيونال غروب” (Susquehanna International Group)، فإن الطلب على خيارات الحماية من الخسائر في أسهم شركات البناء آخذ في الارتفاع.
تضرر المستهلكين من تكاليف المنازل
تقترب أسعار الفائدة على الرهون العقارية حالياً من 7%، في حين أن الأسعار المتوسطة للمنازل الفردية الجديدة أعلى بنسبة 30% مقارنة بديسمبر 2019. أدى هذان العاملان بالفعل إلى تضرر قدرة المستهلكين على تحمل تكاليف السكن. إضافة إلى ذلك، فإن احتمال فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، ورسوم بنسبة 10% على السلع الصينية، يهدد بزيادة أسعار مواد البناء.
وفقاً لـ”الرابطة الوطنية لبناة المنازل” (National Association of Home Builders)، فإن نحو 32% من الأجهزة المنزلية و30% من الأخشاب اللينة تأتي من التجارة الدولية.
قال دينيس ديبوشير من شركة “22V Research”: “لا تزال القدرة على تحمل التكاليف مقيدة”، مضيفاً في مذكرة للعملاء يوم الخميس: “معظم الانخفاض في القدرة على تحمل تكاليف السكن جاء من ارتفاع أسعار المنازل”، أشار إلى أن انخفاض أسعار الفائدة على الرهون العقارية إلى 6% سيكون له تأثير محدود على القدرة الشرائية.
بالتالي، قال ديبوشير: “على المدى القصير، يبدو أن نشاط الإسكان يميل إلى الاستقرار أو التراجع”.
تقييمات أسهم شركات البناء أرخص
لكن من ناحية أخرى، أصبحت تقييمات أسهم شركات البناء أرخص. انخفضت نسبة السعر إلى القيمة الدفترية في القطاع إلى ما دون متوسطها طويل الأجل، ما يشير إلى أن هناك “نقطة دخول جيدة للاستثمار بدعم من عوامل إيجابية محفزة على المدى الطويل” خلال 12 شهراً أو أكثر، بحسب ديبوشير. يُتداول المؤشر حالياً عند 1.8 ضعف قيمته الدفترية السنوية، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”، مقارنةً بـ5.3 أضعاف لمؤشر “إس آند بي 500”.
على المدى الطويل، يتوقع ديبوشير أن يكتسب قطاع الإسكان زخماً، مشيراً إلى أن الفجوة بين معدل ملكية المنازل الحالي ومتوسطه طويل الأجل تشير إلى نقص بنحو 3 ملايين منزل.
في غضون ذلك، يشير خبراء التحليل الفني، الذين يدرسون أنماط التداول لتقييم مسار الأصول، إلى إشارات هبوطية ناشئة تنذر بمزيد من المتاعب في المستقبل.
أدى الانخفاض هذا الأسبوع في صندوق “آي شيرز” للبناء إلى دفعه لفترة وجيزة إلى ما دون خطوط الاتجاه المراقبة عن كثب، ما قد يشير إلى خسائر أعمق.
قال مات مالي، كبير استراتيجيي السوق في “ميلر تاباك+كو” (Miller Tabak + Co): “الانخفاض إلى ما دون أدنى مستويات الصيف الماضي عند حوالي 97.5 دولار سيؤكد حدوث الانهيار”، مضيفاً أن “شركات البناء تعد مؤشراً مهماً للاقتصاد. لذلك، إذا ضعف هذا القطاع، فإنه يؤدي إلى ضعف في قطاعات أخرى من الاقتصاد”.