اخر الاخبار

تعافي إنتاج النفط في نيجيريا يختبر التزامها بتخفيضات “أوبك+”

ساعد تحسن الأوضاع الأمنية في نيجيريا على تعافي إنتاج النفط بعد سنوات من التراجع، ما يضع حكومة أكبر بلد أفريقي منتج للخام أمام معضلة صعبة.

تعاني المالية العامة لنيجيريا من ضغوط شديدة، وتحتاج بشدة إلى الإيرادات الإضافية التي ستنتج عن زيادة صادرات النفط. ومع ذلك، تواجه البلاد أيضاً ضغوطاً للالتزام بحصص الإنتاج التي حددها تحالف “أوبك+”، والتي ساهمت في الحفاظ على أسعار النفط العالمية فوق 70 دولاراً للبرميل.

ويتوقع محللون أن يواصل إنتاج نيجيريا النمو خلال هذا العام، مما قد يؤدي إلى نقاش محتمل مع “أوبك+” بشأن الحصة المخصصة للبلاد.

وقال غبينغا كومولافي، الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم البترول في نيجيريا، في مقابلة: “تنصب جهودنا حالياً على زيادة الإنتاج لتحقيق الأهداف المالية في الميزانية، وبعد ذلك سنبدأ بالتفاوض مع أوبك لرفع حصتنا الوطنية”.

اقرأ المزيد: نيجيريا تتوقع ارتفاع إنتاج النفط 30% نهاية العام بدعم صفقات جديدة

سجل إنتاج النفط الشهر الماضي 1.48 مليون برميل يومياً، وفقاً لتقرير الهيئة. ويعد هذا الإنتاج أقل قليلاً من الحصة التي حددها “أوبك+” لنيجيريا والبالغة 1.5 مليون برميل يومياً، كما يعتبر تحولاً كبيراً مقارنة بالحد الأدنى الذي وصل إليه الإنتاج عند 1.1 مليون برميل يومياً خلال 2022، عندما كانت الشركات الكبرى تبيع أصولها، وكانت خطوط الأنابيب تتوقف عن العمل بسبب السرقات وأعمال التخريب.

ساهمت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتحسين الأمن وجذب الاستثمارات في الوصول إلى هذه النقطة، ويُتوقع أن يبلغ الإنتاج مليوني برميل يومياً، ما سيكون أعلى مستوى خلال عقد، رغم أن معظم المحللين يتوقعون زيادة بقدر أقل.








توقعات المحللين قصيرة الأجل لإنتاج نيجيريا من النفط مليون برميل/يومياً
ويلغنس بين 1.85 و1.78
رينيسانس كابيتال  بين 1.6 و1.5
وود ماكينزي بين 1.6 و1.5
ريستاد إنرجي بين 1.35 و1.42

تدين نيجيريا بجزء كبير من تعافيها إلى المبادرات الأمنية التي وضعتها قبل عدة سنوات لمكافحة السرقة وأعمال التخريب، والتي استهدفت بشكل رئيسي شبكة خطوط الأنابيب الممتدة عبر دلتا نهر النيجر.

تدهور الأوضاع الأمنية

في عام 2022، تدهورت الأوضاع الأمنية إلى درجة أن خط أنابيب “ترانس-نيجر”، الذي تبلغ طاقته للنقل 180 ألف برميل يومياً، تعرض لسرقات غير قانونية في حوالي 150 موقعاً، ما يعني أن المنتجين تلقوا جزءاً صغيراً فقط من الكميات التي ضخوها عبر الخط.

شركة النفط الوطنية النيجيرية المملوكة للدولة أنشأت مركزاً لمراقبة الإنتاج يعمل على تتبع أنشطة جميع المشغلين في الوقت الفعلي، وذلك لدعم التدابير الميدانية الرامية إلى تقليل الجريمة، وتعزيز التواصل مع المجتمعات المحلية، وفقاً لما ذكره منصور محمد، رئيس أبحاث النفط في غرب إفريقيا لدى شركة “وود ماكينزي”.

اقرأ المزيد: مصفاة “دانغوتي” في نيجيريا تكافح للحصول على الخام المحلي

قال إفياني أونيغيري، كبير المحللين في شركة “ويلجنس”: “هذه التدابير بدأت تؤتي ثمارها، رغم أنها تأتي بتكلفة كبيرة”. وأضاف: “نيجيريا قد تكون قادرة على التفاوض لزيادة حصتها مع أوبك، إذا استطاعت إثبات قدرتها على الحفاظ على الإنتاج”.

على الرغم من هذه التحسينات، لا تزال نيجيريا تواجه منذ عقود مشكلة سرقة النفط وأعمال التخريب، مما يدعو إلى الحذر بشأن ما إذا كانت التحسينات الأخيرة ستستمر.

وحتى يتم إثبات فعالية التدابير الأمنية في جميع أنحاء شبكة أنابيب دلتا النيجر الشاسعة، من المتوقع أن يكون متوسط الإنتاج الشهري حوالي 1.4 مليون برميل يومياً، بحسب براناف جوشي، المحلل في “ريستاد إنرجي” (Rystad Energy).

وقال جوشي: “التحدي الأساسي هو: هل يمكنهم حل مشكلة التخريب بشكل مستدام؟”.

المنتجون المحليون

أشار ديبو أوغونبيي، محلل الطاقة في “رينيسانس كابيتال أفريقيا” (Renaissance Capital Africa) أنه في حين ترجع الزيادة الأخيرة في الإنتاج “بصورة كبيرة للتحسن الأمني، إلا أن “الاستثمارات الكبيرة من قبل شركات التشغيل” كان لها تأثير ملموس أيضاً. 

بعد أن باعت شركات دولية مثل “إكسون موبيل” و”إكوينور” العديد من أصولها في الدولة الواقعة غرب أفريقيا، أصبحت نسبة أكبر من الإنتاج تحت إدارة وتشغيل شركات مملوكة لنيجيريين. ولفت غبينغا كومولافي من لجنة تنظيم أنشطة استكشاف وإنتاج البترول إلى أن عمليات التنقيب تضاعفت أكثر من 3 مرات خلال 4 سنوات.

اقرأ المزيد: نيجيريا تقترب من إقرار بيع أصول “إكسون” إلى “سيبلات”

من جانبها، تخطط شركة “سيبلات إنرجي”( Seplat Energy) -التي تأسست 2009 من خلال اندماج شركتين مملوكتين لرجلي الأعمال النيجيريين أمبروسي براينت أوجياكو وأوستن أفورو- لمضاعفة إنتاجها إلى أكثر من 120 ألف برميل يومياً خلال الأشهر الستة المقبلة، بعد إتمام شراء أصول النفط والغاز البرية التابعة لشركة “إكسون”. أشار الرئيس التنفيذي روجر براون الشهر الماضي إلى إمكانية تجاوز الإنتاج حاجز 200 ألف برميل يومياً.

وأوضحت الشركة في ردها على استفسارات أن “هناك فرصاً كبيرة أمام شركات أصغر وأكثر كفاءة وتركيزاً، مثل (سيبلات)، لاستخراج قيمة وإنتاج أكبر بطريقة آمنة”.

أما شركة الإنتاج “أوندو” (Oando)، التي يترأسها رجل الأعمال النيجيري والي تينوبو واستحوذت على أصول من عدة شركات نفط كبرى، فتتوقع تعزيز إنتاج النفط الخام إلى 100 ألف برميل يومياً، من 40 ألف برميل يومياً، “خلال السنوات القليلة المقبلة”، وفقاً لأليكس إيرون، المدير العام لشركة “أوندو إنرجي ريسورسز” (Oando Energy Resources)، في رد على استفسارات.

وأكد إيرون أن “نيجيريا تملك من السعة احتياطية والموارد الطبيعية ما يؤهلها لإنتاج مليوني برميل يومياً، بل وأكثر من ذلك”.

العلاقات مع “أوبك+”

يبقى معرفة تأثير هذه الطموحات على العلاقات مع “أوبك+”. قررت أنغولا، وهي دولة أفريقية منتجة للنفط أيضاً، إلى الاانسحاب من المنظمة خلال ديسمبر 2023، بعد اعتراضها على سقف الإنتاج. وحصلت الإمارات بعد 6 أشهر، على حصة أعلى تعكس زيادة سعتها الإنتاجية.

بالنسبة لنيجيريا، كما هو الحال مع بعض الدول الأخرى التي تجاوزت حصص الإنتاج في التكتل مثل العراق وكازاخستان، قد تكون المكاسب المالية قصيرة المدى من زيادة الإنتاج أكثر جاذبية من الالتزام التام بمعايير “أوبك+”.

نوه أوغونبيي إلى أنه “بالنظر إلى الوضع المالي الحالي للبلاد، هناك حافز كبير لزيادة الإنتاج عن حصة أوبك، إذ أن أي إيرادات إضافية قد تؤثر مباشرة على عجز الموازنة”.

واختتم متوقعاً أن تحاول نيجيريا إعادة التفاوض على سقف إنتاجها إذا كانت مؤهلة لذلك من حيث السعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *