سوق سندات الكوارث تقترب من 50 مليار دولار بعد إصدارات قياسية
بلغ إصدار سندات الكوارث مستوى قياسياً العام الجاري، ما رفع السوق الإجمالية إلى ما يقارب 50 مليار دولار، مع نقل شركات التأمين المزيد من المخاطر الناتجة عن كوارث المناخ باهظة التكلفة لمستثمرين بالقطاع الخاص.
حققت مبيعات السندات المخصصة للتغطية التأمينية الإضافية للعواصف الكبرى والزلازل وغيرها من الأحداث 17.7 مليار دولار، بزيادة 7% عن الرقم القياسي السابق المسجل العام الماضي، وفق شركة “أرتميس” (Artemis) التي تتابع سوق الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين. تشمل هذه الأرقام المخاطر السيبرانية والمعاملات الخاصة.
نمو سوق سندات الكوارث
ذكرت تانجا وروش، رئيسة إدارة محافظ سندات الكوارث في شركة “تويلف كابيتال” (Twelve Capital) التي يقع مقرها في زيورخ: “شهدت سوق سندات الكوارث عاماً آخر من النمو القوي. تشكل الأسواق الأكبر والأكثر تنوعاً والأوسع المفتاح لنجاح واستدامة حلول واستراتيجيات الاستثمار في سندات الكوارث”.
توفر سندات الكوارث عوائد للمشترين مقابل تحمل مخاطر سوق التأمين المرتبطة بالكوارث الطبيعية. إذا وقع حدث محدد سلفاً، يمكن أن يتكبد حاملو السندات خسائر كبيرة، وإذا لم يحدث، يمكنهم تحقيق عوائد تفوق 10%.
أصبحت شركات التأمين والجهات الأخرى أكثر رغبة في إصدار سندات الكوارث، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع معدلات التضخم، ما جعل إعادة بناء الممتلكات التي دمرتها العواصف والكوارث الأخرى أكثر تكلفة. في الوقت نفسه، ارتفعت الخسائر المؤمن عليها مع اشتداد الظواهر الجوية بسبب تغير المناخ.
خلال الشهر الجاري، أبرمت شركة “أولستيت” (Allstate) ثاني أكبر صفقة سندات كوارث في تاريخها، إذ حصلت على حماية إعادة تأمين بقيمة 650 مليون دولار ضد العواصف وحرائق الغابات والكوارث الطبيعية الأخرى. وكانت الصفقة أكبر بنسبة 86% من الهدف الأولي، وفق “أرتميس”.
عوائد مرتفعة من سندات الكوارث
تواصل سندات الكوارث تقديم عوائد أعلى من العديد من الأصول ذات الدخل الثابت. من المتوقع أن تصل عوائد المستثمرين العام الحالي إلى 16%، مقارنة بالرقم القياسي البالغ 20% خلال 2023.
يتكون العائد على سند الكوارث من فروق العائد على المخاطر، بالإضافة إلى أسعار الفائدة لصناديق أسواق المال القائمة. استفاد المستثمرون من كل من فروق العائد على المخاطر الجذابة وارتفاع عائدات صناديق أسواق المال بنسبة تتراوح بين 4.5% و5%، مقارنة بـ 0.25% أو أقل خلال فترة وباء كورونا.
شهدت فروق العائد على المخاطر تقلبات كبيرة خلال 2024، ويرجع ذلك جزئياً إلى التغيرات المفاجئة في وفرة رأس المال أو ندرته. بينت وروش أن هذه الديناميكية السوقية تزداد أهمية مقارنة بأسس المخاطر المرتبطة بالعوامل الأساسية.
تتوقع “تويلف كابيتال” أن تتراوح فروق العائد على المخاطر بين 5% و7% العام المقبل، بعد أن بلغت 8.4% خلال 2024، وفق بيانات “أرتميس”.
أشارت وروش إلى أن مستثمري سندات الكوارث “يمكنهم توقع عوائد إجمالية تتراوح بين أرقام مرتفعة قريبة من 10% أو تتجاوز ذلك بقليل خلال 2025. ويتوقع محللون في “بلينوم إنفستمنتس” (Plenum Investments)، وهي شركة أخرى تستثمر في سندات الكوارث يقع مقرها في زيورخ، تحقيق مكاسب مشابهة.
سندات خسائر الأحداث المجمعة
صُممت سندات الكوارث لتكون بمثابة آلية لامتصاص صدمات للأحداث النادرة لكنها مدمرة للغاية والمتعلقة بكوارث الأحوال الجوية. في الوقت الحالي، تسعى شركات التأمين بشكل متزايد إلى استخدام هذه الأوراق المالية لدعم الخسائر المتنامية الناجمة عن مخاطر أقل شدة ولكنها أكثر تكراراً مثل حرائق الغابات والعواصف الرعدية. ربما يكون لهذه الأحداث تأثير محدود بشكل فردي، لكنها قد تتسبب في خسائر كبيرة لمجمل الأحداث.
رغم تحسن النماذج العلمية التي تستند إليها المخاطر الثانوية، إلا أنها ليست موثوقة بنفس درجة نماذج الزلازل أو الأعاصير. يجعل هذا من الصعب حساب المخاطر. يبقى أن نرى ما إذا كان مستثمرو سندات الكوارث سيكونون على استعداد للمراهنة على السندات التي تشمل خسائر الأحداث المجمعة، بدلاً من السندات المتعلقة بأحداث فردية مثل إعصار في فلوريدا.
اختتمت وروش: “ما زلنا نرى أن المستثمرين يفضلون بصورة أقوى الهياكل القائمة على الأحداث الفردية. وهذا صحيح قطعاً بالنسبة لنا”.