مهرجان البحر الأحمر يعكس طموحات وتحديات صناعة السينما السعودية
قبل بضع سنوات، بدأت المملكة العربية السعودية في لفت انتباه صناعة الترفيه العالمية، حيث استثمرت مليارات الدولارات في رياضة الغولف وألعاب الفيديو، وبدأت في بناء مدينة مستقبلية بقيمة 1.5 تريليون دولار قد تصبح مركزاً للإنتاج السينمائي حول العالم.
اجتمع عشرات من نجوم هوليوود وصناع السينما من مختلف أنحاء العالم، في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي أنهى فعالياته السبت الماضي في جدة، لاستكشاف إمكانات التعاون مع السعودية، في ظل دعم حكومي سخي وبيئة تتجه نحو الانفتاح، وفق بلومبرغ.
مهرجان البحر الأحمر: نافذة على طموحات السعودية
وسط حضور لافت لنجوم السينما وصناع الأفلام من هوليوود والعالم العربي، برزت السعودية كوجهة استثمارية مغرية في قطاع الإعلام والترفيه. فحفل الافتتاح، الذي شهد تكريم النجمين فين ديزل وإيميلي بلانت، عكس الزخم الذي يحيط بطموحات المملكة، بينما شاركت شخصيات بارزة مثل سبايك لي وميني درايفر في لجان التحكيم، وفق تقرير الوكالة.
كما يعتزم “صندوق البحر الأحمر للأفلام” دعم المشاريع الآسيوية بدءاً من عام 2025، ليضيف بذلك بعداً جديداً لاستراتيجيته التي نجحت في دعم أكثر من 250 فيلماً من الوطن العربي وأفريقيا منذ تأسيسه.
وكشف مدير الصندوق، عماد إسكندر، في مقابلة مع “الشرق”، أن الصندوق يستهدف تقديم الدعم للأفلام الفنية والتجارية على حد سواء، مع التركيز على كون الصندوق شريكاً إنتاجياً يعزز صناعة السينما محلياً ودولياً.
السعودية.. هوليوود جديدة
يصف العديد من الخبراء المرحلة الحالية لصناعة السينما السعودية بأنها أشبه بـ”هوليوود في عشرينيات القرن الماضي، أو كوريا الجنوبية في بداية التسعينيات” حسبما صرحوا لبلومبرغ.
و”بينما اعتمدت وول ستريت ووادي السيليكون وبعض قطاعات هوليوود على التمويل الخليجي لفترة من الزمن، برزت السعودية خلال السنوات القليلة الماضية كمركز للتمويل والإنتاج. استثمر صندوق الاستثمارات العامة المدعوم من الدولة بالفعل مليارات الدولارات في ألعاب الفيديو والرياضة، وتقدم المملكة الآن حوافز سخية، بما في ذلك استرداد يصل إلى حوالي 40% من تكاليف التصوير داخل السعودية”، وفق تقرير الوكالة.
تحديات صناعة السينما في المملكة
رغم هذا الزخم الكبير، تواجه السعودية تحديات كبيرة في طريقها لتحقيق طموحاتها السينمائية، ومن ذلك ضعف البنية التحتية المتكاملة للتصوير السينمائي، ونقص الكوادر المحلية المدربة، بجانب قيود اجتماعية تضعها في منافسة صعبة مع الوجهات السينمائية الأخرى.
والسعودية ليست الأولى في هذا المسعى، إذ تكرر ما حدث مع الصين قبل 15 عاماً عندما استقطبت هوليوود لتطوير صناعتها الخاصة. ولكن “على عكس الصين، فإن دول الخليج، بما فيها السعودية، تبدو أكثر انفتاحاً على التعاون الدولي، مع التركيز على بناء هوية سينمائية محلية”، وفق بلومبرغ.
دعم الجهود السعودية المحلية
ترغب مؤسسة البحر الأحمر السينمائية في الاستثمار في مشاريع وشركات تهتم بتطوير الصناعة المحلية. وقام كل من النجمين السينمائيين جوني ديب وغاي ريتشي بتصوير أكثر من مشروع في المملكة وتعهدا بالعودة. كما أن بعض المشاهير والمسؤولين التنفيذيين الذين حضروا الفعالية هذا العام طلبوا بشكل خاص الاجتماع مع صانعي الأفلام الناشئين.
وتبلغ ميزانية صندوق البحر الأحمر للأفلام 14 مليون دولار، ويعمل عبر أربع دورات، بما في ذلك المشاريع في مراحل التطوير والإنتاج وما بعد الإنتاج، ويُعد الأكبر من نوعه في مجال تمويل الأفلام العربية والأفريقية. ويركز الصندوق على استقطاب صانعي الأفلام والمواهب الواعدة، بهدف تحفيز انطلاقة جديدة للأفلام في المنطقة، سواء كانت وثائقية، أو خيالية، أو رسوماً متحركة قصيرة وطويلة.
وأشارت بلومبرغ إلى أنه في ظل الدعم الكبير من صندوق الاستثمارات العامة ورؤية 2030، يبدو أن السعودية مصممة على أن تكون “الموطن الجديد للسينما”، لكن تحقيق هذا الطموح يعتمد على قدرتها على معالجة التحديات الحالية وبناء نظام مستدام يدعم الإنتاج المحلي والعالمي.