صعود الدولار بسبب سياسات ترمب له جانب إيجابي في أوروبا
يقدم احتمال ارتفاع الدولار بصيص أمل لبعض الشركات الكبرى في أوروبا، خاصة تلك التي تعتمد على التصدير، وسط النظرة المستقبلية الضبابية الناجمة عن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
في حين يُتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية المحتمل تطبيقها خلال فترة ترمب الثانية إلى التأثير على الأسهم الإقليمية، فقد تستفيد بعض الشركات من قوة الدولار، مثل شركة الأدوية “روش هولدينغ” (Roche Holding)، والشركة الصناعية “أشتيد غروب” (Ashtead Group). وتحصل الشركتان على 46% و86% من إيراداتهما بالدولار، على التوالي، حسب بيانات جمعتها “بلومبرغ”.
ارتفعت مجموعة من أسهم الشركات الأوروبية التي تحقق إيرادات مرتفعة من الولايات المتحدة، ضمن محفظة استثمارية تابعة لمجموعة “غولدمان ساكس” أمس الأربعاء، وتفوقت على مؤشر “ستوكس يوروب 600” (Stoxx Europe 600)، حيث وصل الدولار إلى أعلى مستوى له في عام بناءً على توقعات بأن سياسات ترمب قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم.
فوائد الدولار القوي
قال كريستوف بوتشر، كبير مسؤولي الاستثمار في “إيه بي إن أمرو انفستمنت سولوشنز” (ABN Amro Investment Solutions): “سيعزز الدولار القوي هوامش أرباح شركات التصدير الأوروبية، وقدرتها التنافسية على المستوى العالمي”.
وبشكل عام، تحقق شركات “ستوكس 600” نسبة 25% من إيراداتها الكلية من الولايات المتحدة، وفقاً للمحللين لدى “غولدمان ساكس”، وتشمل القطاعات الأكثر استفادة من السوق الأميركية كل من الإعلام والرعاية الصحية والأغذية والمشروبات وصناعة التبغ. وتراجع المؤشر عن مستواه القياسي بعدما خيب موسم أرباح الربع الثالث الآمال.
في حين تُظهر البيانات التي جمعتها “بلومبرغ إنتلجينس” أن شركات أوروبية ضمن مؤشر “إم إس سي آي” حققت زيادة في الأرباح بنسبة 3.4%، وهي أفضل من المتوقع، إلا أن مؤشر “ستوكس 600” انخفض بنحو 4% من مستوى الذروة الذي وصل إليه في سبتمبر.
وزادت مقترحات ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على بعض السلع الأجنبية من حالة التشاؤم لدى المستثمرين. تراجعت أسهم شركات صناعة السيارات الألمانية-من بين الفئات الأكثر عرضة للتعريفات المحتملة- أمس الأربعاء قبل أن ترتفع مرة أخرى يوم الخميس.
تأثير تقلبات العملات
في حين فقد الدولار بعض مكاسبه يوم الخميس، لكن هذه التحركات تُبرز تأثير تقلبات العملات، وهي واحدة من السمات البارزة خلال موسم الأرباح الحالي.
حذرت شركات مثل التي تصنع السلع الفاخرة “إل في إم إتش”( LVMH) و”امبريال براندز”( Imperial Brands) العاملة في مجال التبغ و “هينيس آند موريتز” ( Hennes & Mauritz) السويدية لتجارة التجزئة، من تأثير تقلبات أسعار العملات على أعمالها.
لكن إيمانويل كو المحلل لدى مصرف “باركليز” يتوقع أن الشركات الأوروبية التي تحقق أرباحاً بالدولار، بالإضافة إلى القطاعات التي تعتمد على الطلب من المستهلكين الأميركيين، ستستفيد بشكل كبير في الفترة القادمة.
تعتمد مجموعة من أسهم الشركات الإقليمية التي اختارتها “غولدمان ساكس”، بشكل كبير على السوق الأميركية، وتحقق 55% من إيراداتها من الولايات المتحدة.
تشمل تلك المجموعة أسهم شركات مثل “يو سي سي” (UCB) العاملة في مجال التكنولوجيا الحيوية، وشركتي الرعاية الصحية “سانوفي” (Sanofi) و “روش” وشركتين تعملان في المجال الصناعي وهما “سي أر اتش” (CRH) و”أشتيد” وأسهم الشركات الموجهة للمستهلك مثل “أهولد ديلهايزي” (Ahold Delhaize) و”انتركونتيننتال هوتيلز غروب” (InterContinental Hotels Group) و” بريتيش اميركان توباكو” (British American Tobacco).
تُظهر البيانات التي جمعتها “بلومبرغ” أن أرباح الشركات المدرجة في المؤشر ترتبط بشكل وثيق بتحركات الدولار.
مع ذلك، ما زال المشاركون في السوق يتوقعون أن تتفوق الأسهم الأميركية على الأوروبية من حيث أسعار الأسهم ونمو الأرباح، إذ تستعد البلاد لتطبيق سياسات “أميركا أولاً” لترمب، التي تتضمن إعادة الإنتاج إلى داخل الولايات المتحدة وخفض الضرائب على الشركات.
تُظهر البيانات التي جمعتها “بلومبرغ إنتلجينس” أن المحللين يتوقعون ارتفاع أرباح مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 13% في 2025، بينما من المتوقع أن ترتفع أرباح “ستوكس 600” بنسبة 8%.
قال أولريش أوربان، رئيس استراتيجية الأصول المتعددة والأبحاث في “بيرينبرغ”(Berenberg): “ليست جميع الصناعات التصديرية متساوية-فبعضها، مثل صناعة السيارات، لديها مشكلات هيكلية، بينما قد تستفيد أخرى مثل صناعة أشباه الموصلات من دعم أسعار الصرف”. و”لكن التهديد بفرض تعريفات يزيد الأمور تعقيداً، ولهذا السبب سيلجأ العديد من المستثمرين إلى الصناعات مثل البنوك وشركات التأمين”.