القطاع الخاص يخطو نحو الاستثمار بشحن سيارات الكهرباء في السعودية
أبدت شركات عالمية عدّة عزمها ضخ استثمارات ضخمة بقطاع السيارات الكهربائية في السعودية، لإنشاء محطات شحن ومراكز خدمة وصيانة، كما أفصح رؤساء 5 شركات عالمية ومحلية في مقابلات مع “الشرق” خلال فعاليات معرض السيارات الكهربائية الذي نُظم في الرياض مؤخراً، وسط توقعاتٍ بوصول عدد المركبات التي تعمل بالبطاريات في المملكة إلى 400 ألف بحلول عام 2030.
يواجه قطاع السيارات الكهربائية تحدياً أساسياً في السعودية يتمثل في نقص نقاط الشحن ومراكز الخدمة، في وقتٍ تطمح السلطات، أُسوةً بمعظم الدول المتقدمة، لزيادة الاعتماد على هذه السيارات لخفض الانبعاثات. ووفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، فإن عدد السيارات الكهربائية التي تم استيرادها في السعودية خلال 2023 لم يتجاوز 779 مركبة، ولا يزيد عدد محطات الشحن حالياً في العاصمة الرياض عن 8 محطات، ويصل في المملكة كلها إلى 20 محطة فقط.
قفزة متوقعة
هذه الأرقام المتواضعة لم تمنع شركة “بي دبليو سي” (PWC) من أن ترى في سوق المملكة فرصة هائلة للاستثمار بالمنظومة المتكاملة للسيارات الكهربائية، وهو ما يفسره هيكو سيتز، المسؤول عن القطاع في شركة الاستشارات العالمية، بأن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة السعودي المتوقعة ستُحدث قفزات بوتيرة سريعة في عدد السيارات الكهربائية التي ستسير على طرقات البلاد. موضحاً لـ”الشرق” أن الصندوق وشركاته التابعة سيضخون من الآن وحتى عام 2030 ما يناهز 35 مليار دولار “لتطوير هذه الصناعة الجديدة بالكامل”. وسيخصص 50% تقريباً من هذا المبلغ لتصنيع السيارات الكهربائية، و25% للبطاريات، والنسبة المتبقية ستخصص للرقائق وقطع الغيار، على حد قوله.
كان الرئيس التنفيذي لشركة “إيفيك” محمد القزاز أفاد بمقابلة سابقة مع “الشرق” أنه عندما بدأت حكومة المملكة وضع الخطط المتعلقة بقطاع المركبات الكهربائية، وجدت أن مستويات تشييد البنى التحتية الملائمة عالمياً، غالباً ما تكون متأخرة عن مستويات تبني السيارات الكهربائية، نظراً لارتفاع كلفتها الرأسمالية. ويتجلى هذا الأمر بأن عدد المحطات المتوفرة للمستخدمين على نطاق واسع، وخاصة محطات الشحن السريع، تقل بكثير عن تلبية احتياجات المركبات الكهربائية التي تسير على الطرق في معظم البلدان.
ويتوقع سيتز، من “بي دبليو سي ” أنه بحلول 2030 ستشكل مبيعات السيارات التي تعمل بالبطاريات الكهربائية بالكامل حصة 30% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة، على ان تصل النسبة عام 2035 إلى أكثر من 60%.
هذه الأرقام تقترب من تقديرات كاليانا سيفاجنانام، الرئيس التنفيذي لمجموعة “بترومين”، الذي رجح أن تتراوح نسبة السيارت الكهربائية بين 35% إلى 40% من المركبات المباعة في المملكة سنة 2030، بما يقفز بعددها إلى ما بين 350 ألفاً و400 ألف سيارة عاملة بالبطارية، من إجمالي مليون سيارة جديدة يتم استيراها إلى السوق السعودية سنوياً.
وأطلق صندوق الاستثمارات العامة مع الشركة السعودية للكهرباء، في شهر نوفمبر من العام الماضي، شركة “إيفيك” التي تستهدف إنشاء شبكة من نقاط الشحن السريع، يصل عددها إلى 5 آلاف شاحن للسيارات الكهربائية بحلول 2030، موزعة على أكثر من ألف محطة في المملكة.
استثمارات جديدة
تراهن شركة “إلكترومين” على نمو سوق السيارات الكهربائية في السعودية، وتخطط لامتلاك وإدارة أكثر من 200 محطة شحن بنهاية العقد الحالي، بحسب رئيسها التنفيذي مارك نوكتن لـ”الشرق”، موضحاً أن الشركة تقدم حلولاً متكاملة لهذا القطاع؛ فهي تبيع أجهزة الشحن، وفي الوقت عينه تدير شبكتها الخاصة لمراكز الشحن، وتنفذ عمليات صيانة لنقاط الشحن، فضلاً عن بيع السيارات الكهربائية مباشرةً للركاب.
نوكتن كشف أن الشركة، باعتبارها وكيلاً لسيارات “فولفو” الكهربائية، ستبدأ في فبراير المقبل بيع طرازاتها في سوق المملكة، بالإضافة لتوزيع ثلاث علامات تجارية للمركبات الكهربائية، هي: “نافيا”، الحافلة ذاتية القيادة، و”كوانترون”، وهي علامة تجارية ألمانية للسيارات الكهربائية التجارية، و”تام”، وهي علامة تجارية سلوفينية؛ “بموازاة العمل على نشر تجهيزات البنية التحتية في كافة المدن الكبرى”.
إلى الاستيراد، تعمل المملكة على إرساء صناعة سيارات كهربائية محلية متقدمة. حيت افتتحت “لوسيد”، المملوكة بأغلبها للصندوق السيادي السعودي، قبل حوالي عام، أول مصنع لتجميع السيارات في السعودية، يستهدف أن تصل طاقته الإنتاجية إلى 155 ألف مركبة سنوياً. وتخطط الشركة للوصول لمرحلة التصنيع الكامل للسيارات الكهربائية في منشأتها السعودية.
كما تم، في نوفمبر 2022، إطلاق شركة “سير” كأول علامة تجارية محلية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة. وبدأت الأعمال الإنشائية لمصنعها في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية أواخر العام نفسه.
أولى الخطوات
يكشف الرئيس التنفيذي لمجموعة “بترومين” لـ”الشرق” أنه “تم بالفعل إنشاء سلسلة من محطات الخدمة المخصصة للسيارات الكهربائية، بلغ عددها 12 محطة، وسيصل إلى 40 خلال عامين، وجاري التوسع في تأسيس شبكة من نقاط شواحن التيار المتردد”.
أما شركة “الشريف لحلول التنقل الكهربائي”، فأعلنت على لسان رئيسها التنفيذي محمد المساوي، بمقابلة مع “الشرق”، أنها باشرت باستثمار 50 مليون ريال كمرحلة أولى لبناء 100 محطة شحن سريع في أرجاءالمملكة بالتعاون مع شركات أُخرى، مفصحاً عن الانتهاء بالفعل من تركيب 20 نقطة شحن سيبدأ تشغيلها خلال أسابيع قليلة.
المساوي أشار إلى أن شركته أبرمت أيضاً اتفاقات مع عدد من المراكز التجارية ومحطات الوقود للتوسع في تشغيل نقاط شحن جديدة، متوقعاً أن ترتفع استثمارات “الشريف” في هذا النشاط إلى 150 مليون ريال.
بدورها، تخطط شركة “نقطة تحول للطاقة المتجددة” للتوسع في نشر الشواحن السريعة خلال الربع الأخير من العام، كما صرح رئيسها التنفيذي فهد نواف آل سعود لـ”الشرق”، مضيفاً: “لقد دخلنا في عدّة شراكات بالفعل لتحقيق مستهدفنا”.
وفي حين أفاد أن شركته تستحوذ حالياً على حصة تتجاوز 60% من مبيعات الشواحن المنزلية في المملكة، أكد أن خطط “نقطة تحول” للتوسع في الاستثمار “تستند إلى توقعاتنا بأن تكون 30% على الأقل من المركبات الجديدة المبيعة في السوق السعودية عام 2030 مركبات كهربائية”.