الاسواق العالمية

كيف يمكن لدعم كامالا هاريس لضبط الأسعار أن يؤثر على التضخم

في الأسبوع الماضي، قبل أن تقبل ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئيس، أعربت نائبة الرئيس كامالا هاريس عن دعمها لمقترحات الرئيس جو بايدن الضريبية لعام 2025، والتي تتضمن معدلًا مرتفعًا بنسبة 44.6٪ على مكاسب رأس المال وضريبة غير مسبوقة بنسبة 25٪ على غير محقق مكاسب.

لقد تحدثت من قبل عن عبثية فرض الضرائب على المكاسب غير المحققة. واليوم أود أن أناقش إجراءً آخر مثيراً للقلق يدعمه هاريس: فرض ضوابط الأسعار.

بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون، فإن ضوابط الأسعار هي نوع من التنظيم الحكومي الذي يضع حدودًا لمقدار الزيادة التي يمكن أن تحدث في الأسعار أو الأجور. ويمكن أن تتخذ هذه القيود شكل سقوف الأسعار، مثل ضوابط الإيجار، أو حدود الأسعار الدنيا، مثل قوانين الحد الأدنى للأجور.

على السطح، قد تبدو هذه التدابير وكأنها تهدف إلى حماية المستهلكين من التضخم، ولكنها في الواقع تسبب ضرراً أكثر من نفعها ــ وهناك أمثلة على ذلك تعود إلى آلاف السنين. إن المبادئ الاقتصادية التي توجه أسواقنا دقيقة، وعندما تعمل التدخلات الحكومية على تعطيل هذه القوى الطبيعية، فقد تكون العواقب وخيمة.

إن ضوابط الأسعار هي وصفة للنقص والركود

ولنتأمل هنا قضية التضخم، التي كانت مصدر قلق مستمر لكثير من الأميركيين. فنحن جميعا نشعر بالضائقة في متاجر البقالة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 21% في المتوسط ​​منذ تنصيب بايدن.

إن الحل الذي اقترحه هاريس ــ فرض ضوابط الأسعار ــ يبدو جذاباً، ولكنه بمثابة ضمادة على جرح ناجم عن رصاصة.

يتفق أغلب خبراء الاقتصاد على أن فرض ضوابط الأسعار ليس الحل. فوفقاً لاستطلاعات الرأي التي تجريها مدرسة شيكاغو بوث بانتظام، لا يعتقد أغلب خبراء الاقتصاد أن فرض ضوابط الأسعار قد يحد من التضخم في الولايات المتحدة على مدار العام.

في استطلاع للرأي أجري في شهر يوليو/تموز، أبدى ثلاثة أرباع خبراء الاقتصاد معارضتهم أو معارضتهم الشديدة للتصريح القائل بأن تحديد سقف لزيادات الإيجارات بنسبة 5% سنويا من شأنه أن يساعد الأميركيين في الأمد البعيد. وعلى نحو مماثل، أبدى 62% موافقتهم أو موافقتهم الشديدة على أن السيطرة على زيادات الأسعار من شأنها أن تؤدي إلى نقص “كبير” في العرض.

تجميد الأسعار في عهد نيكسون: قصة تحذيرية عن سوء الإدارة الاقتصادية

لا نحتاج إلى النظر إلى الوراء كثيراً في تاريخ الولايات المتحدة لندرك مخاطر فرض ضوابط الأسعار. ففي أغسطس/آب 1971، فرض الرئيس ريتشارد نيكسون تجميداً لمدة تسعين يوماً على كافة الأسعار والأجور في الولايات المتحدة.

في البداية، حظيت هذه الخطوة بشعبية كبيرة، مما أعطى نيكسون دفعة قوية في حملته لإعادة انتخابه في العام التالي.

ولكن النجاح الأولي لم يدم طويلا. فقد ساهمت خطة نيكسون في استمرار الركود التضخمي لعقد كامل ــ وهو مزيج سام من التضخم المرتفع والنمو البطيء الذي أدى إلى تآكل مستويات المعيشة لملايين الأميركيين.

ولم يبدأ الاقتصاد في التعافي إلا في عام 1983، في منتصف فترة ولاية رونالد ريجان الأولى كرئيس. وفي خطاب إذاعي في أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، أشار ريجان إلى “أدلة قوية على أن أميركا قد تجاوزت المنعطف نحو التوسع الاقتصادي الطويل الأجل”.

لماذا قد يؤدي خفض أسعار الغاز إلى ارتفاع التكاليف ونقص الإمدادات

إن الدرس المستفاد واضح: إن فرض ضوابط الأسعار ليس حلاً مستداماً. فهو يشوه إشارات السوق، مما يؤدي إلى انعدام الكفاءة والركود الاقتصادي. وتذكروا أن الأسعار تعمل كمؤشرات للسوق. وقد تكون الأسعار المرتفعة محبطة بالنسبة للمستهلكين، ولكنها ترسل رسالة مهمة إلى المنتجين: هناك ربح يمكن تحقيقه هنا، لذا استثمروا أكثر. وبالنسبة للمستهلكين، فإن الأسعار المرتفعة تشير إلى الندرة، وهو ما يشجعهم على استخدام الموارد بحكمة أكبر.

ولنتأمل هنا البنزين كمثال. فإذا ارتفعت أسعار البنزين إلى خمسة دولارات للغالون، فمن المرجح أن يحجم الناس عن القيادة غير الضرورية. وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع الأسعار من شأنه أن يشجع شركات النفط على زيادة إنتاجها، وهو ما من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض الأسعار.

ولكن ماذا لو فرضت الحكومة سقفا مصطنعاً لسعر البنزين، على سبيل المثال، عند دولارين للغالون؟ إن هذا من شأنه أن يرسل إشارات خاطئة إلى المستهلكين والمنتجين على حد سواء. فسوف يقود المستهلكون سياراتهم بنفس القدر الذي كانوا يقودون به سياراتهم من قبل، إن لم يكن أكثر، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الندرة، في حين لن يكون لدى المنتجين الحافز الكافي لزيادة العرض. وقد يؤدي هذا إلى ارتفاع الأسعار في المستقبل، أو ما هو أسوأ من ذلك، إلى نقص في الغاز على غرار ما حدث في سبعينيات القرن العشرين.

ضريبة الأرباح غير المحققة قد تؤدي إلى تدفقات رأس المال الجماعية خارج الولايات المتحدة

إن دعم هاريس لفرض ضريبة على المكاسب غير المحققة من شأنه أن يخلف عواقب بعيدة المدى على الاقتصاد الأميركي. وكما قلت من قبل، فإن فرض ضريبة على المكاسب على الأصول التي لم يتم بيعها بعد ليس مجرد أمر سخيف، بل إنه أمر خطير. إنها سياسة من شأنها أن تدفع رأس المال إلى الخروج من البلاد بمعدل غير مسبوق، مما يؤدي إلى خسارة العائدات الضريبية وإضعاف نظامنا المالي.

ونحن نشهد بالفعل هجرة جماعية للثروات من الولايات ذات الضرائب المرتفعة مثل نيويورك وكاليفورنيا إلى ولايات أقل ضرائب مثل فلوريدا وتكساس.

لكن هذا الاتجاه لا يقتصر على الولايات المتحدة. فعلى الصعيد العالمي، تتسارع حركة أصحاب الملايين من البلدان ذات السياسات الضريبية المرهقة إلى بيئات أكثر ترحيبا. ووفقا لتقرير هنلي لهجرة الثروات الخاصة، من المتوقع أن ينتقل ما يقدر بنحو 128 ألف مليونير هذا العام، متجاوزين الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2023.

وتحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى في جذب هذه الثروة من خلال توفير بيئة مواتية للأعمال وظروف معيشية فاخرة. وعلى النقيض من ذلك، تواجه دول مثل الصين والمملكة المتحدة تدفقات كبيرة من الأفراد ذوي الثروات العالية بسبب تباطؤ النمو والتوترات الجيوسياسية والأنظمة الضريبية غير المواتية.

إن العواقب المترتبة على “هجرة المليونيرات الكبار” عميقة. فالأفراد الأثرياء يساهمون بشكل كبير في القاعدة الضريبية، ومن الممكن أن يؤدي رحيلهم إلى شلل مالية الدولة.

دعم الأسواق الحرة والحكومة المحدودة

إن السياسات الاقتصادية التي تدعمها نائبة الرئيس هاريس ــ فرض ضوابط الأسعار وفرض الضرائب على المكاسب غير المحققة ــ مضللة في أفضل الأحوال وكارثية في أسوأ الأحوال. وكما أظهر لنا التاريخ، فإن هذه التدابير تعطل قوى السوق، وتخنق النمو الاقتصادي، وقد تؤدي إلى أزمات مالية.

إذا كنا راغبين في الحفاظ على رخاء أميركا، فلابد وأن نقاوم هذه السياسات المعيبة ونعتنق بدلاً من ذلك مبادئ الأسواق الحرة والتدخل الحكومي المحدود. فالمخاطر أعظم من أن نتحملها إذا ما فعلنا غير ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *