الأولمبياد تمنح دفعة لاقتصاد فرنسا.. ومعاناة ألمانيا تزداد
نما قطاع الخدمات في فرنسا بأسرع وتيرة في أكثر من عامين، ما شكّل دفعة لثاني أكبر اقتصاد في أوروبا مع تدفق الزوار من جميع أنحاء العالم على باريس لحضور دورة الألعاب الأولمبية “باريس 2024”.
ارتفع مؤشر “إس آند بي غلوبال” لمديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 55 نقطة في أغسطس من 50.1 في يوليو، وهو أعلى بكثير من عتبة 50 التي تفصل النمو عن الانكماش، وأوسط التقديرات البالغ 50.3 في استطلاع “بلومبرغ”.
نتيجة لذلك، ارتفع مقياس القطاع الخاص ككل بدرجة كبيرة، على الرغم من استمرار ركود التصنيع في فرنسا، حيث كان مؤشر مديري المشتريات أقل من التقدير الأكثر تشاؤماً في استطلاع منفصل.
ثمة احتمال ألا يستمر الانتعاش الذي أحدثته الأولمبياد في فرنسا. ففي حين أن الربع الثالث قد يشهد تسارعاً في النمو الاقتصادي إلى 0.5%، وفق “هامبورغ كوميرشال بنك” (Hamburg Commercial Bank)، من المرجح أن تعاني الشركات الفرنسية من تباطؤ أوسع في جميع أنحاء أوروبا.
كما تتراجع توقعات الأعمال ونمو العمالة في الخدمات، في حين تقلصت الأعمال غير المنجزة لمعظم العام الماضي. وعلى مستوى القطاع الخاص، تقل الطلبيات، والأسوأ من ذلك أن أسعار الإنتاج ارتفعت بأسرع وتيرة منذ بداية 2024.
قال نورمان ليبكي، الخبير الاقتصادي في “هامبورغ كوميرشال بنك”: “من المرجح أن يكون شهر أغسطس استثناءً بسبب الألعاب الأولمبية. قطاع التصنيع سيواصل مواجهة المصاعب، مع انخفاض الإنتاج بشكل أكثر حدة مما كان عليه في يوليو”.
ألمانيا.. رجل أوروبا المريض
وفي ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تبدو التوقعات أكثر قتامة بشكل ملحوظ. فقد ظل مؤشر مديري المشتريات المركب عند 48.5 نقطة، وهو ما يقل عن متوسط تقديرات خبراء الاقتصاد، ويشير إلى الانكماش للشهر الثاني.
يضيف التقرير إلى الأدلة على أن تعافي أكبر اقتصاد في أوروبا قد تلاشى. وانكمش الناتج المحلي الإجمالي على نحو غير متوقع 0.1% في الربع الثاني، ويتوقع المحللون الذين استطلعت “بلومبرغ” آراءهم عدم حدوث أي نمو على الإطلاق طوال 2024.
ظلت الصناعة عامل التراجع الرئيسي في أغسطس: إذ استقر مؤشر “إس آند بي غلوبال” لمديري مشتريات قطاع التصنيع دون 50 نقطة منذ يوليو 2022. رجّح البنك المركزي الألماني في أحدث تقرير شهري استمرار ضعف المصانع والبناء.
في المقابل، استفاد قطاع الخدمات من الزيادات الكبيرة في الأجور التي تساعد الاستهلاك. ومع ذلك، فإن نموها يتلاشى. وشهد أغسطس تباطؤاً للشهر الثالث في مؤشر “إس آند بي” لهذا القطاع.
يرى سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في “هامبورغ كوميرشال بنك” أن معاناة قطاع التصنيع في ألمانيا بدأت تنتقل إلى الخدمات.
عدم اليقين يضعف إنفاق المستهلكين
قال: “يبدو أن حالة عدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية أضعفت إنفاق المستهلكين، في حين تراجع انتعاش التصنيع العالمي قبل أن تشعر الشركات الألمانية بتأثير هذا الانتعاش. ارتفعت احتمالات الانكماش للربع الثاني على التوالي، مما يعني أننا قد نعود إلى الحديث عن الركود في ألمانيا قريباً”.
تراقب الأسواق عن كثب مؤشرات مديري المشتريات حيث تصدر في وقت مبكر من الشهر، وهي مفيدة في الكشف عن الاتجاهات ونقاط التحول في الاقتصاد. قد يكون من الصعب في بعض الأحيان ربط استطلاعات الأعمال بشكل مباشر بالناتج المحلي الإجمالي ربع السنوي، باعتبارها مقياساً لاتساع التغيرات في الناتج وليس عمقها.