ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية مع خفوت مخاوف الركود
ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية وتراجعت السندات بعدما أكدت بيانات الإنفاق على التجزئة وسوق العمل قوة أكبر اقتصاد في العالم، مما هدأ المخاوف من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخاطر بحدوث تباطؤ أعمق.
مع تراجع المخاوف الاقتصادية، عزز مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) ارتفاعه إلى 6.6% في 6 جلسات، مسجلاً أقوى أداء في مثل هذه الفترة منذ نوفمبر 2022. قفز سعر سهم شركة “والمارت” –وهي مقياس للنمو – بفضل توقعات قوية. ارتفعت عوائد سندات الخزانة، بقيادة آجال الاستحقاق الأقصر. وأظهرت البيانات أن مبيعات التجزئة تجاوزت التقديرات بينما بلغت طلبات إعانات البطالة أدنى مستوى لها منذ أوائل يوليو. وقلل متداولو عقود المقايضة من رهاناتهم على التيسير النقدي القوي الذي قد يقوم به بنك الاحتياطي الفيدرالي.
قال بريت كينويل من “إي تورو” (eToro): “لقد عدنا مجدداً إلى ظروف تستفيد فيها السوق من الأخبار الجيدة، وتتأثر سلبياً بالأخبار السيئة. إذ يريد المستثمرون والمستهلكون انخفاض التضخم، ولكن ليس على حساب الاقتصاد. إن أرقام مبيعات التجزئة التي جاءت أقوى من المتوقع اليوم تهدئ بعض المخاوف من أن الولايات المتحدة قد تنزلق إلى الركود”.
وفي ظل المخاوف الأخيرة بشأن سوق العمل، كان تقرير طلبات إعانات البطالة أمراً إيجابياً. أثارت بيانات التوظيف الأميركية الضعيفة في وقت سابق من هذا الشهر مخاوف من أن الاحتياطي الفيدرالي انتظر أكثر من اللازم قبل خفض أسعار الفائدة. وأضاف كينويل أن بيانات يوم الخميس من شأنها أن تمنح المسؤولين بعض الوقت حتى اجتماع سبتمبر.
الهبوط السلس
قال اديتيا بيف من “بنك أوف أميركا”: “أي هبوط عنيف؟ بيانات مبيعات التجزئة لشهر يوليو جاءت متسقة مع توقعاتنا الاقتصادية بحدوث الهبوط السلس. ما زلنا مقتنعين بوجهة نظرنا بأن الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة مرتين فقط هذا العام، بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما، في سبتمبر وديسمبر”.
يحاول المسؤولون الأميركيون استخدام أسعار الفائدة المرتفعة لخفض التضخم دون التسبب في انكماش الاقتصاد، وهو السيناريو المعروف باسم “الهبوط السلس”. قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبرتو مسلم، إن الوقت يقترب عندما يكون من المناسب خفض أسعار الفائدة. وقال نظيره في أتلانتا رافائيل بوستيك لصحيفة فاينانشال تايمز إنه “منفتح” على خفض الفائدة في سبتمبر.
قفز مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1.6%. وارتفع مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 2.5%. وصعد سعر سهم “سيسكو سيستمز” بعد توقعات صعودية. وارتفع مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة 2.5%. وانخفض “مؤشر الخوف” في وول ستريت -VIX- إلى حوالي 15 نقطة.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ثماني نقاط أساس إلى 3.91%. قلص التجار رهاناتهم على قيام الاحتياطي الفيدرالي بإقرار خفض كبير لأسعار الفائدة في سبتمبر، ويتوقعون الآن إجمالي خفض للفائدة في العام الحالي بـ100 نقطة أساس. وارتفعت قيمة الدولار.
انحسار مخاوف الركود
قال ستيف سوسنيك من شركة “إنتر أكتف بروكرز” (Interactive Brokers): “سواء هبوط صعب، سلس، أو وعر؟ فالسوق ستتجه نحو المراتب” (في إشارة إلى جملة من فيلم “العراب”، والتي تعني تبني استراتيجية قتالية) “كل هذا النقاش حول ما إذا كان الهبوط الاقتصادي صعباً أم سلساً، بالإضافة إلى حاجتي إلى مرتبة جديدة، جعلني أخلط بين الاقتصاد والفراش”.
وأوضح: “وفي كلتا الحالتين، لا يهم حقاً. فإذا كنت متعباً بما فيه الكفاية، فسوف تنام على أي وسادة. إذا كنت في حالة (الخوف من تفويت الفرصة) ووضع الاندفاع القائم على الزخم، فسوف تشتري الأسهم بغض النظر عن السبب. التقارير الاقتصادية اليوم تجعل فرص الخفض القوي لأسعار الفائدة بعيدة المنال، لكن هذا لا يهم اليوم”.
كانت أرقام مبيعات التجزئة بمثابة مفاجأة للإجماع، ولكن الأهم من ذلك أنها يجب أن تنهي (على الأقل في الوقت الحالي) كل “الكآبة” التي ظهرت في بداية هذا الشهر، وفق كريس زكاريللي من “إندبندنت أدفايزور أليانس” (Independent Advisor Alliance).
وأشار إلى أن “هذه الدورة الاقتصادية بأكملها كانت مليئة بالصدمات، من تضخم أعلى بكثير من المتوقع إلى قوة استهلاكية أقوى بكثير مما كان يمكن لأي شخص توقعه في أيام 2020 الصعبة”.
وخلص إلى أنه إذا استمر الاقتصاد في قوته -خاصة بالتزامن مع تباطؤ التضخم- فيمكن أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة خفض أسعار الفائدة دون دخول الاقتصاد في الركود ويظهر التاريخ أن هذه بيئة إيجابية للغاية لسوق الأسهم.
يرى ديفيد راسل من “تريد ستيشن” أن المستثمرين الذين يخشون الركود المحتمل أو التباطؤ الحاد ليس لديهم سبباً وجيهاً يدعو للقلق.
وقال: “الهبوط السلس لم يعد أملاً. بل أصبح واقعاً، كما أن هذه الأرقام تشير أيضاً إلى أن التقلبات الأخيرة في السوق لم تكن متعلقة بالذعر بشأن النمو. بل كانت مجرد أمر موسمي صيفي عادي ضخمته التحركات في سوق العملات”.
يرى جوناس غولترمان من “كابيتال إيكونوميكس” أن هبوط السوق بسبب البيانات الأميركية “الضعيفة” في أوائل أغسطس كانت “غير متناسبة” وتعكس إلى حد كبير تفتت المراكز المزدحمة في بعض الأسواق. وأضاف: “على هذا النحو، نحن ملتزمون بتوقعاتنا المتفائلة لأسواق الأسهم والأصول الخطرة على نطاق أوسع”.
قياس التقلب
في الأسبوع الماضي، تضاعف مستوى مؤشر التقلب “VIX” في ثلاث جلسات تداول، وهو أمر تحقق أربع مرات فقط من قبل: انهيار 987، وأزمة اليورو 2011، وخفض قيمة عملة الصين في 2015، و”فولماغدون” (عندما هوي مؤشر داو جونز بأكثر من 1175 نقطة) في 2018، وفق إد كليسولد من “ند ديفيس ريسرش” (Ned Davis Research).
هناك طريقة أخرى لرصد ارتفاع التقلبات وهي من خلال مؤشر “VVIX” الذي يقيس تقلب مؤشر “VIX”.
في 5 أغسطس، وصل المؤشر إلى أعلى مستوى له منذ مارس 2020. وأشار كليسولد إلى أنه عندما انخفض مؤشر “VVIX” من هذه المستويات المرتفعة للغاية، انتعش مؤشر (إس آند بي 500) بشكل حاد خلال الأسابيع القليلة المقبلة. واستمر الارتفاع لمدة تصل إلى عام في المتوسط بعد ذلك. واختتم: “إذا استمرت الأسواق في الهدوء، فمن المفترض أن يعطي مؤشر (VVIX) إشارة صعودية في الأيام المقبلة، مما يؤكد أن السوق الصاعدة مستمرة”.
هدوء حذر
في حين يبدو أن الهدوء عاد إلى وول ستريت، يقول كريستيان نولتنغ، من “دويتشه بنك” إن المستثمرين ما زالوا بحاجة إلى الاستعداد لتقلبات الأصول الجامحة المقبلة.
وقال نولتينغ: “نتوقع أن تظل التقلبات عند مستويات مرتفعة بسبب الظروف الموسمية والتغير في الأسواق التي لم تعد مسعرة بشكل مثالي”. تمت إعادة ضبط التوقعات بعد أن تعثر ارتفاع الأسهم الذي لم يكن من الممكن إيقافه في السابق بسبب تقرير الوظائف الضعيف، و”الأخبار الجيدة أصبحت الآن أخباراً جيدة والأخبار السيئة هي أخبار سيئة”.
من جانر آخر يرى جيف روتش، من “إل بي إل فاينانشال” (LPL Financial)، أن سوق الوظائف -وما تعنيه بالنسبة للإنفاق الاستهلاكي- ستكون عاملاً رئيسياً في دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، على حد قوله. وكانت المؤشرات المتعلقة بمعنويات المستهلكين ضعيفة مع تباطؤ سوق العمل واقتراب الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي ألقى بظلاله على التقدم المحرز في ترويض التضخم.
وقال: “يجب على المستثمرين أن يتوقعوا المزيد من التقلبات على المدى القريب، حيث من المرجح أن تعطي البيانات الاقتصادية إشارات متضاربة”.
أداء أبرز المؤشرات:
- ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1.6% في الساعة 4 مساءً بتوقيت نيويورك
- صعد مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 2.5%
- ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 1.4%
- مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري صعد 0.2%
- هبط سعر “بتكوين” بنسبة 3.5% إلى 57066.81 دولار
- قيمة “إيثر” هوت 4.7% إلى 2549.8 دولار
- ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.3% إلى 2455.50 دولارا للأونصة