احتمال انهيار الحكومة الفرنسية يطلق موجة بيع للأصول الفرنسية

دعا رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو إلى تصويت على الثقة قد يُسقط حكومته اعتباراً من الشهر المقبل، ما دفع المستثمرين لبيع الأصول الفرنسية، وسط تحوط من قبل المستثمرين تحسباً لمزيد من عدم اليقين السياسي.
وقالت أحزاب “التجمع الوطني” من أقصى اليمين، و”فرنسا الأبية” اليساري، و”الخضر”، إنها ستصوّت ضد مذكرة 8 سبتمبر، فيما أعلن الاشتراكيون أنهم لن يدعموا الحكومة. وإذا صوّتت غالبية النواب ضد بايرو، فسيُجبر على تقديم استقالة حكومته.
لم يصمد رئيس الوزراء السابق ميشيل بارنييه سوى 90 يوماً. وسيؤكد فشل حكومة فرنسية أخرى هشاشة موقف الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي خسر حزبه وحلفاؤه أي شكل من أشكال الأغلبية البرلمانية في 2024، في وقت يطالب حزب مارين لوبان، “التجمع الوطني”، الذي أصبح الأكبر في الجمعية الوطنية خلال ذلك الاستحقاق، بانتخابات جديدة.
ارتفاع العائد على السندات الفرنسية
قال بايرو للصحفيين في مؤتمر صحفي بباريس يوم الإثنين: “نعم إنها مخاطرة، لكن الخطر الأكبر هو عدم فعل شيء. لا مخرج من هذا الوضع ما لم نتحلَّ بالشجاعة”.
ارتفع العائد على السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات بتسع نقاط أساس ليصل إلى 3.51%، متصدراً خسائر أسواق السندات العالمية. كما اتسع الفارق في تكاليف الاقتراض بين فرنسا وألمانيا بخمس نقاط أساس، ليغلق عند 75 نقطة أساس، وهو الأعلى منذ أبريل، بعدما كان 65 نقطة في أواخر يوليو.
عائدات السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات أصبحت الآن من بين الأعلى في منطقة اليورو، متجاوزة دولاً كانت في قلب أزمة الديون السيادية الأوروبية مثل اليونان والبرتغال، وقد تركتها التحركات يوم الإثنين أقل بنحو ثماني نقاط أساس من عوائد إيطاليا.
قال أنطونيو باروسو وجان دالبارد من “بلومبرغ إيكونوميكس”: “يبدو أن أحزاب المعارضة عازمة على رفض المذكرة. ما لم تتراجع، ستسقط الحكومة”.
وانخفضت سلة أسهم من “باركليز” تضم الشركات الأكثر تعرضاً للمخاطر المحلية الفرنسية، بما فيها الميزانية الحكومية، 2.9% يوم الإثنين.
بايرو يحاول الحصول على دعم لتخفيضات الإنفاق
يدعو بايرو إلى التصويت على الثقة في محاولة لتوحيد الدعم بعد مواجهته اعتراضات على تخفيضات في الإنفاق وزيادات ضريبية بقيمة 44 مليار يورو (51 مليار دولار) يعتبرها ضرورية لتفادي كارثة في المالية العامة لفرنسا. كما اقترح إلغاء عطلتين رسميتين، ما أثار سخط المعارضة.
وقال بايرو إن ماكرون وافق على استئناف جلسات البرلمان للانعقاد مبكراً لتمكين الحكومة من عرض خطتها وإجراء تصويت الثقة.
من جهتها، أكدت لوبان في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “سنصوّت بالطبع ضد منح الثقة لحكومة فرانسوا بايرو. من الواضح أن فرانسوا بايرو لم يفهم أن الفرنسيين يدركون تماماً الأزمة الاقتصادية والمالية التي غرقت فيها بلادنا بعد ثماني سنوات من حكم ماكرون”.
تفاقم المشاكل الداخلية في فرنسا
المشاكل الداخلية لفرنسا تتفاقم فيما يكافح ماكرون على الساحة الدولية. ففي الشهر الماضي، توجه الرئيس الفرنسي إلى البيت الأبيض برفقة المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وآخرين، لمناشدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعم أوكرانيا. كما يخوض القادة الأوروبيون معركة تجارية مريرة مع الولايات المتحدة.
تثير الاضطراب في باريس تساؤلات حول المدة التي يمكن أن تصمد فيها هذه الحكومة، وما إذا كان ماكرون سيلجأ إلى الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة لمحاولة تعزيز دعمه.
من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا في أبريل أو مطلع مايو 2027، ولا يمكن تغيير هذا التوقيت، إلا إذا عجز ماكرون عن أداء مهامه أو استقال، وهو ما قال إنه لن يفعله قبل نهاية ولايته.
محاولات للحصول على دعم بشأن الموازنة
كان بايرو قد عرض الخطوط العريضة لموازنة 2026 في يوليو، في محاولة لكسب الدعم خلال عطلة الصيف. وقد تعمّد عدم أخذ إجازة، وحرص على قضاء معظم وقته في باريس، مطلقاً قناة “FB Direct” على “يوتيوب” لشرح خياراته المتعلقة بالضرائب والإنفاق.
لكن هذه الجهود لم تُجدِ في كسب الرأي العام، إذ انخفضت شعبية بايرو إلى أدنى مستوى لأي رئيس وزراء خلال رئاسة ماكرون. ويهدد الخلاف بالامتداد إلى احتجاجات في الشارع، إذ لقيت دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي لـ”شل كل شيء” في 10 سبتمبر تأييداً من عدة مجموعات سياسية.
وقال بايرو: “إذا كان المسار الذي نختاره هو التظاهر بعدم وجود المشكلة، فلن ننجو. لن ننجو كدولة ولا كمجتمع، لأن حريتنا وسيادتنا على المحك”.