ما الذي يميز اجتماع “أوبك+” لزيادة الإنتاج في أغسطس؟

قرار مجموعة الدول الثماني في “أوبك+” اليوم السبت أعاد للسوق إجمالاً نحو 1.9 مليون برميل يومياً، مع زيادة إمدادات النفط بمقدار 548 ألف برميل يومياً، بعدما اعتُمد رفعٌ بـ411 ألف برميل يومياً للأشهر الثلاثة الماضية، مايو ويونيو ويوليو، بينما كانت الزيادة في أبريل عند حوالي 137 ألف برميل.
اتفقت الدول الثماني، وهي السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت والجزائر وعُمان وكازاخستان، في 30 نوفمبر 2023 بخفض إنتاجها بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية مارس 2024. تحملت السعودية معظم التخفيض بنحو مليون برميل يومياً.
في ديسمبر 2024، اتفقت هذه الدول بالبدء التدريجي لزيادة الإنتاج اعتباراً من الأول من أبريل 2025 بحدود 137 ألف برميل يومياً في للشهر عينه، ومن ثم تزداد الكميات تباعاً حتى ينتهي التخفيض الطوعي في سبتمبر 2026. لكن هذه الدول عادت واجتمعت بعدها بيومين وقررت مضاعفة الزيادة لتكون 411 ألف برميل يومياً بدلاً من 205 آلاف برميل يومياً المتفق عليها سابقاً للأشهر التالية، وطبّقت هذه الزيادة خلال مايو ويونيو ويوليو.
خريطة التخفيضات الملزمة والطوعية في أوبك
هناك تخفيضات أخرى والبالغة 3.66 مليون برميل يومياً اتفق “أوبك+” على الاستمرار بها حتى نهاية 2026. وهذه التخفيضات تنقسم إلى قسمين: الأول تخفيضات مُلزمة للجميع ومقدارها 2 مليون برميل يومياً، وأخرى طوعية تطوعت بها تسع دول داخل التحالف والبالغة 1.66 مليون برميل يومياً. وهذه مستمرة حتى نهاية 2026 إلا إذا اتخذ التحالف قراراً جديداً بشأنها.
اقرأ أيضاً: إنتاج “أوبك” خلال شهر يونيو يرتفع والسعودية تعزز صادراتها النفطية
حتى الآن، وافق “أوبك+” على استعادة السواد الأعظم من التخفيضات البالغة 2.2 مليون برميل يومياً التي أقرّها وطبّقها عام 2023 لدعم الأسعار. ومن شأن زيادة إضافية أن تستكمل هذه العملية، مما قد يفتح المجال للنظر في رفع قيود أخرى لاحقاً.
التحالف النفطي، الذي تأسس في 2016 ويضم الآن 23 دولة من بينها 12 دولة أعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للبترول والباقي من خارج “أوبك” من بينها أحد أكبر مُنتجي النفط وهي روسيا، اتخذ قرارات مهمة جداً في تخفيض الإنتاج وخاصة عند بدأت جائحة كورونا. ففي 12 أبريل من 2020 قرر التحالف خفض الإنتاج بنحو 9.7 مليون برميل يومياً لمدة شهري مايو ويونيو. وتم تقليص التخفيض إلى 7.7 مليون برميل يومياً من يوليو إلى ديسمبر من نفس العام. ومن ثم 5.8 مليون برميل يومياً لمدة 16 شهراً ابتداءً من يناير 2021.
استعادة الحصة السوقية
من نتائج التوجه المفاجئ في استراتيجية لناحية إعادة الإمدادات إلى السوق أنه وضع ضغطاً كبيراً على أسعار النفط التي تراجعت الأسبوع الماضي عقب التهدئة بين إيران وإسرائيل، ما بدد المخاوف بشأن الإمدادات من الشرق الأوسط. يُتداول خام “برنت” حالياً قرب مستوى 67 دولاراً للبرميل، منخفضاً بأكثر من 9% منذ بداية العام.
اقرأ أيضاً: السعودية وروسيا تؤكدان التزامهما بالتعهدات في إطار “أوبك+”
يُجمع عدد من مندوبي الدول الأعضاء “أوبك” الذين تحدثت معهم “الشرق” على أن هناك جملة من الأسباب وراء التحول في نهج “أوبك+”، أبرزها تلبية الطلب المتزايد، لا سيما خلال فصل الصيف، إلى جانب مساعي ضبط إنتاج الأعضاء الذين تجاوزوا حصصهم، وتخفيف هواجس الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الأسعار، واستعادة الحصة السوقية.
ويشير شخص مطلع لـ”الشرق” إلى رغبة السعودية في استعادة إنتاجها المتوقف بأسرع وقت ممكن، بعد أن ضاقت ذرعاً بالتنازل عن حصص سوقية لصالح منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة والدول التي لم تلتزم بحصصها داخل تحالف “أوبك+” وغيرها من المنافسين.
روسيا، التي قادت اعتراضاً قصير الأمد على الزيادة الكبيرة السابقة كما يقول المطلعون، عادت وقبلت بزيادة جديدة اتساقاً مع التوافق داخل التحالف.
زيادات الإنتاج، والأسعار، وتغريدات ترمب
من المتوقع أن تدفع زيادات الإنتاج الإضافية من “أوبك+” إلى المزيد من الضغوط النزولية على الأسعار، ما يزيد الأعباء على موازنات الدول الأعضاء ومن بينها دول الخليج العربي، والعراق الذي تُشكل نسبة عائدات النفط أكثر من 95% من ميزانيته.
وتلعب العوامل الجيوسياسية دوراً مهماً أيضاً في تحديد الأسعار حيث يمكن لأي اتفاق أن يزيد المشهد تعقيداً، فمثلاً إذا فاجأ دونالد ترمب بتغريدة تعلن صفقة بين إسرائيل وحماس، أو أخرى مع إيران أو روسيا أو الصين ستحدث تقلبات عنيفة في الأسعار بين الارتفاع والانهيار.
في أبريل 2020، أدت تغريدة واحدة من ترمب إلى رفع أسعار النفط بنحو 40% خلال ثوانٍ، ما يدفع حتى أكثر المتشائمين إلى التريث قبل أخذ أي موقف.