التضخم في طوكيو يتباطأ للشهر الثاني رغم ارتفاع أسعار الغذاء

انخفضت تكاليف المعيشة في طوكيو للشهر الثاني على التوالي بفعل بعض العوامل المؤقتة، حتى في ظل استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما أبقى الضغوط على رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، بعد أن أدّت حالة الإحباط لدى الناخبين من الأسعار المرتفعة إلى نكسة انتخابية تاريخية له يوم الأحد.
ووفقاً لوزارة الشؤون الداخلية والاتصالات الجمعة، ارتفعت أسعار المستهلكين باستثناء المواد الغذائية الطازجة في العاصمة بنسبة 2.9% في يوليو مقارنة بالعام السابق، مقابل ارتفاع بنسبة 3.1% في يونيو. وكانت هذه المرة الأولى التي يتراجع فيها معدل النمو عن 3% منذ مارس.
وكانت التوقعات تشير إلى تباطؤ ارتفاع الأسعار إلى 3%، حيث توقع الاقتصاديون أن يؤدي إعفاء حكومة طوكيو من بعض رسوم المياه خلال الصيف إلى انخفاض المؤشر، إلى جانب انخفاض أسعار الطاقة بعد ارتفاعها الكبير العام الماضي. وانخفضت تكاليف المياه بنسبة 34.6% للشهر الثاني على التوالي، مسجلة أكبر تراجع في بيانات تعود إلى عام 1971.
اقرأ أيضاً: رئيس وزراء اليابان إيشيبا ينفي تقارير عن عزمه الاستقالة
وارتفع مؤشر أسعار أعمق يستثني أيضاً الطاقة بنسبة 3.1%، من دون تغيير عن الشهر الماضي، ومتوافقاً مع التوقعات. ويُراقَب مؤشر أسعار طوكيو عن كثب من قبل الاقتصاديين باعتباره مؤشراً رائداً لاتجاهات الأسعار على مستوى البلاد.
الضغوط الأساسية لا تزال قائمة
قال تاكيشي مينامي، كبير الاقتصاديين في معهد أبحاث “نورينتشوكين” إن “أسعار الطاقة والمياه والأرز من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في خفض التضخم هذه المرة”. وأضاف: “أتوقع مزيداً من التراجع، وهو يتباطأ بدرجة أو بأخرى كما كان بنك اليابان يتوقع”.
وأشار مينامي إلى أنه مع تلاشي هذه العوامل المرتبطة بتكاليف الإنتاج، فإن الاتجاه الأساسي للأسعار سيكون عاملاً أساسياً لاستدامة التضخم مستقبلاً. وقال: “من هذه الزاوية، لا يزال التضخم الأساسي الأساسي قوياً، والشركات اليابانية تمرر تكاليفها، مثل الأجور، إلى الأسعار”.
وقد تدفع أرقام الجمعة بنك اليابان للاستمرار في مسار رفع أسعار الفائدة إذا واصل الاقتصاد أداءه المتماشي مع التوقعات. وبينما ساعد انخفاض تكاليف الكهرباء والغاز الطبيعي في كبح المؤشر العام، فإن البيانات تذكّر مجدداً بأن الأسر لا تزال تواجه تكاليف معيشة مرتفعة.
ماذا تقول “بلومبرغ إيكونوميكس”؟
قال الاقتصادي تارو كيمورا إنه “تحت السطح، لا تزال الضغوط الناتجة عن الارتفاعات السابقة في أسعار الأرز وتكاليف العمالة المرتفعة تتسلل إلى تكاليف الأطعمة المصنعة وتناول الطعام خارج المنزل. بشكل عام، ينبغي لهذه البيانات أن تشجع بنك اليابان على مواصلة رفع أسعار الفائدة تدريجياً”.
ارتفع سعر الأرز، وهو من الأغذية الأساسية التي ساهمت في دفع التضخم هذا العام، بنسبة 81.8% مقارنة بالعام الماضي، متباطئاً من قفزة بنسبة 90.6% في يونيو، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة لتهدئة السوق، من بينها الإفراج عن مخزونات طارئة من الأرز.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية، باستثناء المنتجات الطازجة، بنسبة 7.4%، مقارنة بـ7.2% في الشهر السابق، مسجلة أسرع وتيرة منذ سبتمبر 2023.
وبحسب تقرير صادر عن شركة “تيكوكو داتابنك”، فإن شركات الأغذية الكبرى في اليابان خططت هذا الشهر لزيادة أسعار 2,105 منتجاً، أي نحو خمسة أضعاف عدد المنتجات التي رُفعت أسعارها في نفس الفترة من العام الماضي.
وذكرت الشركة أن هذا هو الشهر السابع على التوالي الذي تتجاوز فيه الزيادات المستويات المسجلة في نفس الفترة من العام السابق، وهي أطول سلسلة منذ بدء جمع البيانات في عام 2022.
نتائج الانتخابات تزيد الضغط على إيشيبا
ساهمت حالة الإحباط بين الناخبين من ارتفاع أسعار الضروريات اليومية في تمهيد الطريق للأداء الانتخابي السيّئ للحزب الليبرالي الديمقراطي بزعامة إيشيبا يوم الأحد، ما أسفر عن فقدان الائتلاف الحاكم للأغلبية في كلا مجلسي البرلمان.
وبعد تلك النكسة، تعهّد إيشيبا بالبقاء في منصبه طالما استمرت المفاوضات التجارية مع واشنطن. وقد شكّل اتفاق التجارة المفاجئ الذي كشف عنه الرئيس دونالد ترمب في وقت سابق من هذا الأسبوع دفعة لإيشيبا، إذ دعم انتعاشاً في الأسهم المحلية، لكنه في المقابل أزال أحد المبررات الرئيسية لبقائه في السلطة. ووفقاً لتقارير إعلامية محلية، فقد دعا عدد من المشرّعين إلى استقالته.
اقرأ أيضاً: إليكم المرشحين لخلافة رئيس الوزراء الياباني إذا استقال
ستؤخذ أحدث البيانات في الاعتبار ضمن توقعات التضخم الجديدة التي سيصدرها البنك المركزي في اجتماعه الأسبوع المقبل.
وكان نائب محافظ بنك اليابان شينيتشي أوشيدا قد صرّح يوم الأربعاء بأن التضخم أقوى من المتوقع، ما يشير إلى احتمال أن يقوم البنك برفع توقعاته التضخمية. وفي تصريحات تلت إعلان ترمب عن صفقة التجارة، أشار أوشيدا أيضاً إلى أن الاتفاق قد يقرّب البنك من رفع أسعار الفائدة.
وارتفعت أسعار الخدمات بنسبة 2.1%، وهي نفس الوتيرة المسجلة في الشهر السابق، مما يدل على أن الضغوط التضخمية الأساسية لا تزال ثابتة.
ترقب لقرارات بنك اليابان
لا يزال التضخم في اليابان مستمراً في ظل تغيّر التوقعات بشأن استمرار ارتفاع الأسعار، في وقت يدفع فيه النقص المزمن في اليد العاملة الشركات إلى رفع الأجور. وتتوقع الأسر نمو الأسعار بنسبة 12.8% خلال العام المقبل، وفقاً لمسح أجراه بنك اليابان.
ومن المقرر أن يصدر البنك قراره المقبل بشأن السياسة النقدية في 31 يوليو، مع توقع جميع الخبراء الـ56 الذين شملهم الاستطلاع، أن يُبقي البنك على سعر الفائدة عند 0.5%.
سواء بقي إيشيبا في منصبه أم لا، فإن المستثمرين يترقبون ما إذا كان الضعف السياسي للحكومة سيدفعها إلى مزيد من التيسير في السياسة المالية.
وكان رئيس الوزراء قد اقترح توزيع منح نقدية للتخفيف من آثار التضخم، في حين تعهد عدد من الأحزاب المعارضة الرئيسية بخفض ضريبة الاستهلاك بنسب متفاوتة، وهو خيار أكثر كلفة.
وقال مينامي من معهد “نورينتشوكين”: “لا تغيير في حقيقة أن التضخم لا يزال مرتفعاً، لذلك سيواصل إيشيبا مواجهة دعوات لفعل المزيد لتخفيف عبء ارتفاع تكاليف المعيشة على الأسر”.