اخر الاخبار

انقسام حول قرار المركزي المصري المرتقب بشأن أسعار الفائدة

تباينت توقعات المحللين حول مسار أسعار الفائدة في مصر بثالث اجتماع للسياسة النقدية، يعقده البنك المركزي هذا العام، وسط مخاوف من تسارع وتيرة التضخم بفعل زيادة أسعار المحروقات والتي سينعكس أثرها بشكل أكبر على أرقام شهر مايو الجاري، فيما يفسح الفارق الكبير بين معدل الفائدة والتضخم الطريق لمزيد من الخفض في اجتماع نهاية الأسبوع الجاري.

في استطلاع الشرق لآراء 11 بنكاً استثمارياً، تميل الشريحة الأكبر من المشاركين بواقع 6 بنوك استثمار لإبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، مدفوعة بأن توقعات التضخم عُرضة لمخاطر الصعود، خاصة مع تداعيات زيادة أسعار المحروقات والتي ستظهر بشكل أكبر على أسعار السلع والخدمات خلال هذا الشهر، فضلاً عن حالة عدم اليقين بشأن أي تصعيد محتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية، ما يدفع البنك المركزي للتأني في أي خفض جديد والتثبيت لحين التأكد من هدوء مسار التضخم، خاصة مع تثبيت الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة الأسبوع الماضي.

وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 13.5% خلال شهر أبريل الماضي، مقابل 13.1% في مارس 2025، وفقاً للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويميل الفريق الآخر إلى خفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين نقطة إلى نقطتين مئويتين بدعم من ارتفاع الفارق بين معدل الفائدة والتضخم ما يفسح المجال لمزيد من الخفض حتى وإن كان بنسبة ضئيلة.

خفض البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماعه الماضي ليتراجع سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 25%، وسعر عائد الإقراض لليلة واحدة إلى 26%، ويُعد هذا أول خفض للفائدة في مصر منذ 4 سنوات، حيث خفض البنك الفائدة بنسبة 0.5% في 12 نوفمبر 2020، قبل أن يبدأ سلسلة من الزيادات بلغت 1900 نقطة أساس بين مارس 2022 ومارس 2024.

الفائدة الحقيقية مازالت تدعم قرار الخفض 

محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في “إي إف جي القابضة”، توقع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل بنسبة تتراوح بين 1% و2%، حتى وإن تسارعت وتيرة التضخم قليلاً إلا أن ارتفاع التضخم جاء بنسب بسيطة وغير مقلقة فمازال في النطاق المقبول أسفل مستوي 14% بما يسمح بمزيد من الخفض في أسعار الفائدة، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية -أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم- بنحو كبير يجعل مجال خفض الفائدة فسيحاً.

وبنوك الاستثمار التي شاركت في الاستطلاع هي: “إي إف جي القابضة”، و”بلتون”، و”النعيم”، و”زيلا كابيتال”، و”سي آي كابيتال”، و”الأهلي فاروس”، و”برايم”، و”مباشر المالية”، و”ثاندر”، و”كايرو كابيتال”، و”عربية أون لاين”. 

وافقته الرأي، إسراء أحمد، المحللة الاقتصادية بشركة الأهلي- فاروس، والتي توقعت خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بما يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس، رغم ارتفاع معدل التضخم خلال أبريل 2025، إلا أن المؤشرات الحالية تصب في مصلحة التيسير النقدي، بالإضافة إلى أن هامش الفائدة الحقيقية عند مستويات مرتفعة، وهو ما يتيح الاستمرار في سياسة التيسير النقدي، دون الإخلال بخفض معدلات التضخم.
وأشارت إلى أن أسعار السلع العالمية شهدت مؤخراً تراجعاً ملحوظاً، وهو ما يسهم في تخفيف الضغوط التضخمية بالسوق المحلي، ويعزز ذلك تأكيدات الحكومة بعدم النية لاتخاذ قرارات مالية من شأنها زيادة التضخم في المدى القريب، مثل رفع أسعار الكهرباء، وكذلك التأثير الإيجابي المتوقع لبرنامج الطروحات.

طالع المزيد: رجال أعمال مصريون يرون خفض الفائدة غير كافٍ لتسيير أعمالهم

قلل رجال أعمال من تأثير خفض الفائدة الأخير في مصر على أعمالهم في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة وارتفاع أسعار الفائدة الأساسية، إذ يروا أن نسبة الخفض المعلنة لا تتناسب مع طموحاتهم ولا تمثل حافزاً كافياً لتحسين أوضاع أعمالهم. في المقابل، يرى بعضهم أن الخفض خطوة إيجابية لقطاعات مثل العقارات والتمويل الاستهلاكي، حيث قد يساهم في تخفيف تكلفة الاقتراض وتحفيز النشاط.

أية زهير، رئيسة البحوث في “زيلا كابيتال”، توقعت أن يُقدم البنك المركزي المصري خلال اجتماعه الأسبوع الحالي على خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وهو القرار الأكثر اتساقاً مع التوجه العام للسياسة النقدية ومع التطورات المحلية والعالمية، حيث توجد إشارات واضحة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نحو البدء في خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وقد قامت بالفعل بنوك مركزية كبرى مثل البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا باتخاذ خطوات فعلية في هذا الاتجاه، مما يخفف الضغوط على الأسواق الناشئة ويعزز فرص التحرك محلياً.

وأشارت إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة باتت تُشكّل عبئاً على النمو، كما أنها تُسهم في خلق ضغوط تضخمية لاحقة من جهة التكاليف، لافتة إلى أن خفض البنك المركزي أسعار الفائدة في الاجتماع السابق بمقدار 225 نقطة أساس دفعة واحدة، هي إشارة واضحة إلى تبنّي سياسة تيسيرية، ومن غير المعتاد أن تبدأ دورة تيسير قوية بهذا الشكل ثم تتوقف مباشرة دون مبررات واضحة، وهو ما قد يُربك الأسواق ويثير تساؤلات بشأن اتساق التوجه النقدي.

ليس هناك خفض جديد لأسعار الفائدة

في المقابل، استبعد عمرو الألفي رئيس استراتيجيات الأسهم في شركة “ثاندر لتداول الأوراق المالية”، أي خفض جديد في أسعار الفائدة حتى منتصف هذا العام، على أن يعاود المركزي المصري الخفض بتأنٍ بدءاً من الاجتماع الخامس في أغسطس المقبل، خاصة مع حالة الاضطرابات العالمية الحالية وتبيث الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، ومن ثم ضرورة السيطرة أولاً على معدلات التضخم محلياً قبل التسرع بأي خفض جديد، حتى لا يضطر المركزي المصري إلى معاودة رفع أسعار الفائدة مرة أخرى.

كان البنك المركزي قد أوضح في البيان المرافق لقرار السياسة النقدية في أبريل، أن خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 225 نقطة أساس يُعد “مناسباً للحفاظ على سياسة نقدية ملائمة تهدف إلى ترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولي المتوقع للتضخم”، لافتاً إلى أن الأداء الشهري لمعدل التضخم منذ بداية العام بدأ في الاقتراب من نمطه المعتاد تاريخياً، مما يشير إلى تحسن توقعات التضخم، ومتوقعاً أن يستمر التضخم في الانخفاض خلال العامين الجاري والمقبل، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول.

كما تُرجح سلمى طه حسين، مدير إدارة البحوث بشركة “نعيم للوساطة في الأوراق المالية”، أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه القادم، سعياً لتحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي واحتواء الضغوط التضخمية. 

وقالت إن بعض المؤشرات الاقتصادية تعد من العوامل الأساسية التي يعتمد عليها البنك المركزي في توجيه سياسته النقدية، إذ تعكس هذه المؤشرات ديناميكيات الاقتصاد وتساعد في الحد من تقلبات النشاط الاقتصادي الحقيقي، أو ما يعرف بـ”فجوة الإنتاج”، وفقاً لاستراتيجية البنك المركزي.

تراجع مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لمصر الصادر عن ستاندرد آند بورز إلى 48.5 نقطة في أبريل، مقارنة بـ 49.2 نقطة في مارس، ليسجل بذلك أدنى قراءة له حتى الآن في عام 2025. حيث إن القراءة دون 50 نقطة تشير إلى انكماش النشاط الاقتصادي.

أضافت أن مؤشر مديري المشتريات هو أحد أبرز الأدوات التي تساهم في تقييم اتجاه النشاط الاقتصادي. حيث شهد القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكماشاً إضافياً خلال شهر أبريل، نتيجة تراجع الطلب المحلي والخارجي، مما أدى إلى انخفاض في كل من الطلبات الجديدة والإنتاج للشهر الثاني على التوالي. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *