وول ستريت تنهي السنة على مكاسب قوية رغم التراجعات الأخيرة

تراجعت الأسهم الأميركية والسندات إلى جانب الذهب والفضة في آخر يوم من عام 2025، منهية عاماً كان في مجمله إيجابياً، مع نبرة سلبية.
مدّد مؤشر “إس آند بي 500” سلسلة خسائره بعد عطلة عيد الميلاد، ليقلّص مكاسبه في عام 2025 إلى نحو 16%. ومع ذلك، سجّل المؤشر مكاسب للعام الثالث على التوالي، في أطول سلسلة ارتفاع له منذ عام 2021. وانخفض مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 0.8% يوم الأربعاء.
وانخفضت الفضة بشكل حاد، في ظل موجة من التقلبات المرتفعة التي شهدت تحركات سعرية بنسبة 5% أو أكثر دخلت يومها الرابع. ورفعت مجموعة “سي إم إي” متطلبات الهامش على عقود المعادن النفيسة الآجلة للمرة الثانية خلال أسبوع، عقب هذه التقلبات.
اقرأ أيضاً: بعد قفزة الذهب والفضة القياسية.. هل يستمر الزخم في 2026؟
عام مدفوع بتفاؤل الذكاء الاصطناعي
استمتع المستثمرون بعوائد قوية هذا العام في سوق مدفوعة بالتفاؤل حيال الإمكانات الاقتصادية الهائلة للذكاء الاصطناعي، وبتخفيضات أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
ومع ذلك، لم تكن الرحلة سلسة، إذ واجه المتداولون تقلبات ناجمة عن مجموعة من العوامل، من بينها السياسات التجارية الأميركية، والتوترات الجيوسياسية، والمخاوف بشأن التقييمات المرتفعة، إضافة إلى بعض الغموض المحيط بمسار السياسة النقدية للبنوك المركزية.
وبالنظر إلى عام 2026، تحذر شركة الأبحاث السوقية “بيسبوك إنفستمنت غروب” من توقع أداء قوي للأسواق في أول يوم تداول من العام الجديد. فمنذ عام 1953، بلغ التغير الوسيط لمؤشر “إس آند بي 500” في بداية العام نسبة 0.3% انخفاضاً، وفق مذكرة صادرة عن الشركة. وأضافت المذكرة أن سوق الأسهم تداولت أيضاً على انخفاض في أول يوم تداول خلال كل من الأعوام الثلاثة الماضية.
ما وراء الأسهم
في فئات أصول أخرى، سجلت سندات الخزانة الأميركية أقوى عام من حيث العوائد منذ 2020. أما العملات المشفرة، فكانت الاستثناء الأبرز، إذ تكبدت عملة “بتكوين” خسارة سنوية بعد أن محت موجة صعود سابقة دفعتها إلى مستوى قياسي في أكتوبر.
وقال آدم تورنكويست، كبير المحللين الفنيين لدى “إل بي إل فاينانشال”: “قد يكون وصف عام 2025 بأنه عام مرن أقل من الواقع”.
وأضاف: “أظهر الاقتصاد قوة ملحوظة من خلال تجاوزه تضخماً مرتفعاً، وتباطؤاً في سوق العمل، وعدداً أقل من تخفيضات أسعار الفائدة مقارنة بما كان متوقعاً في الأصل، وارتفاعاً حاداً في معدل الرسوم الجمركية الفعلي. وعلى الرغم من هذه التحديات، ظل النمو مستقراً من دون الانزلاق إلى ركود”.
اقرأ أيضاً: ما الذي ينتظر العملات المشفرة في 2026؟
وتلاشت زخمات العام في الأيام الأخيرة من ديسمبر، مع إرجاء المتداولين القرارات الكبرى إلى ما بعد فترة العطلات، بعد أن حققوا بالفعل عوائد قوية.
وقال روبرتو شوليتس، رئيس الاستراتيجية في “سينغولار بنك”: “بعد عام ممتاز في أسواق الأسهم، ومع وصول المراكز الاستثمارية إلى مستويات قياسية في أواخر نوفمبر، قد يكون مديرو المحافظ والصناديق قد أغلقوا رهاناتهم وأعادوا مواءمتها مع المؤشرات المرجعية”.
وأضاف: “سيناريو الأساس لدينا يتمثل في استمرار السوق الصاعدة، وإن كان مع تقلبات أعلى، وبعائدات في حدود خانة الآحاد المتوسطة”.
المعادن والعملات والبيانات الأميركية
تراجعت أسعار الذهب والفضة في نهاية أفضل عام لهما منذ سبعينيات القرن الماضي. وحقق النحاس أفضل أداء سنوي له منذ عام 2009، مدفوعاً بشح الإمدادات على المدى القريب، والرهانات على أن الطلب على المعدن الأساسي لعمليات التحول الكهربائي سيتجاوز الإنتاج.
وقال بريندان فاغان، استراتيجي الاقتصاد الكلي في “بلومبرغ ماركتس لايف”: “كان عام 2025 هو العام الذي أثبتت فيه استراتيجيات التنويع جدواها أخيراً. قدمت الأسهم أداءً جيداً، لكن المعادن تصدرت المشهد مع تآكل الثقة وإعادة تسعير مخاطر السياسات”.
ولم تشهد الأسواق تحركات تُذكر حتى بعد صدور بيانات طلبات إعانة البطالة الأميركية يوم الأربعاء. إذ انخفضت طلبات إعانة البطالة الأسبوع الماضي إلى أحد أدنى مستوياتها هذا العام.
اقرأ أيضاً: أكبر 11 رهاناً في 2025.. فقاعات وصفقات صادمة
وتراجعت الطلبات الأولية بمقدار 16 ألف طلب إلى 199 ألفاً في الأسبوع المنتهي في 27 ديسمبر، وفق بيانات صادرة عن وزارة العمل الأميركية. وكان المتوسط المتوقع في استطلاع أجرته “بلومبرغ” لآراء الاقتصاديين يشير إلى 218 ألف طلب.
وتراجعت سندات الخزانة بشكل طفيف، مع ارتفاع عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.17%.
واستقر الدولار إلى حد كبير بعد سلسلة مكاسب استمرت ثلاثة أيام. ومع ذلك، سجلت العملة الأميركية أضعف أداء سنوي لها منذ عام 2017، مع قول مستثمرين إن المزيد من التراجع قد يكون قادماً إذا اختار الرئيس المقبل للاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بوتيرة أعمق مما هو متوقع حالياً.
انخفاض “بتكوين” والنفط
وفي الوقت نفسه، جرى تداول عملة “بتكوين” قرب مستوى 87584 دولاراً. واستقرت العملة الرقمية ضمن نطاق يتراوح بين 85 ألفاً و95 ألف دولار، عقب انهيار في أكتوبر وضعها على مسار تسجيل أول خسارة سنوية لها منذ ثلاث سنوات.
وبعد أن بدأت عام 2025 بموجة صعود غذّاها التفاؤل حيال السياسات الداعمة للعملات المشفرة في ظل إدارة دونالد ترمب الثانية، تعرضت “بتكوين” لضغوط بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بالرسوم الجمركية الأميركية.
وفي سوق الطاقة، أنهى النفط العام على أكبر خسارة سنوية له منذ 2020، في وقت تواجه السوق مخاطر جيوسياسية واسعة النطاق، وارتفاعاً مطّرداً في الإمدادات حول العالم.



