اليوان يهبط لأدنى مستوياته على الإطلاق خارج الصين

انخفض سعر اليوان في المعاملات الخارجية إلى أضعف مستوى له على الإطلاق بعد أن خففت الصين قبضتها الصارمة على العملة، وسط تصعيد كبير في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
سعر اليوان الصيني في الخارج هبط 0.4% إلى 7.3779 أمام الدولار في الساعة 10:30 صباحاً قبل بدء التداولات في نيويورك، مسجلاً أدنى مستوى على الإطلاق في التعاملات الفورية. وكان بنك الشعب الصيني قد حدد، في وقت سابق من اليوم، سعر الصرف المرجعي اليومي لعملته عند 7.2038 مقابل الدولار، وهو الأضعف منذ سبتمبر 2023.
وتُعد هذه هي أول مرة يتجاوز فيها السعر المرجعي مستوى 7.20 منذ فوز الرئيس دونالد ترمب بالانتخابات في نوفمبر. ويعتبر المستثمرون هذا المستوى بمثابة خط أحمر غير معلن يعكس نوايا السلطات تجاه العملة المُدارة.
الصين تدفاع عن جاذبية صادراتها
يُنظر إلى خفض قيمة اليوان على أنه أحد خيارات بكين لتعزيز جاذبية صادراتها، التي تشكل محركاً رئيسياً للنمو تزداد عليه الضغوط نتيجة التوترات التجارية. لكن ليس من السهل اتخاذ قرار يسمح بانخفاض حاد في سعر صرف اليوان، إذ قد يؤدي ذلك إلى تزايد التوقعات المتشائمة تجاه الاقتصاد، ويؤثر سلبياً على تدفقات رأس المال، ويستفز الولايات المتحدة، ويقلل احتمالات عقد أي مفاوضات تجارية.
بالمقابل، فإن الإبقاء على سعر الصرف مرتفعاً بشكل مصطنع قد يٌضعف الصادرات ويفاقم التأثير السلبي على اقتصاد يعاني صعوبات أصلاً. كما أن احتمال إرجاء تخفيف الضغوط المتراكمة لتراجع سعر اليوان قد يؤدي إلى تزايد التقلب في الأسواق المالية.
قالت بيكي ليو، مديرة الاستراتيجية المعنية بالاقتصاد الكلي في الصين لدى “ستاندرد تشارترد بنك”، إن سعر الصرف المرجعي “قد يشير إلى تحول نظام الصرف الأجنبي في الصين إلى الخفض المُدار بدلاً من وضع حد أقصى ثابت لا يتجاوز 7.35 لليوان الفوري مقابل الدولار. الصين تسمح بمرونة أكبر في سعر الصرف، في إطار الأدوات المتاحة لتخفيف الضغط على النمو، في ظل رفع الرسوم الجمركية”.
احتدام حرب الرسوم الأميركية الصينية
هدد الرئيس ترمب يوم الإثنين بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50% على الصين إن لم تتراجع عن خططها للرد على التعريفات التي أُعلن عنها، بعد فرضه أكبر الرسوم الجمركية الأميركية منذ قرن الأسبوع الماضي.
أشارت وزارة التجارة الثلاثاء إلى أن الصين “ستقاتل حتى النهاية” إذا أصرت الولايات المتحدة على تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة. انحسرت الآمال في التوصل إلى اتفاق تجاري بعدما أعلنت بكين عن تدابير انتقامية تشمل فرض تعريفات جمركية متماثلة على كل البضائع الأميركية، وقيود على تصدير المعادن الأرضية النادرة.
توقعات خفض اليوان
تحظى إعادة التقييم المحتملة لاستراتيجية العملة الصينية باهتمام المتعاملين منذ بداية فترة ترمب الرئاسية الثانية، لكن صانعي السياسات تعهدوا أكثر من مرة بالحفاظ على استقرار اليوان ومنع أي ارتفاع مفرط في أسعار الصرف. والآن يبحث المستثمرون عن أي دلائل جديدة من البنك المركزي تشير إلى موقفه من اليوان، وما إذا كانت الصين ستواصل التيسير النقدي بعد الصدمة التي أحدثها رفع الرسوم الجمركية في الأسواق العالمية.
تتوقع مجموعة متزايدة من المحللين، رغم عدم توافق آرائهم، انخفاضاً حاداً في سعر اليوان في المستقبل القريب.
يتوقع مصرف “ويلز فارغو أند كو” (Wells Fargo & Co) احتمال خفض قيمة اليوان بنحو 15% بشكل متعمد خلال شهرين. فيما أشار براد بيكتل، المدير العالمي لأسعار الصرف لدى “جيفريز فاينانشيال غروب” (Jefferies Financial Group)، أن هناك احتمالاً بنسبة 75% أن تخفض بكين قيمة اليوان، وفي حالة قرر بنك الشعب الصيني فعل ذلك يُرجح أن “يجري خفضاً كبيراً، بنسبة 20% أو 30% على سبيل المثال”.
لكن معظم المحللون يتوقعون تحركا بوتيرة أهدأ، إذ قد يفاقم خفض قيمة العملة نزوح تدفقات رأس المال، ويُضعف ثقة المستثمرين في الأصول الصينية. وحتى لو بدأ التشاؤم في الانتشار، فلدى بنك الشعب الصيني أدوات كثيرة لتقليل التقلب في السوق. فيما سبق، استخدم البنك المركزي أدوات لوقف انخفاض اليوان مثل تعديل حجم السيولة في سوق الصرف الأجنبية وإصدار السندات الخارجية.
قال كين تشيونغ، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسعار الصرف في آسيا لدى “ميزوهو بنك” (Mizuho Bank): “نتوقع أن يسمح بنك الشعب الصيني بمزيد من المرونة، صعوداً وهبوطاً، في أسعار الصرف الأجنبي تدريجياً لضبط السوق التي تقلبت بعد يوم الإعلان عن التعريفات الجمركية. مع ذلك، فإن احتمال الانخفاض الحاد في قيمة اليوان يعد مستبعداً نظراً للمخاطر على تدفقات رأس المال. كما سيفضل بنك الشعب الصيني الحفاظ على استقرار سعر الصرف ليؤمن لنفسه مجالاً لاستئناف التيسير النقدي”.