اخر الاخبار

“KKR” للاستثمارات البديلة تكثف رهانها على الشرق الأوسط

في أكتوبر الماضي، توافد أكثر من 150 من المتخصصين في شركة “كيه كيه آر” (KKR & Co) إلى أبوظبي، وعقدوا اجتماعات في غرف المؤتمرات في فندق “ماندارين أورينتال”، وتناولوا العشاء في هذه المنطقة الصحراوية، قبل أن ينتقلوا للقاء مؤسسات استثمارية في مختلف أنحاء المنطقة التي باتت اليوم في صميم النظام المالي العالمي.

بعد أسابيع من ذلك اللقاء الخارجي، اختارت “كيه كيه آر” أبوظبي مقراً لمكتبها الثالث في الشرق الأوسط. بالنسبة لعملاقة الاستثمارات البديلة التي تدير أصولاً بقيمة 723 مليار دولار، وكانت من أوائل الشركات التي أرست صناعة الاستحواذ، تعكس هذه الخطوات تنامي أهمية منطقة الخليج الغنية بالنفط والتي تتمتع بتركيبة سكانية شابة، ونمو في الاستهلاك، واقتصاد قوي.

تأسست “كيه كيه آر” في الولايات المتحدة قبل نحو خمسة عقود، ثم توسعت إلى أوروبا وآسيا. تمتلك الشركة مكتباً في دبي منذ 2009 وبدأت في توظيف رؤوس الأموال في المنطقة بشكل أكبر خلال الفترة الأخيرة، إلا أن التنفيذيين بالشركة يتطلعون إلى تعزيز حضورهم.

قال سكوت نوتال، الرئيس التنفيذي المشارك، في مقابلة مع “بلومبرغ نيوز” في الرياض على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار: “حين نقرر الدخول إلى منطقة ما، نعمل بأسلوب يشبه التشغيل المباشر، لا التدريجي”. أضاف في مقابلة حصرية، إلى جانب اثنين من كبار التنفيذيين الإقليميين في “كيه كيه آر”: “نريد استثمار المزيد من رأس المال هنا، ومع الشركاء الموجودين هنا”.

سجلت الشركة مؤخراً ثاني أعلى ربع سنوي لها في جمع الأموال، وهي فترة شهدت أيضاً ارتفاعاً حاداً في نشاط الاستثمارات. خلال العام الماضي، ضخت حوالي 85 مليار دولار عالمياً عبر فئات الأصول المختلفة.

يُشكل الشرق الأوسط نسبة محدودة من ذلك، لكن نوتال تعهّد بزيادة حجم الأموال “على نحو مشابه لما فعلناه في أوروبا وآسيا”.

اقرأ أيضاً: “KKR” تفتتح مكتباً في أبوظبي لتعزيز توسعها في الشرق الأوسط

اقتصادات الخليج الصاعدة

استقطبت اقتصادات الخليج الصاعدة شركات الاستحواذ؛ إذ تسعى هذه الدول لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن النفط نحو مجالات مثل التمويل والذكاء الاصطناعي. وتُعدّ برامج الخصخصة الضخمة أيضاً فرصة مربحة في هذا الصدد.

لكن اللحظة الحالية دقيقة بالنسبة لمديري الاستثمارات البديلة في المنطقة. فالعديد من أكبر صناديق الثروة الخليجية، التي كانت تاريخياً من أبرز داعمي هذا القطاع، أصبحت أكثر انتقائية في اختيار من تتعامل معهم. أطلق بعضها تحذيرات بشأن ممارسات التقييم والعوائد، فيما يرى آخرون أن أجزاء من السوق أصبحت مزدحمة.

من جهتها، زادت “كيه كيه آر” وتيرة صفقاتها في الخليج، حيث قال نوتال إن المنطقة حققت “نمواً يشبه الأسواق الناشئة مع مستوى مخاطر يقترب من الأسواق المتقدمة”. استثمرت الشركة نحو ملياري دولار خلال الأشهر العشرة الماضية، شملت شراء حصة في شبكة خطوط أنابيب الغاز التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وحصة في واحدة من أكبر شركات مراكز البيانات في الخليج.

اقرأ التفاصيل: “KKR” تستحوذ على حصة أقلية في “أدنوك لأنابيب الغاز”

رؤية “كيه كيه آر” واسعة

تدفّق عمالقة ماليون عالميون آخرون كذلك إلى المنطقة. أصبحت “بروكفيلد أسيت مانجمنت” (Brookfield Asset Management) اليوم من أكبر المستثمرين الأجانب في الخليج، فيما ألمحت “بلاك روك” (BlackRock) مؤخراً إلى طموحات لتعزيز استثماراتها الإقليمية بشكل كبير، بينما كثّفت شركات مثل “سي في سي كابيتال بارتنرز” (CVC Capital Partners Plc) و”جنرال أتلانتك” (General Atlantic) نشاط عقد الصفقات.

سيتوجه مسؤولون تنفيذيون من العديد من هذه الشركات إلى أبوظبي هذا الشهر للمشاركة في مؤتمر التمويل السنوي للمدينة.

قلل مسؤولو “كيه كيه آر” من أهمية المخاوف حيال المنافسة، مؤكدين أن قدرتهم على تنفيذ مجموعة أوسع من الصفقات تمنحهم أفضلية. يستثمر فريق الشركة من محفظة عالمية من رأس المال، ما يتيح لها استهداف فرص أكبر، بحسب جوليان بارات-ديو، رئيس الاستثمارات في الشرق الأوسط.

قال في المقابلة: “مهمتنا واسعة ومرن جداً فيما يتعلق بمدة الاستثمار وكلفة رأس المال إضافة إلى الحجم وهياكل الحوكمة وفترات الاحتفاظ”. وأضاف قائلاً: “هذا يمنحنا عدسة واسعة للغاية عند تنفيذ الاستثمارات ويوسّع مجموعة الفرص المتاحة”. وأشار إلى أن “القدرة على العمل عبر هذا النطاق الكامل تساعد كثيراً”.

افتتحت “كيه كيه آر” مكتبها الإقليمي الأول في دبي قبل 16 عاماً، تلاه مكتب الرياض في 2014. توافد المؤسسون المشاركون، بما في ذلك هنري كرافيس، إلى مدن الخليج لأكثر من ثلاثة عقود لجمع رأس المال وبناء الشراكات مع صناديق الثروة السيادية. أما نوتال نفسه فهو زائر دائم، بينما يشكّل الجنرال الأميركي السابق ديفيد بتريوس، الذي يشغل منصب رئيس أعمال الشركة في الشرق الأوسط منذ أبريل، حضوراً ثابتاً في المنتديات المالية الإقليمية.

طالع أيضاً: “KKR” تستثمر في شركة لمراكز البيانات بالشرق الأوسط مع ارتفاع الطلب الرقمي

فريق “كيه كيه آر” في الخليج

تمتلك الشركة حالياً 20 موظفاً في المنطقة، وأطلقت مؤخراً فريق استثمارياً بقيادة بارات-ديو. قال نوتال: “هذا ليس مسعى جديداً”. وأضاف: “الأصغر عمراً هنا هو فكرة استثمار رأس المال في المنطقة، وليس فقط جمع رأس المال منها”.

أدى هذا الإقبال على عقد الصفقات إلى إحياء القطاع في المنطقة بعد انهيار مجموعة “أبراج”، لكنه في الوقت نفسه زاد حدة المنافسة على الأصول وحصة من مليارات المنطقة. حتى تصاعد التوترات الإقليمية خلال الصيف وتقلبات أسعار النفط لم يثنِ الشركات عن الاستمرار في تأسيس مكاتب محلية وإضافة محترفين في الاستثمار.

قال جورج ترواب، الشريك الإداري في شركة الاستشارات “لومينا كابيتال أدفايزرز” (Lumina Capital Advisers) ومقرها في دبي: “الشرق الأوسط هو سرّ لا يخفى على أحد في العالم”. وأضاف: “امتلكت شركات مثل بروكفيلد أفضلية الدخول المبكر عبر الحصول على سلسلة من الصفقات، وقد لاحظ الآخرون ذلك”، مشيراً إلى أن الشركات التي كانت أقل حضوراً في المنطقة بدأت اليوم تعيد ضبط استراتيجياتها.

تتركز الصفقات الأخيرة في قطاعات مرتبطة بنمو المنطقة. استثمرت “بروكفيلد” العام الماضي في مزود تعليمي مقره دبي، فيما ضخت “بيرميرا” (Permira) و”بلاكستون” (Blackstone) أموالاً في موقع للإعلانات العقارية مؤخراً، في رهان على أن تدفق الوافدين سيواصل تعزيز هذه القطاعات.

قال نوتال: “من منظور استثماري، إنها منطقة مثيرة للاهتمام للغاية، وهناك الكثير من السمات التي تتناغم مع ما نراه في آسيا”، مضيفاً: “نحن أكبر مدير أصول في آسيا”.

قد يهمك: بعد عمليات بـ60 مليار دولار.. صانع الصفقات “KKR” يتوقف لالتقاط الأنفاس 

انفتاح دول الخليج

بدأت شركات الاستحواذ بتغيير نهجها تجاه المنطقة قبل بضع سنوات عندما قررت دول الخليج فتح بعض أصولها الحيوية أمام المستثمرين الدوليين. شاركت “كيه كيه آر” و”بلاك روك” (BlackRock) في أول صفقة من هذا النوع في الشرق الأوسط، عندما استحوذتا على حصة في شبكة خطوط أنابيب النفط التابعة لـ”أدنوك” في عام 2019.

قال الجنرال بتريوس في المقابلة: “كل دولة لديها خطط طموحة للتحول الاقتصادي، وتسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية”. وأضاف: “الفكرة هي: لماذا تحتفظ بكل هذه الأصول في ميزانيتك، بينما يمكن لشركة استثمارية أن تأتي وتشتري جزءاً منها؟”.

تواصل مثل هذه الصفقات توفير فرص لشركات الاستحواذ. في وقت سابق من هذا العام، وقعت “أرامكو” السعودية صفقة تأجير بقيمة 11 مليار دولار مع مجموعة تقودها “غلوبال إنفراستركشر بارتنرز” التابعة لـ”بلاك روك” لأصول مرتبطة بمشروع غاز الجافورة.

تدرس “أرامكو” الآن خططاً لجمع مليارات الدولارات عبر بيع أصول تشمل نشاط محطاتها لتصدير النفط وتخزينه. امتد هذا التوجه أيضاً إلى أماكن أخرى مثل الكويت، حيث تدرس شركة النفط الحكومية تأجير جزء من شبكة خطوط الأنابيب للمساعدة في تمويل خطة استثمارية بقيمة 65 مليار دولار.

رغم ذلك، تبقى المنطقة سوقاً صعبة الاختراق لمديري الأصول البديلة. يمكن أن تكون عمليات الطرح أقل تنظيماً مقارنةً بالغرب، كما تتردد بعض الشركات في التنازل عن السيطرة، إضافة إلى أن أسواق المال في المنطقة أقل سيولة.

يسعى مسؤولو “كيه كيه آر” إلى الاعتماد على حضورهم المحلي لمعالجة بعض هذه التحديات. قال بارات-ديو إن جزءاً كبيراً من خط الصفقات يأتي من خلال المحادثات المباشرة مع الجهات المحلية.

وأضاف قائلاً: “عليك أن تكون على الأرض”، مضيفاً: “هذا مستحيل إذا كنت تجلس في لندن أو نيويورك، عليك ببساطة أن تلتقي بالناس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *