اخر الاخبار

“ASML” تضخ 1.3 مليار يورو في ميسترال الأوروبية للذكاء الاصطناعي

تستثمر شركة “إيه إس إم إل هولدينغ” (ASML Holding NV) ما يصل إلى 1.3 مليار يورو (1.5 مليار دولار) في شركة “ميسترال إيه آي” (Mistral AI) الفرنسية ضمن شراكة استراتيجية، في خطوة غير مألوفة من جانب شركة معدات تصنيع الرقائق الهولندية لتعزيز مكانة أبرز شركة ناشئة أوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي.

بموجب هذا الاستثمار، أصبحت “إيه إس إم إل” أكبر مساهم في “ميسترال” بحصة تبلغ 11%، بحسب بيان مشترك بين الشركتين صدر الثلاثاء. وأوضحت “ميسترال”، المتخصصة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وروبوتات المحادثة، أن الاستثمار جاء ضمن جولة تمويل بقيمة 1.7 مليار يورو، والتي ضاعفت تقريباً تقييم الشركة إلى نحو 11.7 مليار يورو، ما يجعلها واحدة من أكثر الشركات الخاصة قيمة في أوروبا.

يمنح هذا التحالف المنافس الأوروبي الوحيد القادر على مواجهة عمالقة الذكاء الاصطناعي مثل “أوبن إيه آي” (OpenAI)، دعماً من إحدى أكبر وأقوى شركات التكنولوجيا في القارة. ويُنظر إلى الصفقة كإضافة مهمة لحركة السيادة التكنولوجية في الاتحاد الأوروبي، التي تدعو لتقليل الاعتماد على أدوات وادي السيليكون، والتي ازدادت قوة في ظل سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه الدول التي يعتبرها مهددة للمصالح الأميركية.

دمج الذكاء الاصطناعي في أعمال “ASML”

مع ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة “إيه إس إم إل” كريستوف فوكيه إن الغاية الرئيسية من الصفقة تكمن في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن أنشطة الشركة، وليس إنشاء كيان أوروبي رائد. وهذا الاستثمار والشراكة مع “ميسترال” سيمنحان شركة تصنيع معدات الرقائق “إيه إس إم إل” فرصة لدمج خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تطورها “ميسترال” في معداتها وعملياتها التشغيلية.

وقال فوكيه في مقابلة: “نرغب في أن يتغلغل الذكاء الاصطناعي في جميع أركان شركة إيه إس إم إل”.

تُعد الشركة الهولندية المنتج الوحيد لمعدات الطباعة الحجرية المتطورة التي تعتمد عليها شركات أشباه الموصلات في تصنيع رقائق متقدمة تُستخدم في منتجات مثل هواتف “أيفون” التابعة لشركة “أبل” (Apple) ومسرعات الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة “إنفيديا” (Nvidia). ولم يسبق لشركة “إيه إس إم إل” أن دعمت شركة في مجال الذكاء الاصطناعي من قبل، كما نادراً ما تستثمر في الشركات الناشئة.

“ميسترال” بديل أوروبي لوادي سيليكون

بالنسبة لشركة “ميسترال”، تمثل هذه الصفقة دفعة قوية داخل سوق مُكلفة وتنافسية. تأسست الشركة في مطلع عام 2023، وقدمت نفسها كبديل لشركات وادي السيليكون الرائدة مثل “أوبن إيه آي” و”جوجل”. وتُعد “ميسترال” ركيزة أساسية في استراتيجية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهادفة إلى ترسيخ مكانة فرنسا كمنافس قوي في مجال الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: كيف يعيد الذكاء الاصطناعي صياغة المستقبل ويغير قواعد اللعبة؟

وقال آرثر مينش، الرئيس التنفيذي لشركة “ميسترال”، إن التعاون مع شركة أوروبية “كان بمثابة الكرز فوق الكعكة” في هذه الصفقة. وأضاف: “إنها قصة جيدة لشركتين أوروبيتن رائدتين تعملان معاً، ونتمنى أن تتكرر هذه الشراكات أكثر”.

رغم إعلان “ميسترال” عن إبرام صفقات مع شركات أوروبية كبرى مثل “بي إن بي باريبا” (BNP Paribas SA) و”ستيلانتيس” (Stellantis NV)، إلا أنها لم تكشف حتى الآن عن أي عميل رئيسي في الولايات المتحدة، بالرغم من محاولاتها دخول السوق الأميركية.

كما عانت الشركة من صعوبة في مجاراة منافسيها الأميركيين، حيث نجحت شركات مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك” (Anthropic) و”إكس إيه آي” (xAI) التابعة لإيلون ماسك في جمع تمويلات أكبر بكثير. وقد بلغ تقييم “أوبن إيه آي” 500 مليار دولار في أحدث جولة لبيع الأسهم الثانوية، أي أكثر من 40 مرة عن قيمة “ميسترال”.

نماذج ذكاء اصطناعي تلائم الشركات

أكدت “ميسترال” مؤخراً على إبراز كيف يمكن تكييف نماذجها مفتوحة المصدر لتلائم احتياجات الشركات، بما يمنحها مرونة أكبر مقارنة بالمنافسين. وقال مينش إن الشراكة مع “إيه إس إم إل” ستعزز تركيز “ميسترال” على قطاعات محددة مثل التصنيع.

اقرأ أيضاً: “ASML” تتوقع استمرار التعافي البطيء لسوق الرقائق خلال 2025

من جهته، أوضح فوكيه أن تقنيات “ميسترال” ستُسهم في تحسين كفاءة البرمجيات وتقنيات المسح الضوئي في معدات “إيه إس إم إل”. وأضاف: “لسنا نسعى للقيام بكل شيء بأنفسنا، بل نفضل التعاون مع أفضل الشركاء”. وبين أن الشركة درست بالفعل عدة شركات أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي كشركاء محتملين، لكنه لم يكشف عن أسمائها.

وقبيل الإعلان الرسمي، أبدى بعض المحللين استغرابهم من منطق الصفقة. فقد قال ديفيد داي، المحلل في “بيرنشتاين”، في رسالة بريد إلكتروني يوم الاثنين، إن استثمار “إيه إس إم إل” في “ميسترال” قد ينسجم مع استراتيجيتها الناشئة لدعم الشركات الناشئة المحلية، لكنه توقع أن يكون العائد المباشر على أعمال الشركة “محدوداً”.

مساهمون جدد في “ميسترال”

على خلاف شركات أخرى في صناعة أشباه الموصلات مثل “إنفيديا” و”إنتل” (Intel)، ظلت “إيه إس إم إل” بعيدة إلى حد كبير عن استثمارات رأس المال المغامر. فقد دعمت صندوق تكنولوجيا هولندي وعدداً من الشركات الناشئة المحلية، من بينها مطوّر الدوائر المتكاملة “سمارت فوتونيكس” (Smart Photonics)، ضمن جولة تمويل بلغت 100 مليون يورو. وعادةً ما تركز الشركة استثماراتها على عناصر من سلسلة التوريد الخاصة بها، مثل حصتها في شركة البصريات “كارل زايس إس إم تي” (Carl Zeiss SMT) لدعم تطوير تقنيات الليزر المستخدمة في معداتها.

من المقرر أن ينضم روجر داسن، المدير المالي لشركة “إيه إس إم إل”، إلى مجلس إدارة “ميسترال”.

قال مينش إن المؤسسين الثلاثة وموظفي “ميسترال” لا يزالوا مساهمين رئيسيين. كما شارك في جولة التمويل الأخيرة إلى جانب “إيه إس إم إل” عدد من المستثمرين السابقين، من بينهم “إنفيديا” وشركات رأس المال المغامر الأميركية “أندريسن هورويتز” (Andreessen Horowitz)، “جنرال كاتاليست” (General Catalyst)، و”دي إس تي غلوبال” (DST Global).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *