5 مرشحين يقتربون من عرش الاحتياطي الفيدرالي.. من الأوفر حظاً؟

مع اقتراب انتهاء فترة ولاية رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الحالي جيروم باول في مايو، أصبح القرار بشأن من سيصبح أهم مصرفي مركزي في العالم وشيكاً.
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، أعلن أسماء خمسة مرشحين نهائيين لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي لخلافة باول في منصبه، وقال الرئيس دونالد ترمب إنه يتوقع اتخاذ قرار بشأن المرشح قبل نهاية العام، وفق “بلومبرغ”.
ومن المرجح أن يُعين رئيس الفيدرالي المقبل لشغل مهام منصبه في أوائل 2026، مع أن ولاية جيروم باول تنتهي خلال مايو المقبل، حسب “بلومبرغ”.
في التقرير التالي، نلقي الضوء على مهام رئيس الاحتياطي الفيدرالي وسمات أبرز المرشحين ورؤساء الاحتياطي الفيدرالي في السنوات الأخيرة.
ما هي مهام رئيس الاحتياطي الفيدرالي؟
يتمتع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بسلطة واستقلالية استثنائيتين داخل واشنطن، تفوق ما يتمتع به معظم المسؤولين الآخرين. فهو المتحدث الرسمي باسم البنك المركزي، ويتولى التفاوض مع السلطة التنفيذية والكونغرس، ويحدد جدول أعمال اجتماعات مجلس المحافظين ولجنة السوق المفتوحة، وفق مركز أبحاث “مجلس العلاقات الخارجية” (CFR)، الذي يقع مقره في الولايات المتحدة.
كما يتابع المحللون والمستثمرون تصريحاته عن كثب، فيما تتفاعل الأسواق فوراً مع أي إشارة منه ولو كانت بسيطة بشأن سياسة أسعار الفائدة، حسب مركز الأبحاث.
ويُعين رئيس الفيدرالي من قِبل الرئيس الأميركي، فيما يتمتع البنك المركزي باستقلالية مالية كبيرة عن الكونغرس كونه يدير ميزانيته بنفسه. وبعد المصادقة على التعيين، يكون رئيس الفيدرالي بمنأى عن سيطرة البيت الأبيض أيضاً، إذ لا توجد آلية معتمدة تسمح للرئيس بإقالته، كما يُعد الأمر محل جدل قانوني حول إمكانية حدوثه من الأساس.
كان ترمب قد قال إنه “لا يخطط للقيام بأي شيء” لإقالة باول، بعد أن أفاد مسؤول في البيت الأبيض بأن الرئيس من المرجّح أن يسعى قريباً لعزله، وفق “بلومبرغ” في 16 يوليو.
كما أصرّ باول على أن الرئيس لا يملك السلطة القانونية لعزل أو تخفيض رتبة المسؤولين في قيادة الاحتياطي الفيدرالي. وفي أبريل قال: “لا يمكن إزالتنا إلا بموجب مقتضى قانوني”. وعبر ترمب مراراً عن إحباطه من قرار البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، قبل البدء في خفضها لاحقاً.
من هم المرشحون النهائيون لمنصب رئيس الفيدرالي؟
تضم القائمة النهائية للمرشحين التي أعلنها بيسنت كلاً من:
كيفن هاسيت
يتصدر كيفن هاسيت، أحد أقدم المساعدين للشؤون الاقتصادية للرئيس ترمب، قائمة المرشحين الأوفر حظاً لخلافة باول في رئاسة الفيدرالي، حسبما أوردت “بلومبرغ” في يوليو.
كان يُنظر إلى هاسيت سابقاً كخبير اقتصادي محافظ معتدل، متوافق مع سياسيين مثل ميت رومني. لكنه أصبح ضمن دائرة ترمب منذ ما يقارب 10 سنوات. واتبع في إدارته للمجلس الاقتصادي الوطني نهجاً مختلفاً عن سلفه غاري كون، الذي حاول كبح نزعات ترمب بشأن الرسوم الجمركية، والذي لم يبق طويلاً في منصبه.
أما هاسيت، فقد انخرط كلياً في نهج “لنجعل أميركا عظيمة مجدداً”، وراح يكرس مواقف ترمب بشأن التجارة والضرائب والتضخم في الولايات المتحدة والفيدرالي، خلال ظهوره المتكرر على شاشات التلفزيون.
كما يتمتع هاسيت بميزة قربه اليومي من الرئيس، إذ يملك مكتباً في الجناح الغربي للبيت الأبيض. سبق لهاسيت أن ترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين خلال الولاية الأولى لترمب. وتضمنت مسيرته السابقة العمل كخبير اقتصادي في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ومدير أبحاث في معهد “أميركان إنتربرايز” (American Enterprise Institute)، وفق “بلومبرغ”.
يُعرف هاسيت بخبرته في قضايا الضرائب، وألف العديد من الكتب في هذا المجال. لكن كتابه الأشهر -وربما الأكثر إثارة للجدل- كان بعنوان “مؤشر داو عند 36 ألف نقطة”، الذي توقع فيه قفزة كبيرة في سوق الأسهم الأميركية، ونُشر قبيل انفجار فقاعة شركات الإنترنت. لم يصل مؤشر “داو” إلى هذا المستوى إلا بعد أكثر من عقدين.
اقرأ أيضاً: من هو كيفن هاسيت الأوفر حظاً لخلافة باول على رأس الفيدرالي؟
كريستوفر والر
يشغل حالياً عضوية مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعدما رشحه ترمب في يناير 2020، وأكد مجلس الشيوخ تعيينه في ديسمبر من نفس العام. وقبل ذلك، شغل والر منصب نائب الرئيس التنفيذي ومدير الأبحاث في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس. شغل والر الكرسي الأكاديمي المرموق باسم جيلبرت شيفر في قسم الاقتصاد بجامعة نوتردام الأميركية، وكرسي كارول مارتن جاتون في الاقتصاد الكلي والنظرية النقدية بجامعة كنتاكي في الولايات المتحدة، وفق صفحته على موقع “لينكد إن”.
حصل والر على درجة البكالوريوس من جامعة بيميدجي الحكومية ودرجة الدكتوراه من جامعة ولاية واشنطن. تشمل اهتماماته البحثية الاقتصاد السياسي للبنوك المركزية، ونظرية التفاوض، ودمج الأنظمة المصرفية الدولية، حسب صفحته على موقع التواصل الاجتماعي.
معرفته العميقة بالاحتياطي الفيدرالي قد تساعده على إدارة السياسة النقدية بكفاءة، كما أن معرفته بطريقة عمل الفيدرالي، قد تساعده في كيف يمكن إصلاحه بما يتماشى أكثر مع توجهات إدارة ترمب، وفق موقع “أكسيوس”.
ويُظهر والر حماسة حقيقية لإتاحة أنظمة الدفع التابعة للاحتياطي الفيدرالي أمام شركات التمويل اللامركزي المرتبطة بالعملات المشفرة، مما يساعده على كسب تأييد جزء مهم من ائتلاف ترمب، حسب الموقع الأميركي. ومع ذلك يبقى والر، الحصان الأسود في السباق ليكون الفائز غير المتوقع بالمنصب، حسبما ذكرت “بلومبرغ” في يوليو.
كيفن وورش
في عام 2017، التقى ترمب، وورش، ضمن مرشحين لرئاسة الفيدرالي، لكنه اختار في النهاية باول، لأنه رأى أن أفكار وورش متشددة للغاية وأن مظهره لا يوحي بالنضج الكافي، وفق “بلومبرغ” في يوليو.
في فبراير 2002، غادر وورش منصبه كنائب رئيس ومدير تنفيذي في “مورغان ستانلي” للانضمام إلى إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش. وعمل مساعداً خاصاً للرئيس في السياسة الاقتصادية وأمين تنفيذي في المجلس الاقتصادي الوطني، وفق موقع الاحتياطي الفيدرالي.
قدم وورش حينذاك المشورة للرئيس وكبار مسؤولي الإدارة حول القضايا المتعلقة بالاقتصاد الأميركي، خصوصاً في مجال تدفقات الأموال في أسواق رأس المال والأوراق المالية والبنوك والتأمين. وخلال تلك الفترة، كان أيضاً عضواً في مجموعة العمل الرئاسية حول الأسواق المالية.
رشح جورج دبليو بوش وورش ليشغل عضوية مجلس محافظي الفيدرالي في عام 2006. وهو المنصب الذي عمل فيه خلال الفترة بين 24 فبراير 2006 حتى 31 مارس 2011، وفق موقع الاحتياطي الفيدرالي.
درس وورش السياسة العامة مع التركيز على الاقتصاد والإحصاء في جامعة ستانفورد، حيث حصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في عام 1992. واصل وورش دراسته في كلية هارفارد للقانون حيث ركز على تقاطع القانون والاقتصاد والسياسات التنظيمية، وحصل على شهادة القانون في عام 1995، حسب موقع الاحتياطي الفيدرالي.
في نوفمبر 2024، أبدى بعض أبرز مستشاري الرئيس المنتخب ترمب حينذاك دعمهم لكيفين وورش، ليشغل منصب وزير الخزانة الأميركي، وفق “بلومبرغ”. وورش مرتبط بعلاقة نسب مع عائلة لودر المعروفة بإمبراطوريتها الشهيرة لمستحضرات التجميل “إستيه لودر” (Estée Lauder)، حسب المصدر ذاته.
ريك ريدر
يُعد ريدر من أبرز المديرين التنفيذيين في “بلاك روك”، إذ يشرف على نشاط الدخل الثابت للشركة. كان قد انضم إليها خلال 2009 بعد ما يقارب عقدين قضاهما في بنك “ليمان براذرز”. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن ريدر، يتقدم في قائمة المرشحين لتولي منصب رئيس الفيدرالي بعد انتهاء ولاية باول في مايو المقبل، حسبما ذكرت “بلومبرغ” في سبتمبر.
خلال مقابلة موسعة حينذاك استمرت ساعتين في نيويورك، ناقش وزير الخزانة سكوت بيسنت مع ريدر السياسة النقدية وهيكلية عمل بنك الفيدرالي الأميركي والسياسات التنظيمية.
وأبدى بيسنت إعجابه بمسيرة ريدر الطويلة في الأسواق وإدارته لفرق عمل كبيرة، إضافةً إلى فهمه العميق للعوامل الجزئية والكلية المؤثرة في الاقتصاد. وسُيدخل ريدر، في حال توليه رئاسة الأميركي، أسلوباً هادئاً ومعرفة واسعة بالشركات المالية خارج النظام المصرفي، وفق “بلومبرغ”.
يرى بيسنت أن من نقاط قوة ريدر اعتماده على أطر استشرافية لتقييم الاقتصاد بدلاً من الارتكاز فقط على البيانات الماضية. ويُذكر أن ترمب أبدى انزعاجه من اعتماد باول على البيانات لتوجيه قرارات الفيدرالي، واصفاً إياه بـ”المتأخر دائماً”.
اقرأ أيضاً: مدير تنفيذي في “بلاك روك” مرشح قوي لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي
ميشيل باومان
عينها ترمب في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي خلال ولايته الأولى، بصفتها متخصصة في شؤون البنوك المجتمعية التي تخدم الأحياء والمشروعات الصغيرة. كما منحها ترمب دوراً أكبر وأكثر تأثيراً داخل الاحتياطي الفيدرالي، لتشغل منصب نائبة رئيس الإشراف في وقت سابق من هذا العام، وفق موقع “أكسيوس”.
تولت باومان منصب الجديد في 9 يونيو 2025، لفترة مدتها أربع سنوات، حسب موقع الفيدرالي. شغلت باومان عضوية مجلس محافظي الفيدرالي في 2018، إبان ولاية ترمب الأولى. قبل تعيينها في المجلس، تولت باومان منصب مفوضة بنوك ولاية كانساس من يناير 2017 إلى نوفمبر 2018. وفق موقع الفيدرالي.
بالإضافة إلى خبرتها في القطاع المصرفي، عملت باومان في واشنطن العاصمة لصالح السيناتور بوب دول من ولاية كانساس بين 1995 و1996، كما شغلت منصب مستشارة للجنة النقل والبنية التحتية في مجلس النواب الأميركي ولجنة الإصلاح الحكومي والرقابة خلال الفترة من 1997 إلى 2002.
حصلت باومان على درجة البكالوريوس في الإعلان والصحافة من جامعة كانساس، وعلى شهادة القانون من كلية الحقوق بجامعة واشبورن. وتحظى بعضوية نقابة المحامين بولاية نيويورك. كما أنها متزوجة ولديها اثنان من الأبناء، وفق المصدر ذاته.
ما أبرز التحديات التي تواجه رئيس الفيدرالي المقبل؟
تشكل ضغوط التضخم المستمرة أحد أكبر التحديات، إذ تظل معدلات التضخم أعلى من هدف الفيدرالي عند 2%. انخفض تضخم أسعار المستهلك الأساسي بشكل طفيف في سبتمبر، لكنه عند 3%، وهو المستوى الذي استقر عليه خلال العام الماضي، ما يزال أعلى بكثير من هدف البنك المركزي.
في 17 سبتمبر، خفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، للمرة الأولى في عهد ترمب، والذي طالب مراراً وتكراراً بخفض الفائدة “بقوة” بما لا يقل عن 300 نقطة أساس خلال العام الحالي.
اقرأ أيضاً: لماذا على الاحتياطي الفيدرالي أن يتروى بشأن خفض الفائدة؟
ضعف سوق العمل يشكّل مصدراً للقلق، مع تراجع نمو التوظيف وتباطؤ الأداء الاقتصادي. وأكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، أن سوق العمل قد تباطأت، إلا أن معدل البطالة، الذي بلغ 4.3% في أغسطس، ما يزال متوافقاً مع هدف البنك المتمثل في “الحد الأقصى للتوظيف”.
غياب البيانات الكاملة بسبب تعطّل الحكومة الأميركية أو نقص الشفافية يجعل من اتخاذ القرار النقدي أكثر تعقيداً. فالإغلاق الحكومي أدى إلى تأخير أو إلغاء عديد من إصدارات إحصائية مقررة، وسيكون فهم حالة الاقتصاد صعباً جداً عند تدفق البيانات كالمعتاد، أما بغيابها، تكاد تكون المهمة مستحيلة.
وختاماً، في حين تتواصل الترشيحات والمشاورات، ستراقب الأسواق العالمية عن كثب اسم الرئيس المقبل للفيدرالي، لما لهذا المنصب من تأثير مباشر على حركة رؤوس الأموال وسعر الدولار ومسار الاقتصاد العالمي ككل.



