وول ستريت تنتعش بعد إشارة باول لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر
ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية بجميع فئاتها وتراجعت عوائد السندات، بعدما أعطى جيروم باول أوضح إشارة حتى الآن إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ خفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
وبينما كانت وول ستريت تتوقع بالفعل بداية تيسير السياسة النقدية الشهر المقبل، فإن تعليقات باول بأن “الوقت قد حان” أكدت صحة هذه الآراء. والآن هناك الكثير من الجوانب الأخرى في خطابه في جاكسون هول والتي لا ينبغي إغفالها. على سبيل المثال، اعترف رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتقدم الأخير بشأن محاربة التضخم. ثم هناك حقيقة أنه يرى أن الاقتصاد ينمو “بوتيرة قوية”، وهو ما يوفر الطمأنينة بعد الذعر الأخير حول النمو.
ولكن في الواقع كان تركيزه على “هدوء سوق العمل” هو الذي جذب انتباه العديد من مراقبي السوق. في الأساس، كان يُنظر إلى ذلك على أنه إشارة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيفعل كل ما في وسعه لتجنب التباطؤ الواضح.
رسالة واضحة
قال كريس زكاريلي من “إندبندنت أدفايزور أليانس” (Independent Advisor Alliance.): “يجب أن تكون السوق سعيدة بهذا الخطاب لأنه لم يكن مائلا للتشديد بأي شكل، كما انه أعطى الضوء الأخضر لخفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس، وترك الباب مفتوحاً لإجراء تخفيضات أكبر إذا أصبح ذلك ضروريا”.
من المؤكد أن التخفيضات الأكبر للفائدة يمكن أن تكون أيضاً إشارة تحذيية للأسهم، لأنها قد تشير إلى الاندفاع لمنع الانكماش الاقتصادي.
وأشار زكاريللي إلى أنه “من المهم في هذا الوقت اتباع نهج متوازن للاستثمار، وعدم التخطيط لركود وشيك، ولا مطاردة المخاطر، والرضا عن النفس لمجرد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة في أقل من شهر”.
من جانب آخر، أشار ريتشارد كلاريدا من شركة “باسيفيك إنفستمنت مانجمنت” إلى أنه خطاب باول لم يتناول أي مناقشة محددة لوجهة سعر فائدة التمويل في نهاية دورة التيسير النقدي هذه، أو وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة في الفترة المقبلة.
وقال كلاريدا، وهو أيضاً نائب سابق لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي: “لم يتم التركيز بعد على التفاصيل، ولكن بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، يبدو الاتجاه واضحاً”. وأضاف أن تقرير الوظائف لشهر أغسطس سيكون مهماً على الأرجح في مناقشة “خفض الفائدة 25 نقطة أم 50 نقطة؟”.
ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) بأكثر من 1%، وسط صعود كافة القطاعات الرئيسية. صعدت أسعار سندات الخزانة بكافة آجالها، وانخفض العائد على السندات لأجل عامين إلى ما دون 4%. وخسر الدولار 1% من قيمته. ويتوقع تجار المقايضة الآن خفض الفائدة بإجمالي يفوق 100 نقطة أساس هذا العام، وهو ما يعني ضمناً تخفيضاً في كل اجتماع سياسة نقدية متبقٍ حتى ديسمبر، ضمنهم خفض ضخم قدره 50 نقطة أساس.
وتيرة خفض الفائدة
قال ديفيد راسل من “تريد ستيشن” (TradeStation): “كان هذا حدثاً مهماً. جاء جيروم باول اليوم بسلسلة من التلميحات المائلة لتيسير السياسة النقدية. لقد أوضح هذه النقطة من خلال دعوة واضحة لتعديل السياسة النقدية. وهذا يحافظ على الظروف الداعمة للسوق حتى نهاية العام، مما يجعل من الصعب توقع إعادة اختبار أدنى مستويات هذا الشهر”.
يرى كريشنا جوها من “إيفركور”، أنه في حين لم يشير باول صراحة إلى “حجم” التخفيضات، فإن “الوتيرة” تتضمن إمكانية التحرك بشكل أسرع من 25 نقطة أساس لكل اجتماع.
وقالت سيما شاه من “برنسيبال أسيت مانجمنت” (Principal Asset Management): “لقد ضرب باول الجرس لبدء دورة التيسير النقدي”، و”لم يلتزم باول مسبقاً بخفض بمقدار 50 نقطة أساس. ولكن لا يخطئن أحد، إذا أظهرت سوق العمل علامات على مزيد من التباطؤ، فإن الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة عن اقتناع”.
وأشار نيل دوتا من “رينيسانس ماكرو ريسرش” (Renaissance Macro Research) إلى أن كلمة “تدريجي” كانت مفقودة من خطابه. وقال إنه على عكس بعض المتحدثين الأخيرين عن بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن باول لم يستبعد خيار خفض الفائدة بقوة أثناء إعادة ضبط السياسة النقدية. وأضاف دوتا: “ترتفع أسهم (باول) الأسطوري الآن” (أي توجه رئيس الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة لتفادي تعرض الاقتصاد للانزلاق في الركود).
تراجع سوق العمل أكثر مما كان يعتقد في السابق من شأنه أن يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى إجراء تخفيضات أسرع وأكثر حدة في أسعار الفائدة، وفقاً لأحدث استطلاع شهري أجرته بلومبرغ للاقتصاديين.
وهذا من شأنه أن يخفض سعر فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 75 نقطة أساس بحلول نهاية هذا العام من مستواها الحالي – مقارنة بمسح يوليو الذي توقع خفضها 50 نقطة أساس فقط– تليها وتيرة أسرع للتخفيضات حتى 2026.
وبينما ركز كثيرون انتباههم على خطاب باول في ندوة جاكسون هول، إلا أن مايكل ويلسون من “مورغان ستانلي”، يرى أن بيانات الوظائف في أوائل سبتمبر ستكون ذات أهمية أكبر.
وقال ويلسون، كبير استراتيجيي الأسهم الأميركية في البنك، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: “يتعلق الأمر ببيانات العمل، هذه هي ما سيحدد ما يفعله بنك الاحتياطي الفيدرالي، لقد قالوا ذلك. وهذا ما سوف يتعلق به السوق”.