اخر الاخبار

وزير المالية لـ”الشرق”: السعودية تحشد مؤسسات التمويل والدول لدعم سوريا

سجلت سوريا بداية عودتها للنظام الاقتصادي والمالي العالمي بشكل رسمي، بمشاركتها في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، والتي شهدت عقد طاولة مستديرة مخصصة لدعم الاقتصاد السوري بحشد من المملكة العربية السعودية وبحضور مؤسسات التمويل الدولية والإقلمية وعدد من الدول. وأكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية في مقابلة مع “الشرق” على سعي بلاده لإجراء إصلاح اقتصادي بلا قروض يعتمد على الدعم الفني المقدم من المؤسسات التمويلية الدولية والدول الصديقة.

وزير المالية السوري قال، في المقابلة التي أجرتها الزميلة نور عماشة في واشنطن إن “الفضل يعود لأشقائنا في السعودية في عقد اجتماع الطاولة المستديرة بشأن سوريا، ولا سيما وزير المالية محمد الجدعان على جهوده في حشد كل هذه المنظمات والدول لدعم سوريا”.

وكشف برنية أنه من المنتظر “وصول بعثات دولية لسوريا غداً لتبدأ عملها، على أن تصل بعثات أخرى الأسبوع القادم وخلال الأسابيع المقبلة في مختلف المجالات لتقييم الوضع واقتراح خطط عمل وبرامج وفقاً لاحتياجاتنا وأولوياتنا”.

سوريا لا تسعى لطلب قروض.. بل دعم فني

وفيما يخص مفاوضات سوريا مع صندوق النقد الدولي، أوضح برنية “نحن لا نسعى لطلب قروض من المؤسسات الدولية، إذ نركز على الحصول على الدعم الفني وبناء القدرات ونقل المعرفة للمساهمة في دعم جهود الإصلاح الاقتصادي واستعادة مسار التعافي”.

وتتسق هذه التصريحات مع ما أفاد به محمد الجدعان وزير المالية السعودي ورئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية في صندوق النقد الدولي، إذ أشار إلى أن الهدف من الاجتماع الذي عُقد في العلا في السعودية والطاولة المستديرة في واشنطن مع صندوق النقد والبنك الدوليين ليس فقط الدعم المادي، وأضاف أن “سوريا لا تحتاج إلى تبرعات، بل إلى الدعم في القدرات وفي السياسات الاقتصادية والمالية وإلى دعم صناديق التنمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي”. 

وأوضح الجدعان خلال مقابلته مع “الشرق” يوم الجمعة أن اجتماع الطاولة المستديرة -الذي حضره العديد من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية وأيضاً العديد من الدول التي أبدت استعدادها لتقديم الدعم- جاء “بهدف تنسيق الجهود بين الأطراف”.

برنية أكد أن مشاركة سوريا في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين حظيت “باهتمام وترحيب كبيرين من قبل المؤسسات الإقليمية، كما أن اهتمام الدول الشقيقة والصديقة فاق توقعاتنا”، مضيفاً: ” لم أر دولة لها وضع مشابه مثل سوريا حظيت بمثل هذا الاهتمام الذي حظينا به خلال الاجتماعات الحالية”. ووصف وزير المالية السوري أن الطاولة المستديرة التي نظمت حول بلاده بأنها “حدث غير مسبوق: في ظل مشاركة رئيس مجموعة البنك الدولي ومديرة صندوق النقد الدولي ووزراء من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ووزراء المالية بعدد من الدول العربية ورؤساء من مؤسسات إقليمية ودولية وأيضاً الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، “الذين أظهروا حرص ودعم المشاركين لتقديم الدعم لإعادة إعمار سوريا”.

وعن الدعم الفني، عبّرت كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، خلال المؤتمر الصحفي لاجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، يوم الجمعة، عن آمالها في التمكن من عقد برنامج تحت إطار المادة الرابعة لسوريا. وأشارت إلى أن دعم سوريا يُنظر إليه من 3 محاور رئيسية: التمكن من وضع أساس المعرفة بالسياسة الاقتصادية عبر إعادة بناء البيانات الاقتصادية الموثوقة، وإعادة بناء قدرات المصرف المركزي في سوريا، والنظر في السياسات الضريبية، وكيف يمكن للدولة أن تعيد بناء القدرات وخلق دخل ضروري لأداء مهامها.

وقالت غورغييفا إن صندوق النقد اتخذ خلال الفترة الماضية الخطوات الأولى لتشكيل مجموعة تنسيقية بحيث تتمكن من العمل مع بعضها البعض لدعم سوريا، فضلاً عن تعيين رئيس لبعثة الصندوق في البلاد، علاوة على الاجتماع بمسؤولين سوريين في العلا، ومقابلة محافظ مصرف سورية المركزي، ومناقشة كيف يمكن إعادة بناء القدرات والمؤسسات في سوريا.

رفع العقوبات

أكد وزير المالية السوري على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على بلاده، ووصفها بـ”حجر عثرة كبير في طريقنا. ونحاول التعامل معها عبر كافة المسارات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والقانونية”.

برنية أشار إلى أن هناك “تفهم كبير” من قبل الدول والمؤسسات الدولية لرؤية الحكومة السورية بشأن مستقبل سوريا والحاجة القصوى لرفع العقوبات. وقال إنه رغم تخفيف العقوبات خاصة من قبل بريطانيا والاتحاد الأوروبي، إلا أن “هذا ليس كافياً، حيث أن المسوغات السياسية والأخلاقية والاقتصادية لم تعد موجودة لاستمرار هذه العقوبات”.

رفعت المملكة المتحدة العقوبات عن مصرف سورية المركزي و23 كياناً اقتصادياً، بينها 13 شركة في قطاع الطاقة في خطوة تأتي ضمن نهج تدريجي بدأته بعض الحكومات الغربية بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي. كما وافق الاتحاد الأوروبي على تعليق جزئي لعدة عقوبات تطال صناعة الطاقة السورية، بما في ذلك إلغاء الحظر على استيراد النفط الخام من البلاد، وتصدير التكنولوجيات إلى صناعة النفط والغاز.

أولويات المالية السورية

قال برنية إن وزارة المالية في بلاده تعمل على الاهتمام بإنجاز عدة أولويات تتعلق بتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين السوريين خاصة في مجالات الطاقة والكهرباء، وإعادة بناء المؤسسات، وتهيئة البيئة التشريعية والمؤسسية المواتية لتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات، وإتاحة الريادة للقطاع الخاص في الاقتصاد السوري، فضلا عن ترسيخ النزاهة المالية من خلال تقوية منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتقوية ممارسات الحوكمة ومكافحة الفساد.

أكد وزير المالية السوري على اهتمام الحكومة ببناء منظومة شبكات للحماية الاجتماعية لمحاربة الفقر، مشدداً على أن الإصلاح الاقتصادي والمالي لا يمكن أن يحدث دون الشق الاجتماعي، مشيراً إلى أن قرابة ربع السكان في فقر مدقع، وهو من مخلفات النظام البائد. وأضاف “النظام البائد خلف مؤسسات متهالكة ومنظومة فساد متجذرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *