اخر الاخبار

وزير المالية السوري لـ”الشرق”: ندرس خصخصة الشركات الحكومية الخاسرة

تدرس حكومة تصريف الأعمال في سوريا خصخصة الشركات الحكومية، لاسيما تلك الخاسرة، بحسب وزير المالية محمد أبازيد.

الوزير أفاد في رد مكتوب على أسئلة “الشرق” أن حكومة تصريف الأعمال لاحظت أن أكثر من 70% من شركات القطاع العام ذات الطابع الاقتصادي “خاسرة”، رغم “أنها تقدم خدمات حصرية للدولة مثل شركة الكهرباء وشركات معامل الدفاع”، مؤكداً أن الحكومة “تعمل على إصدار قوانين استثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا”.

تصريحات أبازيد تعطي لمحة أولية عن التوجه الاقتصادي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتعد خطوة في الاتجاه المعاكس لما كان عليه النموذج الاشتراكي الذي اعتمده النظام السابق.

ومنذ سقوط النظام أواخر العام الماضي، بدأت حكومة تصريف الأعمال بعرض بعض رؤاها بشأن الاقتصاد. ظهر ذلك في تصريحات قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، إذ اعتبر في مقابلة تلفزيونية مؤخراً أن بلاده تحتاج إلى بنية اقتصادية على الطريقة الحديثة. موضحاً أن البيئة الاقتصادية في سوريا أساسها زراعي ثم صناعي، ثم يأتي قطاع الخدمات والمصارف وغيرها. 

وزير المالية تطرق أيضاً في ردّه على أسئلة “الشرق” إلى هذه القطاعات، معتبراً أن عملية إعادة بناء الاقتصاد “معقدة، وقد تمتد لفترات طويلة نسبياً، وتتطلب عدة خطوات وفي عدة جوانب بالتوازي”، خصوصاً مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار قبل عام 2010 إلى “أقل من 6 مليارات دولار في 2024″، على حد قول أبازيد.

بدأت الحكومة بخطوات أولية تهدف لتسيير عجلة الاقتصاد، إذ كلفت ميساء صابرين لتكون أول امرأة تتولى منصب حاكم المصرف المركزي، كما تمت إعادة العمل بأجهزة الصراف الآلي، واستأنفت المطارات الرئيسية في سوريا عملها، وعادت الشاحنات القادمة من الأردن للدخول إلى الأراضي السورية، ما أنعش سعر صرف العملة لتُتداول عند مستويات ما قبل سقوط الأسد.

كما تدرس الحكومة حالياً “زيادة رواتب العاملين في الدولة بهدف رفع الحد الأدنى” بحسب الوزير، الذي لم يفصح عن مصادر تمويل هذه الزيادات، خصوصاً مع تصريحات العديد من المسؤولين في الحكومة الجديدة، والتي تفيد بأنها تسلمت الخزائن الحكومية “خاوية”، في حين نقلت “رويترز” أن احتياطي الذهب في البلاد يبلغ 26 طناً، وهو ما يساوي نحو 2.2 مليار دولار، كما كشفت مصادر الوكالة أن دمشق تملك “مبلغاً نقدياً صغيراً من احتياطيات العملة الصعبة”.

تأهيل البنية التحتية

وزير المالية نوّه أيضاً بأنه سيتم التركيز في الفترة المقبلة على “إعادة تأهيل البنية التحتية التي استُنزفت خلال الحرب، والتي تشمل الطاقة، والمواصلات، وشبكات المياه والصرف الصحي، والاتصالات”.

خلفت الحرب المستمرة منذ 2011 دماراً كبيراً، إذ تكشف تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة عن تكاليف ضخمة لإعادة إعمار سوريا، تتراوح بين 250 و300 مليار دولار.

وقال أبازيد إن العمل على هذه القطاعات “يتطلب أموالاً ومساعدات دولية”، مؤكداً تواصل الحكومة مع “جهات دولية وإقليمية عدة بغرض الحصول على الدعم”.

كان وزير الاقتصاد بحكومة تصريف الأعمال باسل عبد الحنان، أورد في تصريحات صحفية سابقة أن دولاً عربية وإقليمية عرضت على سوريا مشاريع استثمارية كبرى في البنى التحتية تقوم حكومة تصريف الأعمال بدراستها، إذ “توازن بين الطلبات لتحقيق أفضل خدمة عامة”.

تركيز على قطاع الزراعة

ستركز عملية إعادة بناء الاقتصاد أيضاً على قطاعات عدة، من بينها القطاع الصناعي الذي تضرر من الحرب وفق وزير المالية، إذ أشار إلى أنه فقد نحو 70% من قدراته، مشدداً على أن إعادة بناء القطاع تُعدُّ “أمراً ضرورياً لخلق فرص عمل وتحسين الميزان التجاري السوري”.

القطاع الزراعي أيضاً سيكون محور تركيز في الفترة المقبلة، خصوصاً أنه يشكل ركيزة أساسية للاقتصاد السوري وفق دراسات البنك الدولي. وبحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة نحو 32% من مساحة البلاد، في حين يسهم قطاع الزراعة بنسبة 28% من الناتج المحلي الإجمالي. 

أبازيد أشار إلى أن خسائر القطاع بلغت أكثر من 16 مليار دولار في أول ست سنوات من الحرب فقط. 

كان وزير الزراعة في الحكومة محمد طه الأحمد أشار في تصريحات لـ”الشرق” إلى أن البلاد تسعى لإنعاش القطاع والنهوض به بما يحقق الاكتفاء الذاتي من السلع الرئيسية كمستهدف أولي، ومن ثم العودة لاحقاً إلى التصدير، وسط تحديات تتمثل في نقص التمويل، وشح المياه، والتدهور الإداري داخل الوزارة.

قطاع النفط

يعتبر قطاع النفط ركيزة أساسية لإعادة إحياء الاقتصاد السوري. لكن هذا الملف يواجه سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على مناطق كبيرة في شرق وشمال شرق البلاد، حيث يتواجد معظم الاحتياطي النفطي، البالغ إجماليه 2.5 مليار برميل، بحسب إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. 

كما تضم المنطقة التي تحكمها “قسد” أكبر الحقول في البلاد، بما في ذلك حقل السويدية، الذي كان ينتج ما بين 110 آلاف إلى 116 ألف برميل من النفط يومياً، وحقل الرميلان، الذي كان ينتج 90 ألف برميل يومياً، في الحسكة، فضلاً عن حقول دير الزور، وعلى رأسها حقل العمر النفطي الذي كان ينتج نحو 80 ألف برميل يومياً، بحسب منصة “الطاقة” المتخصصة. 

لم يوضح الوزير كيفية التعاطي مع هذا الملف، ولكنه شدد على أن الحكومة بمختلف أعضائها “على تصور واحد يتمثل في أن كل الموارد على أراضي البلاد “هي موارد سورية، وستعود إلى الخزينة السورية”.

سوريا تقف اليوم على مفترق طرق، إذ من شأن القرارات التي تتخذها حكومة تصريف الأعمال أن تؤثر على المسارين السياسي والاقتصادي في البلاد، خصوصاً أن إعادة إحياء هذه القطاعات تتطلب التعامل مع ملف العقوبات المشددة التي تخضع لها البلاد، والوصول إلى حل مع “قسد” بشأن قطاع النفط. 

ورغم أن آمال رفع العقوبات، أو حتى تخفيفها، ترتفع، لكن خطوات الحكومة الجديدة تخضع لمراقبة دولية دقيقة تجلت في تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أكد في ديسمبر أن الولايات المتحدة ستراقب أفعال الحكومة الجديدة في سوريا لا أقوالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *