واشنطن تبرم اتفاقات تجارية مع الأرجنتين ودول أخرى بهدف خفض الأسعار

أبرمت الولايات المتحدة يوم الخميس اتفاقات تجارية إطارية مع الأرجنتين وغواتيمالا والسلفادور والإكوادور، في إطار مسعى لخفض أسعار السلع القادمة من أميركا اللاتينية، بينما يسعى الرئيس دونالد ترمب لمعالجة قلق الناخبين من مسألة ارتفاع تكاليف المعيشة.
ويُرجَّح أن يكون الاتفاق مع الأرجنتين هو الأكثر أهمية، إذ يمثل أحدث دفعة من واشنطن للرئيس خافيير ميلي بينما يحاول فتح واحدة من أكثر الاقتصادات حمائية في العالم.
وبحسب بيان للبيت الأبيض، فإن “الدول ستفتح أسواقها أمام بعضها البعض في منتجات رئيسية”، مضيفاً أن الأرجنتين ستمنح “نفاذاً تفضيلياً لصادرات السلع الأميركية”، بما يشمل بعض الأدوية والمواد الكيميائية والآلات ومنتجات تكنولوجيا المعلومات والأجهزة الطبية.
أما الاتفاقات المعلنة مع غواتيمالا والسلفادور والإكوادور، فتركزت على خفض الرسوم الجمركية على صادرات رئيسية مثل الموز وحبوب البن، وهي منتجات لا تُنتَج على نطاق واسع في الولايات المتحدة.
محاولة لتخفيف ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة
وقال ترمب ومسؤولون آخرون إنهم كثّفوا الجهود لخفض تكاليف المعيشة. ويأتي هذا التركيز الجديد بعد انتصارات انتخابية للديمقراطيين الأسبوع الماضي في عدة سباقات محورية.
وستُستكمل الاتفاقات الإطارية خلال نحو أسبوعين، ومن المتوقع أن تُعفي منتجات محددة بدلاً من خفض الرسوم المتبادلة الحالية، وفق مسؤول رفيع في إدارة ترمب تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته. وأضاف المسؤول أن البيت الأبيض يتوقع من تجار التجزئة والجملة تمرير أي فوائد للمستهلكين الأميركيين.
وقد يساعد ذلك ترمب في مسعاه لتغيير الانطباع بأنه أهمل معالجة ارتفاع الأسعار الذي يواصل إثارة غضب الأميركيين. ويوفّر اتفاق الأرجنتين دفعة لميلي، الحليف الأيديولوجي لترمب، والذي كان قد وضع هدفاً هذا العام للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: رهان ميلي على ترمب يؤتي ثماره في لحظة حاسمة للأرجنتين
التراجع عن رسوم فرضها ترمب سابقاً
مع ذلك، فإن إزالة الرسوم تعني عملياً أن ترمب يعيد الضرائب على الواردات إلى مستويات ما قبل دخوله البيت الأبيض، بعد أن فرضها بنفسه في وقت سابق من هذا العام.
وتؤكد الإدارة أن خفض الحواجز التجارية في دول أميركا اللاتينية سيعزز الشركات الأميركية، رغم أن الدول التي حصلت على الاتفاقات الإطارية الخميس لديها تدفقات تجارية أصغر بكثير مع واشنطن مقارنة باقتصادات أخرى.
ويأتي إطار اتفاق الأرجنتين بعد حزمة إنقاذ واسعة قدمتها إدارة ترمب الشهر الماضي عقب موجة بيع في الأسواق. فقد سارعت الولايات المتحدة إلى توفير تمويل بقيمة 20 مليار دولار وشراء البيزو مباشرة، في محاولة لوقف انهيار العملة ومساعدة حزب ميلي على تحقيق عودة قوية في انتخابات منتصف المدة.
اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة والأرجنتين توقعان اتفاقية مبادلة عملات بـ20 مليار دولار
وفي المقابل، من المرجح أن يواجه فتح الاقتصاد الأرجنتيني الهش مقاومة داخلية، إذ إن العديد من الصناعات المحلية غير قادرة على المنافسة عالمياً بسبب ارتفاع التكاليف والأعباء الضريبية.
ومن جانبها، ستزيل الولايات المتحدة “التعريفات المتبادلة على بعض الموارد الطبيعية غير المتوفرة والمواد غير الحاصلة على براءة اختراع المستخدمة في التطبيقات الدوائية”، وفق البيت الأبيض.
تجارة لحوم الأبقار
كما “التزمت البلدان بتحسين شروط النفاذ المتبادل للأسواق في تجارة لحوم الأبقار”. وتأتي الخطوات لتسهيل تجارة الماشية في وقت يسعى فيه ترمب لتخفيف الضغوط على المستهلكين الأميركيين مع ارتفاع أسعار لحم الأبقار بالجملة في السنوات الأخيرة.
لكن جهود ترمب المتعلقة بلحوم الأبقار واجهت انتقادات شديدة من مربّي الماشية، وهو قطاع كان داعماً بارزاً للرئيس. فبعد إعلانه سابقاً عن خطط لاستيراد المزيد من اللحوم من الأرجنتين، قالت “الرابطة الوطنية لمربي الأبقار” إن زيادة الواردات ستقوض المنتجين الأميركيين. وقد عملت الإدارة على تهدئة المربين عبر برنامج لتعزيز إنتاج اللحوم المحلي يشمل توسيع الرعي في الأراضي الفيدرالية.
اقرأ أيضاً: أميركا اللاتينية على أعتاب تحول شامل
وقد شحنت الولايات المتحدة ما قيمته 2.6 مليون دولار من منتجات لحم البقر والخنزير إلى الأرجنتين في 2024، وفق بيانات وزارة الزراعة الأميركية. وكانت الحكومة الأرجنتينية قد حظرت واردات الدواجن الأميركية بسبب مخاوف من إنفلونزا الطيور، وفق إدارة التجارة الدولية. ولا يزال المرض يؤثر على المزارع الأميركية منذ 2022، وتسبب في إعدام أعداد كبيرة من الطيور هذا العام.
قيود “ميركوسور” وتأثيرها على الاتفاق
رغم أن حجم ونطاق الاتفاق المرتقب لم يُحدَّدا بالكامل، إلا أن الأرجنتين لا تستطيع إبرام اتفاق واسع جداً مع الولايات المتحدة لأنها عضو في تكتل “ميركوسور” في أميركا الجنوبية، والذي يمنع أعضاؤه من التفاوض على اتفاقات كبيرة خارج التكتل.
ومع ذلك، سمح “ميركوسور” هذا العام لكل عضو باختيار ما يصل إلى 50 منتجاً يمكن التفاوض بشأنها خارج التكتل، وتكون معفاة من الرسوم الخارجية المشتركة.



