هل يمكن أن يستمر ترمب رئيساً بعد انقضاء ولايته الثانية؟

هل يستطيع دونالد ترمب أن يعود للرئاسة بعد انقضاء ولايته الثانية؟ جواب هذا السؤال هو على الأرجح نعم.
ذكر الرئيس هذه الفكرة الأحد خلال مقابلة مع شبكة “إن بي سي” (NBC). برغم وجود تعديل دستوري يقيّد انتخاب الرؤساء بفترتين، قال ترمب: “هناك أساليب من شأنها أن تسمح بذلك”.
تكمن الحجة في الصياغة التي أتى بها التعديل الثاني والعشرين للدستور، الذي أُقرّ بعد انتخاب فرانكلين د. روزفلت لولاية رابعة، وكان ذلك أمراً لا سابقة له في الولايات المتحدة. قبل ذلك، كان الرؤساء يتبعون تقليداً أرساه جورج واشنطن بالتنحي عن السلطة بعد ولايتين.
وقد عكست هذه العادة تنكب المؤسسين لفكرة الحكم مدى الحياة أو توريثه. وانتهى هذا التقليد بعدما تشبث الناخبون بروزفلت خلال فترة الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية، وربما كان تشبثهم بغية استدامة حال ما، فيما كانوا يعيشون زمناً عصيباً. لكن وفاته دفعت إلى إقرار هذا البند الدستوري، فلم يعد يتكرر ذلك.
تحديات تعديل الدستور
أحد الأساليب التي قد يشير إليها ترمب هي إلغاء التعديل الثاني والعشرين. عند غياب الحد الزمني، سيكون حراً في الترشح للرئاسة عدة مرات كما يشاء. لكن بالطبع، تعديل الدستور صعب بطبيعته، ولهذا السبب لم يُعدل إلا 27 مرة منذ التصديق عليه عام 1791، ولم يُعدل إطلاقاً خلال 33 سنة انقضت.
يتطلب تعديل الدستور موافقة ثلثي مجلسي الكونغرس وثلاثة أرباع الولايات. في عصرنا الذي يشهد استقطاباً حاداً، يصعب تصور ذلك. وقد يُعدل الدستور أيضاً عبر مؤتمر تدعو إليه الهيئات التشريعية لثلثي الولايات. ومع تصويت 31 ولاية لصالح ترمب في انتخابات 2024، فلا ينقصه إلا دعم ولايتين فقط ليبلغ العدد المطلوب، وهو 33 ولاية، لانعقاد هكذا مؤتمر. لكن التعديل سيتطلب تصديق ثلاثة أرباع الولايات، أي 38 ولاية.
وقد لا يكون التعديل ضرورياً. بيّن باحثون إمكانية بقاء الرئيس في منصبه لأكثر من ولاية واحدة استناداً إلى نص التعديل الثاني والعشرين، الذي جاء فيه: “لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين”. أي أنه لم ينص على أنه لا يجوز لشخص أن يتولى المنصب أكثر من مرتين. وكما أشار أستاذ العلوم السياسية بروس جي. بيبودي والمحامي سكوت إي. غانت، لا يوجد في هذه الصياغة ما يمنع الرئيس من الاستمرار في تولي سدة الحكم إلا إن أتى ذلك عبر انتخابه.
ماذا لو عاد نائباً للرئيس ومن ثمّ رئيساً؟
إذاً، قد يعود ترمب إلى المكتب البيضاوي في 2029 كنائب للرئيس. دعونا نتخيل سيناريو يترشح فيه جيه. دي. فانس للرئاسة ويكون ترمب نائباً له. بعد انتخابه وأدائه اليمين الدستورية، يستطيع فانس أن يستقيل فيتيح المجال لترمب للصعود إلى الرئاسة. لن يمنع التعديل الثاني والعشرون ترمب من تولي المنصب لأنه في هذه الحالة لم يُنتخب للرئاسة أكثر من مرتين.
لا شك أن مثل هذه المناورة ستستجر طعوناً قانونية، وسيُطلب من المحاكم تفسير معنى التعديل الثاني والعشرين. في ظل هيمنة من يلتزمون بالنصوص في المحكمة العليا، قد يُحسم الأمر بسهولة باستخدام الصياغة التي تمنع ”انتخاب“ شخص ما كرئيس أكثر من مرتين.
كما لا يتضح متى تصبح المسألة قابلة للمراجعة، فهل يكفي ظهور ترمب على قائمة المرشحين لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات العامة؟ أم ينبغي أن يكون قد تولى منصبه فعلياً قبل أن تجد المحكمة “قضية أو خلافاً”، كما تتطلب المراجعات القضائية؟
حتى لو حاجج البعض بأن ولاية ترمب الثالثة ستخالف مقصد التعديل بغض النظر عن صياغته، فإن التاريخ التشريعي يدحض هذا الرأي.
قال بيبودي أن من وضعوا التعديل الثاني والعشرين درسوا صياغة في نصها: “أي شخص شغل منصب رئيس الولايات المتحدة لفترتين رئاسيتين أو لأجزاء منهما، يُصبح بعد ذلك غير مؤهل لتولي منصب الرئيس”. بدل اعتماد هذه الصيغة استقروا على صياغته باستخدام تعبير “انتخاب” المرشح، ما يُشير إلى أنهم تعمدوا استخدام هذه التعبيرات.
جادل بعض النقاد بأن التعديل الثاني عشر سيمنع هذا السيناريو لأنه ينص على أنه “لا يجوز لأي شخص غير مؤهل دستورياً لمنصب الرئيس أن يكون مؤهلاً لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة”.
لكن بيبودي وغانت حاججا بأن ترمب لا يحق له أن يُنتخب مجدداً، لكنه ليس شخصاً غير مؤهل لتولي منصب الرئيس مجدداً. كما جادلا بأن التعديل الثاني عشر يمنع أي شخص من الترشح للمنصب لمجرد عدم استيفائه للمعايير المنصوص عليها في المادة الثانية، وهي أن يكون قد بلغ سن 35 عاماً، وأن يكون مواطناً مولوداً في الولايات المتحدة، وأن يكون قد أقام في الولايات المتحدة لمدة 14 عاماً، لا أكثر. وترمب يستوفي جميع متطلبات المادة الثانية.
بوابة أخرى للبيت الأبيض
إن دفعت المخاطرة التي ينطوي عليها التعديل الثاني عشر ترمب لأن يتردد لسبب ما، يمكنه دخول البيت الأبيض من خلال بوابة أخرى. دستورياً، يلي رئيس مجلس النواب نائب الرئيس من حيث خلافة الرئيس، ورئاسة المجلس تكون عبر انتخاب أعضاء المجلس لشخص لا يشترط أن يكون عضواً في الكونغرس.
في هذه الحالة، إن استمرت سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، يُمكن انتخاب ترمب رئيساً له، ثم إذا اتفق الرئيس ونائبه على التنحي، يُمكن لترمب أن يُصبح رئيساً. ومرة أخرى، سيكون قد التزم بمحظور التعديل الثاني والعشرين على انتخابه للمنصب أكثر من مرتين.
بالطبع، حتى لو سمح القانون لترمب بالعودة إلى منصبه عبر مسارات مُختلفة، فبحلول عام 2028، قد يدفع التوجه المناهض للاستمرار في المنصب بين الناخبين إلى رفضه كمرشح لمنصب نائب الرئيس. أو قد يعارض الجمهور محاولة أعضاء الكونغرس إعادته إلى البيت الأبيض عبر مطرقة رئيس المجلس، ما يجبرهم على التراجع. وحين يبلغ 82 عاماً من العمر قد يقرر ترمب عدم الترشح لولاية ثالثة.
لكن، كما صرّح لشبكة (NBC)، يبدو أن هناك “أساليب” تسمح بذلك.