هل يعين قرار ترمب سحب اعتماد كولومبيا في مكافحة المخدرات على اجتثاثها؟

سحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتماد كولومبيا كشريك في جهوده لمكافحة تجارة المخدرات، واضعاً بذلك حليف الولايات المتحدة القديم في نفس فئة فنزويلا وبوليفيا وأفغانستان وميانمار.
جاء هذا القرار في خضم أكبر طفرات تجارة الكوكايين حتى الآن، إذ يأتي معظم الإنتاج العالمي المتزايد من كولومبيا. ورغم أن كولومبيا ستستمر في تلقي المساعدات الأميركية، إلا أن هذه الخطوة الرمزية إلى حد كبير تُثقل كاهل أحد أقرب تحالفات واشنطن الأمنية في أميركا اللاتينية. إليكم ما يجب معرفته.
ما هو “سحب الاعتماد”؟
بموجب قانون المساعدات الخارجية الأميركي لعام 1961، يتعين على الرئاسة تحديد الدول التي تنتج أو تتاجر بالمخدرات، ثم تحديد أي منها يجب أن يواجه عقوبات “لفشلها الواضح” في الحد من الإمدادات.
ترمب يتوعد كولومبيا بعقوبات ورسوم جمركية لرفضها استقبال مهاجرين
يمكن أن تشمل العقوبات خفضاً للمساعدات الأميركية بقدر النصف والتصويت التلقائي ضد طلبات القروض والائتمان وغير ذلك من المساعدات من بنوك التنمية الدولية، وفقاً لمكتب واشنطن لأميركا اللاتينية، الذي يراقب السياسة الأميركية تجاه المنطقة.
ومع ذلك، حصلت كولومبيا على إعفاء لمواصلة تلقي الدعم العسكري والإنساني الأميركي. كانت كولومبيا من بين أكبر المتلقين للمساعدات الأميركية هذا القرن، حيث تلقت حوالي 14 مليار دولار، بما في ذلك المساعدة العسكرية لمحاربة عصابات المخدرات والمتمردين الماركسيين.
لماذا تلغي الولايات المتحدة اعتماد كولومبيا؟
في مذكرة صدرت في 15 سبتمبر، استشهد ترمب بإنتاج قياسي من الكوكايين و”محاولات فاشلة للرئيس الكولومبي غوستافو بيترو للبحث عن تسويات مع جماعات الإرهاب المرتبطة بالمخدرات” كسند لاعتماد قراره.
منذ توليه منصبه في عام 2022، سعى بيترو إلى “السلام التام” من خلال التفاوض مع العصابات المسلحة والفصائل العسكرية التابعة لتجار المخدرات. وهذا يعني تركيزاً أقل على محاربة الجماعات عسكرياً والاجتثاث بالعنف لشجيرات الكوكا، التي تنتج المادة الخام في صنع الكوكايين. لقد فشلت هذه الاستراتيجية حتى الآن في الحد من العنف أو كبح تدفق الكوكايين، على الرغم من تقدم المحادثات مع بعض الجماعات.
كولومبيا تقرر حظر مبيعات الفحم لإسرائيل بسبب حرب غزة
قال ترمب في بيانه: “إن فشل كولومبيا في الإيفاء بالتزاماتها المتعلقة بمكافحة المخدرات خلال العام الماضي يقع على عاتق قيادتها السياسية فقط“. وأضاف أنه “سينظر في تغيير هذا التصنيف إذا اتخذت حكومة كولومبيا إجراءات أشد صرامةً لاجتثاث الكوكا والحد من إنتاج الكوكايين والاتجار به”.
أُلغي اعتماد كولومبيا آخر مرة في عام 1997، عندما اتُّهم الرئيس آنذاك إرنستو سامبر بتلقي أموال من كارتل المخدرات في كاليفورنيا لتمويل حملته. وأُعيد اعتمادها في عام 1998.
هل “فشلت كولومبيا بشكل واضح” في الالتزام باتفاقيات مكافحة المخدرات، كما يقول ترمب؟
برغم أن ترمب لم يذكر اتفاقيات محددة يقول إن كولومبيا انتهكتها، إلا أن البلاد فشلت بالتأكيد في احتواء تدفق الكوكايين، الذي كان في اتجاه تصاعدي طويل الأمد منذ عام 2013. تنتج كولومبيا الآن أكثر من ستة أضعاف كمية الكوكايين التي أنتجتها في عام 1993، وهو العام الذي قُتل فيه زعيم المخدرات بابلو إسكوبار، وأكثر من إجمالي بيرو وبوليفيا- وهما المنتجان المهمان الآخران الوحيدان للمخدرات.
مع ذلك، لا تُعد كولومبيا منتجاً رئيسياً للفنتانيل أو الميثامفيتامين، وهما المخدران اللذان يتسببان حالياً بأضرار تفوق تلك الناجمة عن الكوكايين في الولايات المتحدة
ماذا يعني إلغاء الاعتماد لكولومبيا؟
التأثير الأكثر مباشرة هو على سمعة كولومبيا، ولكن مزيد من التآكل في واحدة من أقوى العلاقات الثنائية في الأميركتين يمكن أن يكون له في النهاية آثار أكثر خطورة على التعاون الأمني والسياحة والاستثمار.
حملة شرسة لردع الإجرام تزيد جسارة قادة أميركا اللاتينية
يمنع الإعفاء الذي أصدره ترمب إزالة الدعم العسكري والإنساني الأميركي- والذي كان من شأنه أن يكون التأثير الأكثر مباشرة للقرار. كما يحدّ ذلك من خطر فقدان كولومبيا للدعم الأميركي في البنوك الدولية.
ما هو رد الفعل في كولومبيا؟
قال بيترو في 15 سبتمبر: “الولايات المتحدة تسحب اعتمادنا بعد مقتل عشرات من رجال الشرطة والجنود وعامة الناس أثناء محاولتهم منع وصول الكوكايين إليهم”. حاجج كثير من الكولومبيين بأن الطلب الأميركي على الكوكايين مسؤول عن جزء كبير من أعمال العنف في أميركا اللاتينية التي يُلامون عليها.
في عهد بيترو، سعت الدولة الأنديزية إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع بكين في ظلّ فتور علاقتها التي كانت قوية سابقاً مع واشنطن.