اخر الاخبار

هل يتم اعتماد اليوان مقابل النفط بين السعودية والصين مع توطّد العلاقات

قد تسهل العلاقات السعودية الصينية المتنامية عملية تجارة النفط بين البلدين بالعملة الصينية، ومع ذلك فإن التحديات قائمة، وقد تحتاج هذه التجارة فترات طويلة لكي تنمو لنطاق مجدي، وفق تشارلز تشانغ، رئيس قسم الشركات في منطقة الصين الكبرى لدى “إس آند بي غلوبال”. 

بدأت مساعي الصين نحو الدفع لشراء النفط من السعودية باليوان مع أول زيارة قام بها الرئيس شي إلى الرياض في 2016. وبعد ذلك بعامين، أطلقت بورصة شنغهاي الدولية للطاقة عقود آجلة للنفط الخام المقومة باليوان للمرة الأولى على الإطلاق، ما قاد إلى إنشاء نظام تسعير للنفط قائم على العملة الصينية، ومعيار دولي يتنافس مع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي وبرنت.

وعلى الرغم من هذه البداية المبكرة، فإن التقدم في تجارة النفط القائمة على اليوان بين البلدين لا يزال محدوداً بسبب العقبات الرئيسية التي تتعارض مع الأسس الاقتصادية لمثل هذه الخطوة، بحسب تقرير “إس آند بي غلوبال”.

عوائق “اليوان مقابل النفط”

حدد التقرير العقبة الأولى في أن اليوان لا يُستخدم على نطاق واسع في التجارة والتمويل الدوليين. وبناءً على ذلك، فإن تداول النفط باليوان سوف يفرض مخاطر إضافية على مصدري النفط، تتمثل في تدفقات ضخمة بالعملة الصينية. وفي ظل عدم وجود روافد لتصريفه، سوف تحتاج هذه الدول إلى تحويله إلى عملات أخرى، ما يعني تكبد تكاليف إضافية، علاوة على مواجهة مخاطر سعر الصرف.

ما يزيد الأمر تعقيداً، هو حقيقة أن العملة السعودية، شأنها شأن العملات الخليجية الأخرى، مرتبطة بالدولار الأميركي، وإذا ارتفعت قيمة الدولار مقابل اليوان، كما كان الحال خلال العام الماضي، فإن بيع النفط باليوان من شأنه أن يخفض من دخل السعودية بالعملة المحلية.

علاوة على ذلك، لم تضع بكين بعد خارطة طريق لحل قضايا مثل تحرير سعر العملة. وهو ما يترك درجة عالية من عدم اليقين بشأن القدرة على إدارة المخاطر المستقبلية المرتبطة بتبادل النفط باليوان، كما يعوق الاستخدام الأوسع للعملة في التبادل التجاري.

عوامل داعمة

رغم ذلك، تشير “إس آند بي غلوبال” إلى أن هناك عوامل قد تدفع نحو التقدم التدريجي في اتجاه تبني اليوان كعملة مقابل مشتريات النفط السعودي، فتوطيد العلاقات بين البلدين وتوسيعها لتشمل قطاعات أوسع من النفط، قد تخلق روافد تتمكن المملكة من خلالها من تصريف العملة الصينية المتحصلة من مبيعات النفط.   

أدت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للرياض في 2022، لأول مرة منذ ست سنوات لحضور القمة الأولى بين الصين والدول العربية وللمشاركة في القمة الصينية الخليجية، إلى تحريك مجموعة واسعة من الإجراءات لتحويل العلاقات السعودية الصينية من علاقات ترتكز على النفط إلى علاقات أشمل.

وأسفرت الزيارة عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية سعودية صينية شاملة، كما تم على هامشها توقيع 34 اتفاقية بقيمة إجمالية 50 مليار دولار بين الجانبين، شملت مجالات السياحة، والترفيه، والتعدين، والطاقة المتجددة، وتنمية الأسواق المالية.

 

ووفق التقرير، تدفع خطط السعودية لتنويع اقتصادها، ضمن رؤية 2030، وما يترتب عليها من احتياجات استثمارية واسعة النطاق إلى فتح المجال لتعاون أكبر وأوسع مع بكين في قطاعات يتمتع فيها العملاق الآسيوي بخبرات كبيرة. 

تدفقت الاتفاقيات مع الشركات الصينية خلال العامين الماضيين، بدءاً من قطاع البناء، والذي تستحوذ 6 شركات صينية على أكبر 10 عقود إنشاءات في المملكة،  إلى قطاعي التصنيع والطاقة المتجددة اللذين شهدا توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات بين شركات سعودية وصينية لإقامة مشاريع داخل السعودية.

خلال زيارة الرئيس شي، وقعت شركة “أكوا باور”، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة بنسبة 44%، اتفاقيات لبناء مشاريع طاقة متجددة في المملكة مع شركات صينية، بما في ذلك مشروع بقيمة 1.5 مليار دولار مع شركة “باور تشاينا”.

استثمارات سعودية في الصين

على الجانب الآخر، فاستمرار تدفق الاستثمارات السعودية، والذي شهدت نشاطاً خلال الأعوام الماضية، من شأنه أيضاً أي يفتح باباً لتصريف اليوان.

قامت “أرامكو” في 2019 بشراء حصة 35% في مجمع تكرير وبتروكيماويات متكامل في بانجين بقيمة 11.8 مليار دولار، لتتوالى اتفاقيات “أرامكو” واستحواذاتها على شركات صينية بعد ذلك، من ضمنها الاستحواذ على 10% في “رونغشينغ” للبتروكيماويات في فبراير الماضي. 

خلص تقرير “إس آند بي غلوبال” إلى أن توطيد العلاقات وتوسيعها لتشمل قطاعات أخرى من شأنه أن يوفّر المزيد من المنافذ أمام المملكة لاستخدام اليوان، وهو ما قد يسهّل من تجاوز العقبات لتجارة النفط بالعملة الصينية في العقود القادمة.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *