مع تلاشي ما يطلق عليه اسم “تأثير ترمب” (Trump Bump) في الأسواق، تظهر عقود خيارات “بتكوين” سعي المستثمرين والمتعاملين إلى التحوط من انخفاض سعر العملة المشفرة إلى مستويات لم تسجل منذ فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية.
بلغ عدد العقود المفتوحة لخيارات البيع بسعر تنفيذ 70 ألف دولار ثاني أعلى مستوى بين كل العقود التي ستنتهي صلاحيتها في 28 فبراير، بحسب بيانات “دريبت” (Deribit)، أكبر منصة لتداول عقود خيارات العملات المشفرة في العالم. وستنتهي صلاحية عقود خيارات مفتوحة بإجمالي 4.9 مليار دولار الجمعة.
انخفض سعر “بتكوين” بنحو 20% عن أعلى مستوى منذ تنصيب دونالد ترمب في يناير، إذ أدى موقفه التصادمي تجاه الحلفاء والخصوم الجيوسياسيين على حد سواء إلى اهتزاز ثقة المستثمرين، واستمرار القلق من التضخم المرتفع. كما تعرض قطاع العملات المشفرة لصدمة من الاختراق غير المسبوق لمنصة التداول “باي بت” (Bybit) الأسبوع الماضي.
قال كريس نيوهاوس، مدير البحوث لدى شركة “كومبرلاند لابس” (Cumberland Labs): “سياسات الرسوم الجمركية تضغط بشكل أكبر على التوقعات، وتؤدي توقعات استمرار التضخم المرتفع في المدي القصير إلى زيادة حالة الحذر العام. كما أن اختراق منصة التداول (باي بت) زاد الضغط الهبوطي على الأسعار وأثر سلبياً على معنويات السوق”.
العملات المشفرة.. هبوط جماعي
تسارعت وتيرة تسوية رهانات شراء وبيع العملات المشفرة الأربعاء، مع تسوية مراكز استثمار بنحو 425 مليون دولار خلال 4 ساعات فقط بحلول الساعة 3:30 عصراً تقريباً في نيويورك، بحسب البيانات التي جمعتها منصة “كوين غلاس” (Coinglass). كما جرت تسوية رهانات مرجحة لصعود الأسعار بأكثر من ملياري دولار خلال الأيام الثلاثة الماضية. فيما شهدت عقود “بتكوين” الآجلة الدائمة (التي لا تملك تاريخ صلاحية -وهي أحد أكثر أدوات زيادة الرافعة المالية شيوعاً بين المستثمرين الأجانب- انخفاضاً حاداً في مراكز الشراء خلال الفترة نفسها.
انخفض سعر “بتكوين” لليوم الرابع على التوالي، متراجعاً بنحو 5.6% إلى 83744 دولاراً، وبذلك تصل نسبة الانخفاض خلال الفترة إلى نحو 13%.
يعد ذلك أكبر تراجع خلال 4 أيام منذ أغسطس. أما العملات المشفرة الأخرى، مثل “إيثريوم” و”سولانا”، فواصلت التراجع بشكل أكبر، حيث انخفض كل منهما بما بين 7% و10%.
يُرجح أيضاً أن التراجع الأحدث في الأسعار جاء جزئياً بسبب تراجع الطلب على صناديق “بتكوين” المتداولة، التي سجلت مجتمعة خروج استثمارات بحوالي 2.1 مليار دولار خلال الأيام الستة الماضية.
لماذا تراجع سعر بتكوين؟
يرى بوهان جيانغ، مدير تداول عقود خيارات السوق الثانوية لدى شركة “أبرا” (Abra)، أن “هذا التراجع نتج عن مزيج من البيع الفوري وتسوية فروقات العقود الآجلة” وأشار إلى أن معظم ذلك الانخفاض جاء بسبب خروج الاستثمارات من الصناديق المتداولة الفورية من قبل المتداولين الذين يراهنون على اتجاه السوق”.
وسحب المستثمرون أكثر من مليار دولار من صناديق “بتكوين” الفورية المتداولة يوم الثلاثاء، ما يمثل أكبر حجم للتخارج منذ إطلاق مجموعة الصناديق في يناير العام الماضي. فيما سجل صندوق “فيديليتي وايس أوريجين بتكوين فند” (FBTC) أكبر حجم تخارج، وبعده “آي شيرز بتكوين ترست إي تي إف” (IBIT) التابع لشركة “بلاك روك”. كما سجلت مجموعة الصناديق المتداولة التي تستثمر مباشرة في “إيثريوم” خروج استثمارات لكن بدرجة أقل بلغت حوالي 130 مليون دولار.
“إيثريوم”
أشار نيوهاوس إلى أن “(إيثريوم) بالأخص تحملت الضرر الأكبر من حادث (باي بت)، مما زاد من وتيرة التقلبات. أما (سولانا) فتتخلى عن المكاسب التي حققتها خلال الأشهر القليلة الماضية، نتيجة انحسار الهوس بعملات الميم”.
غياب إشارة واضحة على حدوث موجة صعود أخرى للأسعار دفع المستثمرين إلى التريث والابتعاد عن العملات المشفرة وسط حالة العزوف عن المخاطرة.
قال رافي دوشي، المدير المشارك للأسواق في شركة الوساطة الرئيسية للعملات المشفرة “فالكون إكس” (FalconX)، إن “سوق العملات المشفرة يواصل البحث عن حافز جديد لتغيير المعنويات المتشائمة”.
