هل تدر تجارة الفضة أرباحاً مثل الذهب؟ إليك ما تكشفه الأرقام

تسود الضبابية مشهد الأسواق والاقتصاد العالمي بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أوائل أبريل الماضي، وعلى إثر ذلك تهافت المستثمرون إلى ما يُعرف باسم “أصول الملاذ الآمن”، سعياً للتحوط من تقلبات الأسواق أو ارتفاع التضخم، أو التوترات السياسية والجيوسياسية.
يُعد الذهب أبرز أصل آمن في الفترة الحالية، مع تراجع الأصول الآمنة التقليدية الأخرى مثل الدولار الأميركي. لكن جاذبية المعدن الأصفر، إلى جانب المستويات القياسية التي حققها هذا العام في ظل حالة عدم اليقين، ربما يطغيان على معدن نفيس آخر ينطوي على فرص استثمارية مجدية: الفضة.
1) كيف تحركت أسعار الذهب والفضة الفورية هذا العام؟
استهل الذهب العام الجديد قرب 2626.6 دولاراً للأونصة، بعد أن بلغت مكاسبه السنوية في 2024 نسبة 27%، وهي الأكبر منذ 2010. وواصل الارتفاع خلال الشهور التالية، وإن تخللته بعض التراجعات، ليحقق سلسلة من المستويات القياسية، توّجها ببلوغه أعلى مستوى على الإطلاق متجاوزاً حاجز 3500 دولار للأونصة في 22 أبريل الماضي، قبل أن يتراجع عن ذروته التاريخية.
من الجهة الأخرى، بدأ المعدن الأبيض هذا العام عند نحو 28.92 دولار للأوقية، وبلغ سعر الفضة أعلى مستوى هذا العام في 27 مارس عند 34.4 دولاراً تقريباً.
بالتالي يكون سعرا المعدنين النفيسين قد ارتفعا -رغم تراجعهما إثر إبرام اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين- 23.18% و12.48% على التوالي.
2) ما دوافع ارتفاع سعر الذهب؟
جاء ارتفاع الذهب مدفوعاً بزيادة مشتريات البنوك المركزية من المعدن النفيس، وتهافت المستثمرين على الأصل الأكثر أماناً للتحوط من الغموض الذي يكتنف الرسوم الجمركية.
تشير البيانات إلى أن الذهب ارتفع 22.1% خلال مائة يوم الأولى من عهد ترمب. وقد تذبذبت أسعار المعدن النفيس الأسبوع الماضي مع تلميح ترمب إلى إبرام اتفاق تجاري مهم -اتضح لاحقاً أنه مع المملكة المتحدة- وتصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بعد الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، بأن البنك المركزي الأميركي ليس في عجلة من أمره لخفض الفائدة.
ورغم أن ارتفاع أسعار الذهب تفوق على فئات الأصول الأخرى الشهر الماضي، فإن تحركات عقود الخيارات حثت بعض مراقبي السوق على الإشارة إلى أن وقت توخي الحذر قد حان، فعلى سبيل المثال، أشار ستيفانو باسكال، المحلل الاستراتيجي لدى “باركليز”، إلى أن تفوق أداء المعدن النفيس أدى إلى موجة كبيرة من المضاربات، وأضاف قائلاً: “واضح أن عمليات التداول تعتمد على هذا الاتجاه بشكل رئيسي، بالتالي يجب أن ينخفض سعر الذهب لتحقق عمليات التداول جدواها”.
3) ماذا يحفز الطلب على الفضة؟
ارتفعت الفضة خلال أول 100 يوم منذ تولي ترمب الرئاسة 8.8%. مع ذلك، توفر الفضة فرصة استثمارية مميزة، فإلى جانب سعرها المنخفض، تتعدد استخداماتها الصناعية، فعلى سبيل المثال، هناك الحلي والمجوهرات وأدوات الطعام الفضية، ولأن المعدن الأبيض أفضل مادة موصلة للكهرباء في العالم يُستخدم في صنع ألواح الطاقة الشمسية وجميع الأجهزة الإلكترونية والدوائر الكهربائية والسيارات الكهربائية.
كما يدخل في صنع البلاستيك والمواد اللاصقة وغيرهما الكثير من المنتجات. ونظراً لخواص الفضة المضادة للبكتيريا، تُستخدم في الأجهزة الطبية، مثل أنابيب التنفس والقسطرة والعظام الاصطناعية. وهناك العديد من الاستخدامات الأخرى.
أشار “معهد الفضة” (Silver Institute) في توقعاته لعام 2025، التي صدرت في 16 أبريل الماضي، إلى أن نقص المعروض في سوق الفضة العالمية سيستمر للعام الخامس على التوالي، لكن العجز بين العرض والطلب سيتراجع إلى أقل مستوى سنوي منذ أربعة أعوام، إذ يُتوقع أن يبلغ 117.6 مليون أوقية فقط.
4) أيهما أفضل: الاستثمار في الذهب أم الفضة؟
في ظل المستويات المرتفعة التي حققها، يبدو الذهب خياراً جذاباً في ظل التوترات السياسية والتجارية، وضبابية مسار أسعار الفائدة. لكن الفضة لها بريقها الخاص مع دخولها في صناعات كثيرة، مثل الطاقة النظيفة والإلكترونيات، ما يجعلها خياراً مرتبطاً بالإقبال على الاستثمار.
إن الاختيار بين المعدنين النفيسين يتوقف على المستثمر نفسه، فإذا كان يسعى إلى التحوط سيتجه إلى الذهب، أو إلى الفضة إذا كان يبحث عن فرص للنمو. لكن الأرقام ترجح كفة الذهب حتى الآن.