هل تتردد لو أمكنك استئجار سيارة كهربائية مقابل 20 دولاراً شهرياً؟
لطالما ترفّع كريس هيلبرت عن استئجار السيارات لأنه يرى أنه يحطّ من قدر المرء ناهيك عن أنه إهدار للمال، لكن حين كان يبحث عن سيارة كهربائية رخيصة وجد ما جعله يغير نظرته وكان ذلك تكلفة الاستئجار الزهيدة، التي قال إنها “تصعب مقاومتها”.
يملك هيلبرت، الذي يعمل في مجال تقنية المعلومات، سيارتين كهربائيتين إحداهما “تسلا إس” ذات أربعة أبواب والأخرى من إنتاج شركة “ريفيان”، وهي مركبة رياضية متعددة الأغراض من طراز “أر 1 إس”.
لقد وجد الرجل الأربعيني إعلاناً عن تأجير سيارة “هيونداي إيونيك 5” رياضية متعددة الأغراض مقابل 259 دولاراً فقط في الشهر. لكنه يعتقد أنه قد يجد عرضاً أفضل. قال: “أبحث عن سيارة أصغر ليقودها ابني… وأفضل أن أدفع أقل من 200 دولار في الشهر”.
مقارنة تكاليف الشراء والاستئجار
إن تأجير السيارات أحد المؤشرات القليلة التي تدفع على التفاؤل في سوق المركبات الكهربائية، التي تعاني ركوداً، ويُعزى ذلك جزئياً إلى حقيقة أن استئجار سيارة كهربائية لشهر قد بات خياراً أرخص من دفع قسط شهري لسداد قرض شراء سيارة.
لقد أصبح اقتناء سيارة كهربائية جديدة أصعب، فقد بلغ متوسط سعر هذه المركبات في الولايات المتحدة في يوليو 48401 دولاراً، وفقاً لشركة “كيلي بلو بوك” (Kelley Blue Book) المتخصصة بتتبع أسعار السيارات. من تبعات ذلك الموجعة أن متوسط القسط الشهري الذي يدفعه مشترو السيارات الجديدة ارتفع إلى 735 دولاراً خلال الربع الأول من 2024، بحسب شركة “إكسبيريان” (Experian) المتخصصة بتتبع سوق الائتمان، في حين انخفض متوسط تكلفة استئجار السيارات الجديدة في الشهر إلى 596 دولار.
دفع ذلك كثيراً من الأميركيين الراغبين بشراء مركبات كهربائية نحو الاستئجار. فازدادت عقود تأجير السيارات لتصل نسبةً قياسيةً هي 32% من إجمالي التعاملات المتعلقة بالمركبات الكهربائية خلال الربع الأول من العام، وفقاً لشركة “كوكس أوتوموتيف” (Cox Automotive)، مقارنة مع 11% فقط في العام الماضي.
تفوق هذه النسبة بكثير معدل تأجير السيارات في السوق الأوسع، الذي بلغ 19%. وقالت “إكسبيريان” أن متوسط كلفة استئجار سيارة كهربائية أقل بنحو 88 دولاراً في الشهر من قسط شراء سيارة كهربائية جديدة.
تأثير الإعفاءات الضريبية على خفض التكاليف
لقد انخفضت أسعار تأجير السيارات الكهربائية نسبياً في الآونة الأخيرة نتيجة تراجع الطلب، وكذلك لأن شركات صناعة السيارات تقدم حوافز إضافية بهدف تسريع تصريف المركبات بدل أن تمكث في ساحاتها لأشهر عديدة. يُضاف إلى ذلك التعديلات التي طرأت على شروط إعفاء ضريبي اتحادي قدره 7500 دولار يستقيد منه مشترو المركبات الكهربائية، وكثيراً ما تجعل تلك التعيلات الأولوية في الاستفادة منه لمن يستأجرون سيارات، وليس من يشترونها.
قيّد قانون كبح التضخم لعام 2022 بشدة إعفاءً ضريبياً على شراء السيارات الكهربائية، فلم يعد إلا عدد قليل من الطرازات مؤهلاً للاستفادة منه، حتى أن كثيراً من نحو 75000 سيارة يستأجرها أميركيون ما كانت لتتأهل للاستفادة من هذا الإعفاء لو أنهم اشتروها، وذلك إما لأن سعرها يفوق السقف الذي حدده القانون (80000 دولار للسيارات الرياضية متعددة الأغراض والشاحنات الصغيرة و55000 دولار لما سواها)، أو لأن بطارياتها صُنعت في الصين، أو لأنها لم تُجمّع محلياً. كما يحدد القانون سقفاً لصافي دخل مستحقي الإعفاء الضريبي.
إلا أن القانون تضمّن ثغرة لجهة المركبات الكهربائية المخصصة للتأجير، إذ يصنّفها كمركبات تجارية، ما يجعلها مشمولةً بكامل الإعفاء الضريبي حتى لو لم تستوف الشروط الاتحادية المتعلقة بمصدر البطارية وقطع الغيار. أتاح هذا لشركات السيارات ووكالات البيع أن تحتسب الإعفاء الضريبي، أي 7500 دولار، عند التأجير، وبالتالي تخفيض تكلفة الاستئجار على الزبائن.
عروض مغرية لتصريف المخزون المتراكم
يمكن تحدث هذه الوفورات أثراِ بالغاً. في كولورادو مثلاً، أمكن استئجار سيارات من نوع “نيسان ليف” طراز 2025، التي طُرحت في يوليو، مقابل 20 دولاراً في الشهر فقط، بعد احتساب الإعفاءات الضريبية للمركبات الكهربائية وغير ذلك من حوافز خاصة بالولاية، وهذا أقل من كلفة تعبئة خزان وقود سيارة تقليدية.
يُفترض تقنياً أن تستفيد الشركات المصنّعة من الإعفاء الضريبي على المركبات الكهربائية المؤجرة، لكنها عادة ما تجيّر هذه الإعفاءات إلى المستهلك على شكل خصومات أو حسومات، لأن ذلك يساعد على تسريع تصريف السيارات.
قال رامون ناوابي، مدير الشؤون المالية في وكالة السيارات “كونز كيا” (Koons Kia) في وودبريج في فيرجينيا، إن عدد الزبائن الذين يسألون عن المركبات الكهربائية شهرياً قد لا يتجاوز اثنين، وأحياناً يتراجعون عن الشراء بسبب السعر. حتى أن لديه بعض السيارات الكهربائية الرياضية متعددة الأغراض من نوع “إي في 6” (EV6) ما تزال قابعة في مكانها منذ ستة أشهر على الأقل. قال إن “كيا” تعرض حسومات إضافية على عقود تأجير السيارات، إلى جانب الإعفاء الضريبي البالغة قيمته 7500 دولار “كي تصرّف السيارات… إننا نكاد نوزعها مجاناً”.
نادراً ما تعرض الوكالة سيارات “كيا” الكهربائية الأغلى ثمناً من طراز “إي في 9” (EV9) لأن سعرها وهو 80000 دولار “يجعل كثيراً من زبائن (كيا) خارج سوقها… إنهم عادة ما يبحثون عن سيارات أرخص”.
شرح تجار أن كثيراً ممن يرغبون بشراء مركبات كهربائية لا يدركون أن القواعد تغيرت ولم يتحسبوا لارتفاع الأسعار. قال أندرو ستارلينغ، مدير مجموعة “ستارلينغ أوتوماتيف” (Starling Automotive Group) التي تدير وكالة لبيع سيارات “شيفروليه” في أورلاندو ووكالات أخرى في فلوريدا وجنوب كارولاينا أنه بعتقد أن الإعفاء ضروري في هذا الظروف.
مرونة الاستئجار في مواجهة التطور التكنولوجي
تصدرت “بي إم دبليو” قائمة شركات صناعة السيارات الأكثر تأجيراً للمركبات الكهربائية في الربع الأول من 2024 مع 89%، تليها “أودي”، تابعة “فولكس واجن”، بنسبة 87%، فيما لا تؤجر “تسلاً”، أكبر صانع للمركبات الكهربائية في الولايات المتحدة، إلا 24% من سياراتها، وفقاً لبيانات “كوكس”.
قال سيباستيان ماكنسن، الرئيس التنفيذي لـ”بي إم دبليو” في أميركا الشمالية إن تأجير السيارات يستقطب زبائن يحبّذون فكرة المركبات الكهربائية، لكنهم غير مستعدين لالتزام طويل الأمد بتقنية ما تزال تتطور، بالتالي يمنحهم الاستئجار “مرونة ردّ السيارة”. إن شراء مركبة كهربائية قد يكون رهاناً خطراً إن حدثت تحولات في تقنية البطاريات أو تغيرات في السوق مؤداها أن تفقد السيارة قيمة إعادة البيع.
أمّا استئجار مركبات “تسلا” فهو أقل جاذبية لأنها لا توفر خيار شراء السيارة بعد انتهاء فترة الاستئجار الذي تتيحه شركات أخرى، كما أن كثيراً من طرازاتها الجديدة مؤهلة للإعفاء الضريبي مباشرةً، ويقلل ذلك من دوافع استئجارها. كما عمدت الشركة لخفض أسعارها، وتتوفر بعض طرازاتها بأسعار مغرية في سوق السيارات المستعملة.
جيم ترامل، وهو متقاعد من هاي بوينت في نورث كارولاينا كان من منسوبي سلاح الجو ، فكّر بشراء سيارة “كيا نيرو” جديدة في وقت سابق من العام، إلا أنه صادف عرضاً في أبريل لتأجير هذه السيارة لقاء 307 دولارات فقط شهرياً، وهو أقل من نصف ما كان سيدفعه لو اشترى السيارة بقرض لمدة ست سنوات، كما أن الاستئجار يعني أنه ليس مطالباً بدفعة مقدمة.
حمّس ذلك الرجل الذي بلغ من العمر 83 عاماً لأن يسافر نحو 100 كيلومتر إلى مدينة دانفيل في فيرجينيا لتوقيع عقد الاستئجار، وقال: “لا شيء يكلف 300 دولار شهرياً فقط”.
باختصار
المقال يسلط الضوء على كيف أصبح استئجار السيارات الكهربائية في أميركا خياراً اقتصادياً جاذباً مقارنة بشرائها، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات الجديدة وصعوبة دفع أقساطها. مع التغييرات التي طرأت على الإعفاءات الضريبية بموجب قانون كبح التضخم لعام 2022، أصبحت السيارات الكهربائية المستأجرة مؤهلة للحصول على خصم ضريبي يبلغ 7500 دولار، مما جعل كلفة استئجارها أقل بكثير.
يشير المقال إلى أن بعض العروض الاستثنائية، مثل استئجار “نيسان ليف” بـ20 دولاراً شهرياً في كولورادو، أصبحت ممكنة بفضل هذه الإعفاءات والحوافز. ساهم هذا في زيادة نسب استئجار السيارات الكهربائية إلى 32% من إجمالي التعاملات في هذا السوق.
وما ساهم أيضاً في جعل الاستئجار أكثر جذباً هو المرونة التي يمنحها للعملاء مقارنة بشراء السيارات الكهربائية، في ظل تطورات تقنية البطاريات وتحولات السوق.