هدنة بين تايلندا وكمبوديا بعد جهود دولية بقيادة ترمب

اتفق قادة تايلندا وكمبوديا على وقف الأعمال العدائية في أعنف صراع حدودي بين البلدين منذ أكثر من عشر سنوات بعد مساع من الولايات المتحدة والقوى الإقليمية للتوصل إلى حل دبلوماسي.
عقد فومثام ويتشاياشاي، القائم بأعمال رئيس وزراء تايلندا، وهون مانيت، رئيس وزراء كمبوديا، محادثات اليوم الإثنين في ماليزيا، برعاية رئيس الوزراء أنور إبراهيم، الذي لعب دور الوساطة بصفته رئيساً لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، في حضور مبعوثين من واشنطن وبكين.
وفي تصريحات عقب الاجتماع، أعلن أنور أن الجانبين اتفقا على وقف إطلاق النار اعتباراً من منتصف الليل.
أول حوار رسمي وسط تهديدات
المحادثات الحالية هي أول حوار رسمي بين البلدين منذ اندلاع الاشتباكات الجديدة في 24 يوليو، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 36 شخصاً ونزوح أكثر من 150 ألف مدني على جانبي الحدود البالغ طولها 800 كيلومتر. تصاعد التوتر سريعاً خلال عطلة نهاية الأسبوع مع ورود أنباء عن قصف مدفعي كثيف وغارات جوية، بينما تبادل الطرفين الاتهامات باستهداف مناطق مدنية.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال قبل بدء المحادثات إن قائدي تايلندا وكمبوديا وافقا على “العمل سريعاً للتوصل إلى وقف لإطلاق النار”. وهدد ترمب، بعد اتصالين منفصلين أجراهما يوم السبت مع فومثام وهون مانيت، بأن واشنطن لن تبرم اتفاقاً تجارياً مع أي من البلدين ما دامت الاشتباكات مستمرة.
شكك فومثام، قبيل مغادرته إلى المحادثات، في جدية كمبوديا في وقف القتال، في ظل استمرار الاشتباكات حتى ساعة مبكرة من صباح الإثنين. وقال للصحفيين إن المناقشات ستركّز على إنهاء الأعمال العدائية والحفاظ على سيادة تايلندا.
وتصر تايلندا على أن وقف إطلاق النار يجب أن يتضمن سحب القوات، ووقف استخدام القوة المميتة، والاتفاق على حل النزاع من خلال آليات ثنائية. في المقابل، تقول كمبوديا إنها تدعم إنهاء الأعمال العدائية دون شروط.
خلافات قديمة
النزاع الحالي يرجع إلى خلافات قديمة بشأن خرائط ومعاهدات تعود إلى الحقبة الاستعمارية رسمت حدود البلدين. وظلت العلاقات مستقرة نسبياً منذ اشتباكات عام 2011 التي أسفرت عن مقتل العشرات، لكن تجدد التوترات أثار مخاوف من تصعيد القتال.
هدد ترمب بمنع إبرام اتفاقات تجارية مع البلدين ما لم يتوقف العنف، قائلاً أمس الأحد: “لن نعقد اتفاقاً تجارياً ما لم تُنهوا الحرب”، مضيفاً أن القائدين أبديا استعداداً للتفاوض بعد الحديث معه مباشرة.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن مسؤولين أميركيين توجهوا إلى ماليزيا “لدعم جهود السلام”، بينما أعلن القائد الكمبودي أن الصين، أكبر شريك تجاري للبلدين وأحد الداعمين الرئيسيين لبنوم بنه، ستشارك في المحادثات.
“نستمر أنا والرئيس ترمب في التواصل مع نظرائنا في البلدين ونتابع الوضع عن كثب. نريد لهذا الصراع أن ينتهي في أقرب وقت ممكن” بحسب ما ذكره روبيو في بيان.
مساع لخفض الرسوم
ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده ترمب في الأول من أغسطس لفرض رسوم جمركية، تسعى تايلندا، التي تعتمد على التجارة، لتفادي استفزاز الرئيس الأميركي، خصوصاً في ظل المحادثات الجارية لخفض الرسوم الكبيرة البالغة 36% المقترحة على صادراتها. وكان ترمب قد نسب الفضل في وقف الاشتباكات الحدودية بين الهند وباكستان في وقت سابق من هذا العام إلى جهوده، وهو ما تنفيه الهند باستمرار بينما تؤيده باكستان.
تتضمن المحادثات التجارية بين تايلندا والولايات المتحدة عرضاً لتعزيز نفاذ السلع الأميركية إلى السوق التايلندية لتقليص فائض تجاري يبلغ 46 مليار دولار. وأبرمت إندونيسيا والفلبين وفيتنام اتفاقات تجارية مع واشنطن في الأسابيع الأخيرة.
تقول تيتا سانغلي، الزميلة الباحثة في معهد”آي إس إي إيه إس-يوسف إسحاق” (ISEAS-Yusof Ishak) في سنغافورة إن “الأسلوب الذي يتبعه الرئيس ترمب في الضغط يبدو فعالاً، في وقت تعاني فيه الحكومتين التايلندية والكمبودية اقتصادياً”، مضيفة أن “الفشل في خفض الرسوم الجمركية على تايلندا ستكون له تكلفة سياسية كبيرة”.
لكنها أوضحت أن قبول اتفاق لوقف إطلاق النار بينما لا تزال كمبوديا تهدد باللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل في النزاع الحدودي، لن يكون مقبولاً على الأرجح لدى الرأي العام أو الجيش في تايلندا.
وقالت كمبوديا إنها تريد أن تساعد محكمة العدل الدولية في تسوية وضع أربع مناطق حدودية متنازع عليها، بعد اندلاع مناوشات في مايو. لكن تايلندا لا تعترف بولاية المحكمة.