اخر الاخبار

هجوم ترمب على الفيدرالي يعمق جراح مؤشرات وول ستريت

شهدت الأسواق الأميركية عمليات بيع مكثفة جديدة يوم الإثنين، إذ انضمت سندات الخزانة طويلة الأجل إلى الأسهم والدولار في موجة هبوط متعمقة، بعد أن جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاداته الحادة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في وقت ما زال فيه المستثمرون يواجهون تداعيات حرب تجارية عالمية.

رغم تأكيدات ترمب بأن محادثات الرسوم الجمركية تتقدم، فإن ذلك لم يوقف التراجع الحاد. فقد هبط مؤشر “إس آند بي 500” وغيره من المؤشرات الأميركية الرئيسية بنحو 2.5% في جلسة تداول ضعيفة، في حين تراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوياته منذ 15 شهراً. 

انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.4%. وفي ظل انسحاب المستثمرين من الأصول الأميركية، قفزت الملاذات الآمنة، إذ ارتفع سعر الذهب إلى مستوى قياسي جديد فوق 3,400 دولار للأونصة، وصعد الفرنك السويسري بأكثر من 1% أمام الدولار.

امتد الضعف أيضاً إلى سوق الائتمان، حيث ارتفعت كلفة التأمين ضد تعثر سلة من السندات الاستثمارية الممتازة إلى أعلى مستوى في أكثر من أسبوع. من أصل ثلاث شركات ذات تصنيف استثماري كانت تدرس بيع سندات، اثنتان تراجعتا عن الخطوة بسبب ظروف السوق، في حين مضت “أميركان إكسبرس” وحدها قدماً في الطرح.

ترمب يصعّد: لا تضخم.. ونريد خفضاً استباقياً للفائدة

في منشور على منصة “تروث سوشال”، صعّد ترمب من هجماته على باول قائلاً إن التضخم “شبه معدوم”، وإن الوقت حان لما وصفه بـ”الخفض الاستباقي للفائدة”.

رغم ذلك، فإن أحدث قراءة لمقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي ما زالت أعلى من هدف البنك المركزي، مع توقع صدور بيانات جديدة الأسبوع المقبل.

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت قال يوم الجمعة إن ترمب يدرس ما إذا كان بإمكانه إقالة باول. وهو تصريح زاد من التساؤلات بشأن قدرة الفيدرالي على الحفاظ على استقلاليته في ظل تصاعد غضب الرئيس من بطء وتيرة خفض الفائدة.

تحذيرات من تسييس السياسة النقدية

قال مايكل براون، كبير استراتيجيي الأبحاث في “بيبرستون”، إن “إقالة باول ستُحدث صدمة وتقلبات ضخمة في الأسواق، وستؤدي إلى نزوح دراماتيكي من الأصول الأميركية”، محذراً من أن “استقلالية الفيدرالي مهددة بوضوح، وخطر التخلي عن الدولرة والهيمنة الأميركية أصبح أكثر واقعية”.

من جهته، حذر بول سينغر، مؤسس شركة “إليوت إنفستمنت مانجمنت”، خلال فعالية خاصة في أبوظبي، من أن الدولار الأميركي قد يفقد مكانته كعملة احتياطية عالمية، بحسب أشخاص حضروا الفعالية.

أما كريستوفر وونغ، استراتيجي العملات في بنك “أوف سي آي بي سي”، فقال إن “انتقاد الفيدرالي بهذه الطريقة قد يخاطر بتسييس السياسة النقدية الأميركية بطريقة قد تجدها الأسواق مقلقة للغاية”.

وأضاف: “بصراحة، إقالة باول أمر يصعب تصديقه. إذا تم التشكيك في مصداقية الفيدرالي فإن ذلك قد يُقوّض الثقة في الدولار بشكل كبير”.

حذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي من أي محاولة لتقليص استقلالية البنك المركزي. وقال في برنامج “واجه الأمة” على قناة “سي بي إس” الأحد: “هناك شبه إجماع بين الاقتصاديين على أن استقلالية السياسة النقدية عن التدخل السياسي أمر بالغ الأهمية، بمعنى أن يكون الاحتياطي الفيدرالي أو أي بنك مركزي قادراً على أداء المهمة المطلوبة منه”.

ويقول خبراء القانون إنه لا يمكن للرئيس إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي بسهولة، وقد صرّح باول سابقاً بأنه لن يستقيل إذا طلب منه ترمب ذلك.

حرب تجارية تواصل الضغط

واصلت الرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب الضغط على الأسواق الأميركية في ظل المخاوف من تباطؤ اقتصادي.

ويُعد صندوق المؤشرات المتداولة الذي يتبع مؤشر “إس آند بي 500″ ثاني أسوأ أداء من بين 45 صندوقاً متداولاً خاصاً بكل دولة منذ بداية ولاية ترمب الثانية، وفقاً لـ”بيسبوك إنفستمنت غروب” (Bespoke Investment Group)، إذ تراجع بنسبة 15%، في حين قفز صندوق “بلاك روك” المتتبع لأداء السوق الألمانية بنسبة 11%.

جاءت عمليات البيع في الأسواق الأميركية خلال جلسة تداول خفيفة الحجم، أقل بنحو 20% من المعدل اليومي المعتاد، في ظل عطلة عيد الفصح، وانتظار موسم النتائج المالية الذي لم يكشف بعد عن مؤشرات واضحة بشأن مستقبل الاقتصاد.

وكانت هذه الجلسة على النقيض من الجلسات السابقة هذا الشهر التي شهدت عدة تراجعات حادة في مؤشر “إس آند بي 500” مصحوبة بأحجام تداول قياسية.

كتب بروس كاسمان، كبير الاقتصاديين في “جيه بي مورغان تشيس”، قائلاً: “الاقتصاد العالمي يتعرض لهزات بفعل حرب تجارية تشنّها الولايات المتحدة، ونحن نعتقد أنها تمثل صدمة اقتصادية كبيرة بما يكفي لتهديد استمرارية التوسع في أميركا والعالم”. وأضاف: “رغم أننا نشير إلى ارتفاع خطر الركود العالمي، فإننا نؤكد أن هذه النتيجة لن تحدث على الفور”.

هبوط الدولار وصعود العملات المنافسة

تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.7%، وارتفعت جميع عملات دول مجموعة العشر أمام الدولار. وساهم صعود الين في الضغط على الأسهم اليابانية، ما دفع مؤشر “نيكاي 225” إلى التراجع 1.3%.

وانخفضت أسعار خام “غرب تكساس” الوسيط بنسبة أكثر من 2% إلى ما دون 64 دولاراً للبرميل. في أوروبا، ظلت الأسواق مغلقة بسبب عطلة رسمية.

في دلالة واضحة على توجه المستثمرين نحو الابتعاد عن الأصول الأميركية، قال “دويتشه بنك” إن بعض العملاء الصينيين خفّضوا حيازاتهم من سندات الخزانة الأميركية، مفضلين الديون الأوروبية بدلاً منها.

وقالت ليليان تاو، رئيسة مبيعات الاقتصاد الكلي للصين والأسواق الناشئة العالمية في البنك، إن السندات الأوروبية عالية الجودة، وسندات الحكومة اليابانية، والذهب، تمثل البدائل الأكثر ترجيحاً للمستثمرين.

تراجعت أسهم “تسلا” بنسبة 6.8%، وحذر محلل “ويدبوش سيكيوريتيز” دان آيفز من أن الشركة عند “مفترق طرق”، مع قرب إعلان نتائجها الثلاثاء. وطالب إيلون ماسك بالتفرغ للشركة بدلاً من جهوده في “إدارة الكفاءة الحكومية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *