اخر الاخبار

هبوط أسهم الذكاء الاصطناعي بآسيا يثير الشكوك حول موجة الصعود عالمياً

هزّ الهبوط المفاجئ الذي شهدته أسهم التكنولوجيا في آسيا الأسبوع الماضي المستثمرين، مُذكّراً إياهم بأن الارتفاع العالمي في أسهم الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات قد يقترب من ذروته على المدى القصير.

أعاد أكبر انخفاض تشهده المنطقة منذ أبريل -والذي نجم عن عمليات بيع مكثفة بقيادة قطاع التكنولوجيا في وول ستريت- تركيز الانتباه على مواطن الضعف الكامنة: الرالي مدفوع بقطاع محدد، والاعتماد الكبير على المتداولين الأفراد، وتزايد حالة عدم اليقين بشأن توقيت تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

قال تشارو تشانانا، كبير استراتيجيي الاستثمار في “ساكسو ماركتس” (Saxo Markets) بسنغافورة: “موجة البيع التي شهدناها الأسبوع الماضي تُذكّرنا بأن هيكل السوق الآسيوية أصبح أكثر هشاشة”. وأضاف: “سيحدث المزيد من التصحيحات. برأيي، السبب هو التقييمات المبالغ فيها، ولم تُصحّح بعد. لذا، من المرجح أن يكون سوق الرقائق في آسيا متقلباً”.

تفوق آسيوي

تجاوز قطاع التكنولوجيا في آسيا نظيره الأميركي هذا العام، مدفوعاً بانخفاض التقييمات والحماس الذي أثارته الاختراقات الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي، وبالأخص “ديب سيك”. ارتفع مؤشر “إم إس سي آي” لآسيا والمحيط الهادئ بنسبة 24% في عام 2025، وهو في طريقه للتفوق على مؤشر “إس آند بي 500” بأكبر هامش له منذ 16 عاماً. 

رغم ذلك، فصعود المؤشر الصاروخي أثار أيضاً مخاوف بشأن أن الأسعار أصبح مبالغاً في تقييماتها، حتى أن بورصة كوريا حذرت من مخاطر ارتفاع أسهم شركة “إس كي هاينكس” (SK Hynix) الذي تجاوز 200% هذا العام.

ساعدت هذه المكاسب الكبيرة في تمهيد الطريق لعكس الاتجاه الأسبوع الماضي. انخفض مؤشر “إم إس سي آي” الآسيوي للتكنولوجيا بنسبة 4.2% يوم الأربعاء، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ صدمة الرسوم الجمركية الأميركية في أبريل الماضي. وانخفض مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة 6.2%، بينما انخفض مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 4.7%. وكان موردو شركة “إنفيديا” الرئيسيون -بما في ذلك “إس كي هاينكس” و”أدفانتيست كورب” (Advantest Corp)- من بين الأكثر تضرراً، حيث تكبدت كل منهما خسائر بنحو 10%.

اقرأ أيضاً: مساهمو “تسلا” يرفضون الاستثمار في “xAI” المملوكة لماسك

مخاطر تركز التكنولوجيا في المؤشرات الآسيوية

يقول المحللون إن الخسائر الهائلة التي تكبدتها آسيا تعكس مشكلة هيكلية أخرى، وهي التركّز الشديد لشركات التكنولوجيا العملاقة في المؤشرات الإقليمية. تُمثل شركة “تايوان لتصنيع أشباه الموصلات” (Taiwan Semiconductor Manufacturing)حالياً أكثر من 40% من مؤشر تايكس، أي ثلاثة أضعاف حصتها قبل عقد من الزمن. وفي كوريا الجنوبية، تُشكل شركتا “سامسونج للإلكترونيات” (Samsung Electronics) و”إس كيه هاينكس” معاً حوالي 30% من مؤشر كوسبي.

اليابان ليست استثناءً: إذ تُمثل الأسهم الخمسة الكبرى في مؤشر نيكاي 225 نحو 38% من إجمالي وزن المؤشر. وصرح تاكيهيكو ماسوزاوا، رئيس تداول الأسهم في “فيليب سيكيوريتيز جابان” (Phillip Securities Japan) في طوكيو: “إذا حدث أي خلل في طفرة الذكاء الاصطناعي أو أشباه الموصلات، فسينخفض ​​مؤشر نيكاي على الفور”. وأضاف: “أعتقد أننا سنشهد المزيد من التصحيحات والتقلبات الكبيرة في الفترة القادمة”.

يقول المحللون إن دور المشاركة المكثفة لمستثمري التجزئة في الارتفاع الحالي قد فاقم أيضاً من التقلبات.

وصرح بيتر كيم، المدير الإداري لشركة “كي بي سيكيوريتيز” في سيول: “مع استمرار عزوف المستثمرين الأجانب عن المشاركة، يلعب المستثمرون المحليون الدور الأكبر، وهو ما يؤدي إلى مزيد من التقلبات وتدوير للأموال بين القطاعات في الأسواق الآسيوية”. وأضاف: “يتجلى انخفاض السيولة، وخفوت المشاركة المؤسسية، ووضوح خصائص مؤشر التقلبات العالية للأسهم الآسيوية بشكل خاص في قطاع الذكاء الاصطناعي”.

“إنفيديا” تطلب من “TSMC” زيادة إمدادات الرقائق وسط طفرة الذكاء الاصطناعي

ارتفاع قيمة الدولار

في الوقت نفسه، كثّف ارتفاع قيمة الدولار الأميركي الضغط على شركات صناعة الرقائق الآسيوية، وهو ما شجع الصناديق على العودة إلى الأصول الأميركية. يُقلّص المتداولون أيضاً رهاناتهم على تخفيضات وشيكة لأسعار الفائدة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي، ما أزال أحد العوامل الأساسية الداعمة لأسواق الأسهم العالمية.

مع ذلك، لم يعتبر الجميع تراجع الأسبوع الماضي مدعاةً للقلق.

قال شون أوه، متداول الأسهم في “إن إتش إنفستمنت آند سيكيوريتيكز” (NH Investment & Securities) في سيؤول: “ما شهدناه كان جني أرباح، لا أكثر ولا أقل”. وأضاف: “يلعب العامل النفسي دوراً أكبر كثيراً من العوامل الأساسية. الكثيرون ربما توقعوا حدوث تصحيح ولو لمرة واحدة على الأقل”.

حتى بعد موجة الهبوط الأخيرة، لا تزال تقييمات قطاع الرقائق في آسيا جذابة نسبياً: يُتداول مؤشر “بلومبرغ” للمنطقة لأشباه الموصلات عند حوالي 18 ضعفاً للأرباح المتوقعة، وهو أقل بكثير من مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات البالغ 28 ضعفاً.

بالنسبة للآخرين، كان تراجع أسهم التكنولوجيا الآسيوية -عقب تحذيرات الرئيسين التنفيذيين لـ”غولدمان ساكس” و”مورغان ستانلي” من احتمالية تراجع الأسهم العالمية- مجرد سبب آخر لتوخي الحذر.

قال فيكاس بيرشاد، مدير محفظة الأسهم الآسيوية في “إم آند جي إنفستمنتس” (M&G Investments) في سنغافورة: “قمنا بالبيع خلال الأسابيع القليلة الماضية”، مضيفاً “نركز على العوائد المتوقعة، ولهذا السبب قمنا بجني الأرباح في هذا القطاع الشهر الماضي. لم نصل بعد إلى المستويات التي تجعلنا نزيد استثماراتنا في هذه القطاعات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *