“ناسا” تؤجل أول هبوط بشري على القمر منذ نصف قرن إلى 2027
أرجأت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” أول هبوط بشري على سطح القمر منذ أكثر من 50 عاماً حتى عام 2027، نظراً لعمل مهندسي الوكالة على إصلاح مشكلات حاسمة تتعلق بسلامة الأجهزة، إلى جانب تعديل خطط الرحلات المستقبلية.
كما أعلن مسؤولون في الوكالة أمام الصحفيين، أمس الخميس، عن تأجيل مهمة سابقة تُعرف باسم “أرتميس 2″، التي تهدف إلى نقل طاقم مكون من أربعة أفراد في رحلة حول القمر، لمدة سبعة أشهر ليصبح موعدها الجديد في أبريل 2026. هذه الرحلة ستكون هي الأولى التي تضم امرأة وشخصاً من ذوي البشرة الملونة ورائد فضاء غير أميركي إلى محيط القمر.
تُعد هذه المهمات جزءاً من خطة لإعادة البشر إلى سطح القمر خلال العقد الجاري، إلا أن تأجيل المواعيد يعكس التحديات التقنية وزيادة تكاليف المركبات الفضائية التي يواجهها البرنامج.
جاء الإعلان بعد يوم واحد من ترشيح الرئيس المنتخب دونالد ترمب لرائد الفضاء في شركة “سبيس إكس” (SpaceX) ورجل الأعمال الملياردير جاريد إسحاقمان ليكون المدير القادم لوكالة “ناسا”.
تحديات تقنية تؤخر “ناسا”
يواجه البرنامج تحديات تقنية أدت إلى تأخير إطلاقه، أبرزها مشكلة في درع الحرارة الخاص بمركبة “أوريون”، التي تصنعها شركة “لوكهيد مارتن” (Lockheed Martin)، والذي يُعد ضرورياً لحماية الطاقم من درجات الحرارة المرتفعة عند إعادة دخول المركبة للغلاف الجوي للأرض.
وخلال مهمة تجريبية أُجريت عام 2022 بدون طاقم بشري، انفصلت أجزاء من الدرع الحراري عند عودة الكبسولة إلى الأرض، مما أثار مخاوف بشأن سلامة الطواقم المستقبلية.
قال مدير “ناسا” بيل نيلسون، أمس الخميس، إن الوكالة قررت الإبقاء على الدرع الحراري الحالي بعد اختبارات مكثفة، لكن مع تعديل مسار دخول المركبة إلى الغلاف الجوي للأرض. أما بالنسبة للمهمات المستقبلية لـ”أرتميس”، فسيتم تطوير درع حراري جديد.
كما أن الصاروخ المستخدم في إطلاق المركبة إلى الفضاء، والمعروف باسم “نظام الإقلاع الفضائي” (SLS) الذي تصنعه شركة “بوينغ”، يعاني من تأخيرات متكررة منذ أعوام.
وأكد نيلسون، الذي يحرص دائماً على تسليط الضوء في تصريحاته العلنية على المنافسة الفضائية مع الصين، للصحفيين أن الموعد المستهدف لعام 2027 لا يزال “متقدماً بفارق كبير عن الموعد الذي أعلنته الحكومة الصينية” لهبوط البشر على سطح القمر بحلول عام 2030.
تأثير إدارة “ناسا” الجديدة
يشهد قطاع الفضاء ضجة كبيرة بسبب التساؤلات حول ما إذا كان إسحاقمان قد يحاول إدخال تغييرات على برنامج “أرتميس”، خاصة وأنه معروف بعلاقاته الوثيقة بالرئيس التنفيذي لشركة “سبيس إكس” إيلون ماسك وانتقاداته للتكلفة المرتفعة لإطلاق “نظام الإقلاع الفضائي”.
مع ذلك، لم يكن نيلسون قلقاً من احتمالية استبدال الإدارة الجديدة لصاروخ “نظام الإقلاع الفضائي” بمركبة “ستارشيب” التي تطورها “سبيس إكس”، التي لا تزال في مراحل التطوير الأولى.
قال نيلسون: “أولاً وقبل كل شيء، هناك مركبة فضائية واحدة مصنفة لنقل البشر تعمل حالياً، وتجاوزت القمر بالفعل، وقطعت مسافة أبعد من أي مركبة فضائية أخرى مؤهلة لنقل البشر، وهي مركبة نظام الإقلاع الفضائي بالتعاون مع أوريون”.
وأشار نيلسون إلى أن التساؤل عن “إمكانية هيمنة مركبات ستارشيب على رحلات الفضاء بشكل مفاجئ” يُعد أمراً مشروعاً.
أكد نيلسون أيضاً أنه أجرى محادثات مع إسحاقمان ويتطلع إلى لقائه قريباً، كما يخطط للتواصل مع جوين شوتويل، رئيسة شركة “سبيس إكس”، ومع شركة “بلو أوريجن” (Blue Origin) المدعومة من جيف بيزوس، رئيس مجلس إدارة “أمازون دوت كوم”.
وتعمل شركتا “سبيس إكس” و”بلو أوريجن” على تطوير مركبات للهبوط على القمر ضمن برنامج “أرتميس”.