ميهير شارما: ترمب يعزز صدارة مؤسسة باكستان العسكرية

يحظى جيش الباكستان، وهو صاحب السيطرة الفعلية على الدولة النووية، بقدرة يُحسد عليها في تخطيه للأزمات. رغم أن اقتصاد البلاد يواجه شدةً كما أنها خرجت لتوها من مجابهة مع الهند أظهرت نقاط الضعف في دفاعاتها، خرج الجيش، الذي يسمى محلياً “المؤسسة”، من ذلك بحال أقوى.
يعود قدر كبير من الفضل في حدوث ذلك إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
لم يمضِ وقت طويل منذ عُرف عن قائد جيش الباكستان عاصم منير نهجه الرجعي في التعامل مع العلاقات الدولية والهوية الباكستانية. لكنه حظي الأسبوع الماضي بلقاء على الغداء مع ترمب، وقال الجيش إن اللقاء كان جذاباً إلى حد أن الرئيس مدد أمده تلقائياً من ساعة إلى ساعتين. تصعب المبالغة في وصف غرابة هذا الأمر، إذ لم يسبق لرئيس أميركي أن استضاف قائداً لجيش الباكستان بطريقة استضافة النظراء.
ترشيح لجائزة نوبل
أغدق منير والساسة المدنيون الباكستانيون بالمديح على ترمب. فقد شكروه مراراً على تحقيق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، بل وأعلنوا ترشيحهم إياه لجائزة نوبل للسلام. يروق لترمب طرح نفسه كصانع سلام، وقد أوضح بجلاء قناعته بأنه يستحق جائزة نوبل، وهو بلا شك ممتنٌّ للدولة الوحيدة الأخرى التي يبدو أنها توافقه الرأي.
ترمب: الهند وباكستان توافقان على وقف فوري لإطلاق النار
نيودلهي، التي استشاطت غضباً من الإشارة إلى أن لترمب علاقة بوقف الأعمال العدائية بين الهند وباكستان، تراقب هذا التقارب الجديد بدهشة بالغة. يبدو أن ترمب يعيد اكتشاف ما اكتشفه كثير من الرؤساء الذين سبقوه، وذلك أن أي تدخل يُعمّق الانخراط فيصعّب العثور على شركاء حقيقيين للسلام. كما سيتعلم أنه لا يمكن التعويل على جيش الباكستان.
في غضون ذلك، يبدو أن الهند تُحافظ على مسافة بينها وبين الولايات المتحدة. في خروج عن المألوف، أعلن رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أنه رفض دعوة لزيارة ترمب الأسبوع الماضي. ربما كان هذا قراراً حكيماً، نظراً لوجود منير في المدينة في الوقت نفسه. فهو لا يرغب في أن يتفاجأ فيظهر في صورة مع منير، وخاصةً إن كان ترمب يظهر فيها واقفاً بجواره.
العامل الإيراني في التقارب
في كل مرة تنخرط فيها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تستعيد المؤسسة الباكستانية سريعاً مكانتها المتميزة في واشنطن. إذا كان ترمب ملتزماً حقاً بضبط طموحات إيران، فإن العلاقات مع الجارة الشرقية للجمهورية الإسلامية تكتسب أهمية جديدة.
لكن الأمور لن تكون بهذه البساطة بالنسبة للجنرالات هذه المرة. نظراً لاستمرار شعبية عمران خان، رئيس الوزراء السابق المسجون والمناهض لأمريكا، يواجه منير مأزقاً سياسياً صعباً. بعد أقل من يوم من إعلان إسلام آباد ترشيحها ترمب لجائزة نوبل للسلام، اضطرت إلى إدانة صانع السلام المفضل لديها لقصفه المنشآت النووية الإيرانية. كما لا يستطيع منير في أي وقت أن يُجافي بكين، التي يعتمد عليها الجيش في الأسلحة والإعانات والدعم المعنوي.
كيف تعاملت الصين مع الصراع بين الهند وباكستان؟
لكن الخطر على باكستان أعمق من ذلك. في السنوات القليلة الماضية، وبينما كانت البلاد تواجه أزمةً اقتصاديةً وتداعيات تغير المناخ، كان هناك أمل حقيقي في أن تُدرك نخبتها أخيراً أهمية الإصلاح. حاجج أحد كُتّاب المقالات في 2022 بأن “الرغبة في الاستفادة من الريع الجيوسياسي أصبحت فطرية” لدى “المؤسسة” الباكستانية. لكن مع بدء الصين في تقييد سخائها، وعدم اهتمام واشنطن بباكستان، وتقارب دول الخليج مع الهند بدل الباكستان، بدا أن أيام الاعتماد على الكرم الأجنبي قد ولّت.
دعم رئيس الوزراء الباكستاني
تعتمد الإدارة المدنية الحالية، بقيادة رئيس الوزراء شهباز شريف، على دعم الجيش للبقاء في السلطة، وتبذل جهداً واضحاً لإصلاح اقتصاد البلاد المتعثر، وسيدعمه الجيش طالما أنه لا يرى بديلاً.
لكن الآن، قد تُعيد المؤسسة النظر في خططها. لقد تعززت مكانة منير محلياً بفضل الصدامات مع الهند. وإذا نجحت حملته الترويجية لترمب، فهل تبدأ الأموال الغربية بالتدفق إلى خزائن الجيش مجدداً؟ قد يكون هذا الاحتمال الجذاب مغرياً جداً بالنسبة لهم لدعم نوع الإصلاح الذي تحتاجه الباكستان بشدة وهو يشمل تخفيض ميزانية الدفاع.
قد ينتصر الجيش الباكستاني بعد كل فوضى، لكن ذلك لا ينطبق على البلاد التي ستستمر بالانهيار ما لم تقدم على الإصلاحات حتى مع ازدهار مؤسستها.