من هو غوتام أداني ولماذا تتهمه السلطات الأميركية بالرشوة؟
يتجدد الخطر على مكانة الملياردير غوتام أداني كثاني أغنى شخص في آسيا، بعد أن اتهمه مدعون أميركيون هذا الشهر بالتورط في الرشوة، ما أفضى إلى هبوط أسعار أسهم شركاته، بينما أصدرت “أداني غروب” بياناً يصف الاتهامات بأنها “عارية من الصحة”.
رغم صيت أداني المحدود نسبياً خارج موطنه، فإنه يُعد أحد الشخصيات الأكبر نفوذاً في الهند، كما أنه يبذل قصارى جهده لزيادة حضور شركاته على الساحة العالمية.
تلقت ثروة أداني ضربة سابقة في أوائل 2023 بعد أن ساقت شركة الاستثمار “هيندنبرغ ريسيريش” (Hindenburg Research)- ومقرها في نيويورك- مزاعم التلاعب بالأسهم والاحتيال المحاسبي في مجموعة “أداني غروب” التي أسسها، والتي أدت حينها إلى انخفاض حاد في القيمة السوقية للمجموعة.
من هو غوتام أداني، وكم تبلغ ثروته الصافية؟
وُلد أداني لعائلة صغيرة تعمل في تجارة المنسوجات عام 1962 في ولاية غوجارات الصناعية غرب البلاد. وترك الجامعة وبدأ حياته المهنية في فرز الألماس لصالح شركة في مركز مومباي المالي. بعدها، استورد مواد تستخدم في البضائع المصنعة، وبحلول منتصف التسعينيات، كان يدير ميناء موندرا، الذي يملكه حالياً.
وقبل الإعلان عن الاتهامات الحديثة في نيويورك، حل في المرتبة الثامنة عشرة بين أغنى الأشخاص بالعالم في 20 نوفمبر، حيث بلغ إجمالي ثروته الصافية 85.5 مليار دولار، بحسب مؤشر “بلومبرغ” للمليارديرات.
ما مصادر ثروة أداني؟
تحظى “أداني غروب” بحضور هائل في الهند عبر مشروعات الموانئ والمطارات وخطوط الطاقة والطرق السريعة، وبلغ إجمالي القيمة السوقية لعشر وحدات فقط مدرجة بالبورصة 169 مليار دولار، قبل توجيه الاتهامات في الولايات المتحدة.
تسيطر المجموعة على قطاعات كبيرة من البنية التحتية التي تقود قاطرة نمو البلاد، وتدعم توسع الشركات، بدءاً من “أبل” ووصولاً إلى “أمازون”، في آسيا.
تحظى “أداني غروب” بمكانة خاصة في الهند، إذ إنها أكبر شركة مستوردة للفحم، ومالكة لمزارع الطاقة الشمسية، كما أنها ثاني أكبر شركة مصنعة للأسمنت، فيما تنقل الموانئ التابعة للمجموعة نحو نصف حاويات الشحن في البلاد، ويستخدم أكثر من 90 مليون شخص مطاراتها سنوياً.
وتعتزم “أداني بورتس آند سبيشيال إيكونوميك زون” (Adani Ports $ Special Economic Zone)، التي تعد أكبر شركة لوجستيات في العالم من حيث القيمة السوقية، الاستحواذ على مزيد من الموانئ، بالأخص في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، بهدف تحويل الهند إلى مركز عالمي رئيسي للتجارة.
ما هي بعض الشركات التي يملكها أداني؟
إلى جانب “أداني إنتربرايزس” العاملة في مجال مشروعات التعدين والطرق والمطارات والطاقة الجديدة، هناك أيضاً:
- شركة “أداني غرين إنرجي” لتوليد الطاقة المتجددة.
- “أداني إنرجي سوليوشنز” لنقل الكهرباء.
- “أداني بورتس آند سبيشيال إيكونوميك زون” للخدمات اللوجستية.
- “أداني توتال غاس” لتوزيع الغاز.
- “أداني باور” لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم.
- كما تدير “أداني غروب” شركات عقارات، ومراكز بيانات، وزيت طعام، وأغذية عبر مشروع مشترك مع “ويلمار إنترناشيونال” (Wilmar International)، ومقرها في سنغافورة.
ما أحدث المزاعم في حقه بالولايات المتحدة؟
زعم المدعون الفيدراليون أن أداني ومدعى عليهم آخرين تعهدوا بدفع رشاوى تتجاوز قيمتها 250 مليون دولار إلى مسؤولين بالحكومة الهندية للفوز بعقود للطاقة الشمسية، وتكتموا على هذا المخطط خلال سعيهم لجمع تمويل من مستثمرين أميركيين.
كما توجه لائحة الاتهام، التي تضم 5 تهم، لساغار أداني- ابن شقيق غوتام- وفنيت إس جاين، المديرين التنفيذيين في شركة هندية للطاقة المتجددة، تهمة مخالفة القوانين الأميركية.
نفت “أداني غروب” ارتكاب أي مخالفات، وقالت في بيان إنها ستتخذ كل الإجراءات القانونية الممكنة للدفاع عن نفسها. فيما لم يرد محامو ساغار أداني وجاين مباشرة على طلبات الحصول على التعليق، ولم يُتحفَظ على أي من المدعى عليهم حتى الآن.
يُرجح أن تستغرق إجراءات القضية شهوراً، إن لم تكن سنوات، ما يعني أن عبء تحديد مسار الدعوى سيقع على عاتق إدارة دونالد ترمب الجديدة.
ما التداعيات المحتملة على أداني؟
من السابق لأوانه توقع التبعات المحتملة في المدى الطويل على أداني وشركاته. مع ذلك، ألغت وحدات تابعة لـ”أداني غروب” طرح سندات بقيمة 600 مليون دولار فور إعلان المدعين الأميركيين عن الاتهامات، كما انخفضت أسعار أسهم المجموعة في الهند بعد ورود الأنباء من الولايات المتحدة عن مزاعم الرشوة، حيث انخفضت أسهم “أداني إنتربرايزس”، الشركة الرئيسية في المجموعة، بنحو 23% إلى أدنى مستوى منذ عام، فيما تراجعت أسهم “أداني غرين” بأكثر من 19%.
وأشار المدعون الأميركيون إلى أن العقوبة على المدعى عليهم قد تصل إلى السجن لعدة سنوات في حالة إدانتهم. من الناحية الأخرى، تهدد هذه الاتهامات الحديثة بإعادة المجموعة إلى الأزمة التي تسعى للتعافي منها منذ مزاعم شركة البيع على المكشوف “هيندنبرغ ريسيرش”.
ما علاقات أداني السياسية؟
يعتبر قطب الأعمال مقرباً أكثر من أي ملياردير هندي آخر من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي تعود أصوله أيضاً إلى ولاية غوجارات. كما تتواءم استراتيجية شركات أداني مع جهود مودي لتنمية اقتصاد الهند.
فعندما تعهد مودي بتوصيل الكهرباء الموثوقة إلى عدد أكبر من المواطنين الهنود، ضاعف أداني إنتاج الكهرباء باستخدام الفحم. كما يمتد هذا التوافق بينهما إلى العلاقات الخارجية، ففي 2021، شرع أداني في بناء مرفق ميناء ضخم في سريلانكا، وقال مسؤولون من الدولتين إن الخطة لاقت دعماً من حكومة مودي، التي تسعى إلى الحد من نفوذ الصين في الدولة الجزيرة.
ما هي الاستثمارات العالمية لشركات أداني؟
تعتزم “أداني غروب” استثمار 10 مليارات دولار في مشروعات الطاقة والبنية التحتية في الولايات المتحدة، بهدف توطيد العلاقات التجارية الاستراتيجية بين الدولتين، وقد روّج أداني للصفقة في منشور على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” (“تويتر” سابقاً) عندما هنّأ ترمب على الفوز بانتخابات الرئاسة.
وفي أكتوبر، وقعت كينيا اتفاقاً بقيمة 736 مليون دولار مع “أداني إنرجي سوليوشنز” لإنشاء 3 خطوط لنقل الكهرباء، بحسب وزير الطاقة الكيني أوبيو واندايي. بينما قوبل اقتراح الشركة بتشغيل المطار الرئيسي في كينيا من نواب المعارضة، الذين دفعوا الحكومة إلى التصدي لما وصفوه بالظروف المبهمة المحيطة بالعرض غير المطلوب لتوسعة مطار “جومو كينياتا” الدولي.
ماذا حدث في مسألة “هيندنبرغ”؟
تأتي الاتهامات الأميركية بعد تعافي أسهم شركات “أداني غروب” من الانخفاض الذي نتج عن تقرير أصدرته “هيندنبرغ ريسيرش” في يناير 2023، تزعم فيه الشركة الأميركية أن المجموعة تلاعبت بأسعار الأسهم وارتكبت احتيالاً محاسبياً. ونفت “أداني غروب” بشدة هذه المزاعم، التي أسفرت عن خسارة أسهم المجموعة أكثر من 150 مليار دولار.
منذ نشر التقرير في يناير 2023، اتهم الساسة والمتعاملون في السوق بالهند “هيندنبرغ ريسيرش” بأن لها أهدافاً خفية، وفي 2024، أصدرت الجهة التنظيمية لسوق الأسهم في الهند إخطارات إبداء الأسباب موجهة إلى “هيندنبرغ”، وشركة استثمار يقع مقرها في نيويورك، وصندوق أجنبي تسيطر عليه وحدة تابعة لمصرف “كوتاك ماهيندرا بنك” (Kotak Mahindra Bank).
وردت “هيندنبرغ” في أغسطس بزعم أن مجلس الأوراق المالية والبورصات في الهند أهمل في مسؤوليته، واستشهدت بمستندات تكشف عن مخالفات تتهم رئيسة المجلس بتضارب المصالح.