اخر الاخبار

من الشرق إلى الغرب.. كيف تقلب “الدرونز” موازين الحروب الحديثة؟

وجهت إسرائيل ضربة مفاجئة صباح الجمعة لإيران استهدفت قادة وعدة مواقع نووية وعسكرية، ما دفع طهران للتوعد بـ”رد قاس” و”مصير مؤلم”.

وفي أولى الخطوات التي اتخذتها إيران للرد، أرسلت 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل يعمل الجيش الإسرائيلي على اعتراضها، لكن يبقى لنرى إذا ما كانت الطائرات المسيرة الإيرانية ستقلب الكفة لصالحها، أم لا.

وفي وقت سابق من الشهر، نفذت أوكرانيا مؤخراً هجوماً جوياً غير مسبوق استهدف أربع قواعد جوية روسية عميقة شمال شرق موسكو، باستخدام 117 طائرة مسيّرة أُطلقت عن بُعد، وذلك قبل يومين من تنفيذ هجوم آخر بمسيرات بحرية غاطسة استهدفت جسر القرم. تعكس تلك الهجمات الجريئة التحول العميق الذي أحدثته الدرونز في الحروب الحديثة. فقد تطورت هذه التكنولوجيا من أدوات بدائية إلى أنظمة قتالية متقدمة ذات قدرات فائقة قادرة على تنفيذ المهام بدقة وكفاءة.

وفي ظل السباق العالمي المتسارع، تسعى الولايات المتحدة، والصين، وأوروبا إلى تعزيز هيمنتها العسكرية عبر تطوير طائرات مسيرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العالية، مما يسلط الضوء على دور هذه الطائرات المتنامي في صياغة مستقبل الحروب.




في السطور الآتية نلقي الضوء على أهمية هذه الطائرات المسيرة، والكيفية التي تقلب بها موازين الحروب الحديثة حول العالم من الشرق إلى الغرب.

1) ما هي الطائرات المسيّرة، وكيف أصبحت ركيزة الحروب الحديثة؟

الطائرات المُسيّرة، أو المركبات الجوية غير المأهولة (UAVs)، هي طائرات تُشغّل عن بُعد أو تُبرمج مسبقاً لتنفيذ مهام محددة دون وجود طيار على متنها. تتراوح استخداماتها بين الاستطلاع، والمراقبة، والهجمات الدقيقة، وتُستخدم في مجالات مدنية وعسكرية متنوعة.

تعود جذور هذه التكنولوجيا إلى القرن التاسع عشر، عندما استخدمت النمسا عام 1849 بالونات محملة بالمتفجرات لقصف مدينة البندقية، في أول استخدام مسجّل لسلاح جوي غير مأهول في التاريخ العسكري. وفي عام 1917، طوّرت بريطانيا طائرة “آريال تارغت” (Aerial Target) للتحكم عن بُعد، بينما طوّرت الولايات المتحدة “الطوربيد الجوي” المعروف بـ”كيترينغ بغ” (Kettering Bug) في عام 1918، لكن لم تُستخدم هذه النماذج فعلياً في المعارك.

في الثلاثينيات، طوّرت بريطانيا طائرة “كوين بي” (Queen Bee) للتحكم عن بُعد، والتي يُعتقد أنها مصدر مصطلح “drone” (الطائرة المُسيّرة). خلال الحرب العالمية الثانية، أنتجت الولايات المتحدة طائرة “راديو بلين أو كيو 2” (Radioplane OQ-2)، أول طائرة مُسيّرة تُنتج بكميات كبيرة، واستُخدمت لتدريب المدفعية المضادة للطائرات.

تسارعت وتيرة تطوير الطائرات المُسيّرة خلال الحرب الباردة، حيث استخدمت الولايات المتحدة طائرات مثل “ريان فايربي” (Ryan Firebee) في مهام الاستطلاع خلال حرب فيتنام. في التسعينيات، ظهر طراز “إم كيو-1 بريداتور” (MQ-1 Predator)، الذي زُوّد لاحقاً بصواريخ “هيلفاير” (Hellfire)، مما جعله أداة فعالة في عمليات مكافحة الإرهاب.

اليوم، أصبحت الطائرات المُسيّرة جزءاً لا يتجزأ من العمليات العسكرية، كما يتجلى في النزاع الأوكراني الروسي، حيث تُستخدم بشكل واسع في الاستطلاع والهجمات، مما يعكس تحولاً كبيراً في أساليب الحروب الحديثة. ورغم أن الحديث عن الدرونز بدأ بطائرات تحلّق في الأجواء، فإن تأثيرها المتزايد على موازين القوى دفع الجيوش حول العالم إلى تطوير نسخ برية وبحرية منها، ظهرت بوضوح في ساحة الصراع الروسي الأوكراني.

2) ما أبرز النزاعات الحديثة التي استخدمت الدرونز؟

لم يعد استخدام الدرونز يقتصر على دول محددة أو مناطق معينة بل صارت عنصراً رئيسياً في كل صراع سواء كان بين دول وبعضها أو بين دول وجماعات مسلحة، وفيما يلي نستعرض أهم النزاعات في التاريخ الحديث التي برز فيها دور الدرونز:

إيران وإسرائيل: في السنوات الأخيرة، تصاعدت المواجهة بين إيران وإسرائيل من “حرب ظل” إلى صراع مباشر، حيث أصبحت الطائرات المسيّرة أداة مركزية في هذا النزاع، تُستخدم في الهجمات، الردع، وجمع المعلومات الاستخباراتية.

وفي ساعة مبكرة من صباح الجمعة، شنت إسرائيل موجة واسعة من الضربات على إيران، حيث قصفت منشآت نووية وصاروخية، واغتالت قادة عسكريين وعلماء نوويين، في بداية عملية أطلقت عليها اسم “الأسد الصاعد”، حذّرت من أنها ستكون “عملية مطوّلة” تمتد لأيام، لمنع طهران من صنع سلاح نووي.

واستخدمت إسرائيل 200 طائرة مقاتلة في الهجوم على إيران وضربت حوالى مئة هدف في مناطق إيرانية مختلفة، وصرح الناطق باسم الجيش الإسرئيلي، إيفي ديفرين، أن إيران أطلقت حوالى مئة مسيّرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية ويعمل الجيش على اعتراضها، حسبما نقلت “بي بي سي”.

في أبريل 2024، نفّذت إيران هجوماً غير مسبوق على إسرائيل باستخدام أكثر من 170 طائرة مسيّرة، بالإضافة إلى صواريخ كروز وباليستية، في عملية أُطلق عليها “الوعد الصادق”. استهدفت هذه الهجمات قواعد جوية إسرائيلية مثل “نيفاتيم” و”رامون”، وألحقت أضراراً طفيفة، رغم أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بدعم من الولايات المتحدة وشركاء آخرين، اعترضت معظمها.

وتستخدم إيران طائرات مسيّرة متقدمة مثل “شاهد-136” و”مهاجر-10″، والتي تتميز بمدى طويل وقدرة على حمل متفجرات، وتُستخدم في عمليات هجومية واستطلاعية.

الحرب الروسية الأوكرانية: في الأول من يونيو 2025، نفذت أوكرانيا عملية “شبكة العنكبوت”، وهي واحدة من أكثر الهجمات الجوية جرأة وتخطيطاً في تاريخ الحرب الحديثة. استهدفت العملية أربع قواعد جوية روسية عميقة داخل الأراضي الروسية شمال شرق موسكو. استُخدمت في تنفيذ الهجوم 117 طائرة مسيّرة صغيرة مخبأة داخل حاويات خشبية على متن شاحنات، تم تهريبها إلى روسيا على مدار 18 شهراً. 

عند وصولها إلى محيط القواعد، أُطلقت الدرونز عن بُعد، مستهدفة 41 طائرةً مُتمركزةً في مطارات عسكرية، بما في ذلك طائرات من طراز A-50 وTu-95 وTu-22M، وهو ما يمثل نحو 34% من أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسية، بتكلفة تقديرية للخسائر بلغت 7 مليارات دولار، بحسب تصريح للرئيس الأكراني فولديمير زيلنسكي.

ثم بعد يومين في 3 يونيو 2025، نفَّذت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية هجوماً باستخدام عبوات ناسفة تحت الماء – يُعتقد أنها نُقلت بواسطة المسيرة البحرية الغاطسة “Marichka” – مستهدفة دعامات جسر القرم باستخدم 1100 كيلوجرام من المواد التي تم تفجيرها تحت الماء صباح الثلاثاء، وألحقت أضراراً بأعمدة الجسر”، الذي يعد طريق إمداد رئيسي للقوات الروسية في أوكرانيا.

ومن جانبها، استخدمت روسيا الطائرات المسيّرة في حربها ضد أوكرانيا كسلاح استراتيجي يجمع بين الكثافة العددية والتكتيكات الذكية. اعتمدت على مسيّرات إيرانية الصنع مثل “شاهد-136″ و”شاهد-131” لتنفيذ هجمات دقيقة على محطات الطاقة، مراكز الاتصالات، والمباني السكنية، مما تسبب بانقطاعات كهربائية واسعة النطاق. لجأت موسكو إلى تكتيك “الإغراق”، حيث أرسلت أعداداً كبيرة من الدرونز منخفضة التكلفة وبطيئة الحركة، ما أربك الدفاعات الجوية الأوكرانية واستنزف صواريخها الدفاعية.

حرب ناغورنو كاراباخ (2020): لعبت الطائرات المسيّرة دوراً محورياً في تغيير موازين القوة بين أذربيجان وأرمينيا. استخدمت أذربيجان مسيّرات تركية الصنع من طراز “بيرقدار TB2” وأخرى إسرائيلية مثل “هاروب”، في شن هجمات دقيقة على مواقع الدفاعات الجوية الأرمنية، والمدرعات، ومراكز القيادة.

مكّنت هذه الدرونز أذربيجان من تحقيق تفوق تكتيكي واضح، إذ دمرت أعداداً كبيرة من المعدات العسكرية الأرمنية بدقة عالية وبتكلفة منخفضة مقارنة بالطائرات المأهولة. عززت هذه الحرب فكرة أن الطائرات المسيّرة أصبحت أداة حاسمة في الحروب الحديثة، وأظهرت كيف يمكن لدول صغيرة نسبياً أن تحقق نتائج استراتيجية كبيرة من خلال تبني هذه التكنولوجيا المتقدمة.

وكان للدرونز دوراً فاعلاً في المعارك التي تشهدها ليبيا لاسيما خلال العامين الأخيرين، مع وجود نوع من التعتيم على مصادر هذه الطائرات المسيرة. 

حماس وحزب الله ضد إسرائيل: زعمت حركة “حماس” تطوير برنامج متقدم للطائرات المسيّرة في أوائل العقد الأول من الألفية، بدأ بتجارب أولية في عام 2003، ثم أعلن عنه للمرة الأولى خلال حرب 2014 بإطلاق طائرة “أبابيل 1”. لاحقاً، كشفت الحركة عن مسيّرة “شهاب” الانتحارية في 2021، وهي نسخة محلية الصنع من طائرات “قاصف” الحوثية و”أبابيل” الإيرانية، وتتميز بقدرتها على حمل 5 كغ من المتفجرات.

فيما عرضت “كتائب القسام” في أكثر من مناسبة مسيّرات من طراز “الزواري”، التي ظهرت بوضوح في هجوم 7 أكتوبر 2023، حيث دخلت المعركة نحو 35 منها في اللحظات الأولى للهجوم. وتؤكد الحركة أن هذه الطائرات تُستخدم لأغراض الاستطلاع، القصف الدقيق، وضرب المواقع الإسرائيلية الحيوية.

إلى جانب “أبابيل”، “شهاب”، و”الزواري”، عملت “حماس” على تصنيع عشرات الطائرات المسيّرة محلياً، ونجحت بعض هذه الطائرات في تنفيذ مهمات مثل تفجير دبابات إسرائيلية والتحليق فوق وزارة الدفاع في تل أبيب. وبحسب تقارير عسكرية إسرائيلية، باتت “القسام” تستخدم هذه الدرونز ضمن أسراب منخفضة التحليق، ما يصعّب رصدها، وتوظفها ضمن هجمات منسقة مع صواريخ كروز لتخطي الدفاعات الجوية.

تكثف استخدام “حزب الله” للمسيّرات منذ بدء المواجهات مع إسرائيل في أكتوبر 2023، إذ شملت الهجمات قواعد عسكرية ومواقع حيوية في عمق الدولة العبرية، متجاوزة أنظمة الدفاع الجوي متعددة الطبقات مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود”، وتُعد هذه الدرونز التي تصنف ضمن “المسيرات الانقضاضية” أصعب في الكشف نظراً لبصمتها الحرارية المنخفضة وحركتها البطيئة، خاصة عند إطلاقها من مسافات قريبة. وتمكّنت إسرائيل من اغتيال معظم مهندسي الدرونز في الحزب وتدمير البرنامج إلى حدٍّ كبير.

أما إسرائيل، فطورت ترسانة متنوعة من الطائرات المسيّرة ذات تقنيات متقدمة تجمع بين المدى الطويل، القدرة على حمل أسلحة، والدقة العالية في الاستهداف. من بين أبرز الطرازات المستخدمة: “هيرون تي بي” (Heron TP)، وهي مسيّرة ثقيلة قادرة على حمل صواريخ ومعدات استطلاع، وتُستخدم في عمليات بعيدة المدى؛ و”هيرميس 900″، كما تتميز الدرونز الإسرائيلية بقدرتها على تشغيل أنظمة تصوير واستشعار حراري ورادارات متقدمة، ما يسمح لها بتحديد الأهداف بدقة حتى في الظروف الجوية الصعبة، وفق تقارير “جيروزاليم بوست”.

وبخلاف الطائرات، وفي ظل ارتفاع الخسائر البشرية في العمليات البرية داخل غزة، وسعي الجيش الإسرائيلي لاستخدام حلول ميكانيكية – إلكترونية تقلل من الاحتكاك المباشر، حولت القوات الإسرائيلية ناقلات الجند المدرعة من طراز “M113” – وهي مركبات مدرعة أميركية الصنع تعود أصولها إلى ستينيات القرن الماضي – إلى مركبات قتالية مسيّرة تعمل عن بُعد تستخدم في المناطق عالية الخطورة مثل رفح وجباليا.

الثورة السورية: لعبت الطائرات المسيّرة دوراً متصاعداً في الثورة السورية، وإن كان محدوداً في المراحل المبكرة، لكنه تعاظم مع تطور النزاع وتحول الثورة إلى حرب شاملة. 

في بدايات الثورة، استخدمت قوات المعارضة طائرات مسيّرة تجارية معدّلة، تُجهز بكاميرات بسيطة لمراقبة تحركات قوات النظام، تصوير مواقع المعارك، وتوثيق الانتهاكات.

في المقابل ومع تزايد الدعم الخارجي، ولا سيما من إيران وروسيا، زادت القوات النظامية من استخدام الدرونز لجمع المعلومات الاستخباراتية عن مواقع المعارضة وقصفها لاحقاً. كما استخدم النظام طائرات روسية مسيّرة في عمليات رصد وتوجيه القصف المدفعي.

أما تنظيم داعش وجبهة النصرة (لاحقاً هيئة تحرير الشام)، فقد استخدما مسيّرات صغيرة لاستهداف القوات النظامية وخصومهم. كما لجأت الجماعات المسلحة إلى تعديل طائرات مدنية لتصبح قادرة على حمل قنابل صغيرة وإلقائها على مواقع عسكرية .ولعبت “الدرونز” دوراً حاسماً في معارك إدلب وحلب الأخيرة والتي مثّلت نقطة تحول لصالح المعارضة وانهيار النظام.

الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة: لعبت الطائرات المسيّرة دوراً حاسماً في الصراع بين الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. أتاحت الطائرات المسيّرة للولايات المتحدة تفوقاً تكتيكياً في صراعها مع القاعدة، إذ وفرت تغطية مستمرة للمناطق الوعرة التي يصعب الوصول إليها، مما مكنها من جمع معلومات استخباراتية دقيقة عن تحركات قادة التنظيم ومخابئه. كما سمح هذا التكتيك منخفض المخاطر بتنفيذ عمليات اغتيال أو مراقبة دون تعريض حياة الجنود للخطر، وبتكاليف أقل مقارنة بالعمليات التقليدية.

واستخدمت الولايات المتحدة طائرات مسيّرة مسلحة من طراز “Predator” و”Reaper”، محملة بصواريخ “Hellfire”، لاغتيال قادة القاعدة في مناطق نائية مثل اليمن، باكستان، وأفغانستان.

وأطلقت طائرة مسيّرة من طراز “MQ-9 Reaper” صاروخاً من طراز “Hellfire R9X” المعروف بـ”السكين الطائر”، قتل الظواهري في شرفة منزله بكابول في يوليو عام 2022. كما نفذت أميركا عملية اغتيال أنور العولقي في اليمن عام 2011 باستخدام طائرة مسيّرة.

3) لماذا انتشر استخدام الطائرات المسيرة بين الفصائل العسكرية في الشرق الأوسط؟

أصبحت الدرونز سلاحاً فعّالاً ومتنامي الأهمية بيد الجماعات المسلحة غير النظامية في المنطقة إذ تمتاز هذه التقنيات بانخفاض كلفتها وسهولة الحصول عليها مقارنةً بمنظومات التسليح التقليدية الباهظة، وقد تُطلِق هذه الجماعات طائرة مُسيّرة لا يتجاوز ثمنها عشرات الآلاف من الدولارات، في حين يتطلّب اعتراضها صاروخاً دفاعياً بكلفة ملايين الدولارات.

في اليمن، زعمت جماعة الحوثي أنها طورت ترسانة متنوعة من الطائرات المُسيّرة تضمّ مسيّرات استطلاعية صغيرة وأخرى هجومية انتحارية بعيدة المدى مُحمّلة بالمتفجرات. استخدم الحوثيون هذه الدرونز لضرب أهداف حيوية على مسافات بعيدة جداً– بما في ذلك هجوم بطائرة مُسيّرة وصل إلى أجواء تل أبيب عام 2024 وأسفر عن مقتل شخص وإصابة آخرين، كما هددوا الملاحة الدولية في البحر الأحمر عبر إطلاق أسراب من الدرونز المفخخة، بحسب تقرير مجلة “نيو لاينز” الأميركية.

كشفت جماعة الحوثي عن الطائرات المسيرة: رجوم، راصد، قاصف 2K، شهاب، مرصاد 2، خاطف 2، رقيب، وعيد 1، وعيد 2، صماد 1، صماد 2، وصماد، حسبما نقل موقع “روسيا اليوم”.

وذكر تقرير للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب أن تنظيم داعش ابتكر أسلوباً مختلفاً بالاعتماد على الدرونز التجارية الرخيصة؛ إذ عدّل طائرات رباعية المراوح صغيرة لحمل قنابل يدوية وإلقائها من الجو، وقد شكّلت هجماته بتلك الدرونز تحدياً كبيراً للقوات التقليدية خلال معارك مثل الموصل عام 2016، كما استخدم داعش هذه الدرونز أيضاً في الاستطلاع وتصوير عملياته لبثها بغرض الدعاية، وطوّر قدراته الذاتية في هذا المجال دون دعم دولة راعية.

أما تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (اليمن)، فلم يبدأ استخدام الدرونز الهجومية إلا مؤخراً؛ فقد نفّذ سلسلة ضربات بطائرات مُسيّرة مفخخة في منتصف عام 2023 استهدفت قوات محلية في جنوب اليمن، يُعدّ هذا التحول تصعيداً نوعياً “مثيراً للقلق” في تكتيكات التنظيم، ويشير إلى امتلاكه قدرات جديدة وربما دعماً تقنياً خارجياً لتعزيز ترسانته الجوية، بحسب تقرير على منصة “لوفير” غير الربحية المتخصصة في شؤون الأمن الوطني.

4) كيف أصبحت الحرب المستقلة العقيدة القتالية الجديدة للجيش البريطاني بالاعتماد على الطائرات المسيرة؟

كشف الجيش البريطاني عن تحول جذري في عقيدته القتالية، تحت مسمى “الحرب المستقلة”، عبر تبني مبدأ “20-40-40” الذي يستلهم دروس الحرب الأوكرانية. يقضي هذا المفهوم بإعادة توزيع القوة البرية بحيث تشمل 20% من القوة منصات تقليدية ثقيلة، مثل دبابات Challenger 3 وأنظمة المدفعية ذاتية الدفع؛ و40% ذخائر متسكعة للاستخدام مرة واحدة وطائرات مسيّرة هجومية انتحارية، قادرة على تنفيذ ضربات محددة الهدف؛ و40% طائرات مسيّرة متقدمة قابلة لإعادة الاستخدام، مخصصة لمهام الاستخبارات، المراقبة، الاستطلاع، والضربات الدقيقة.

يهدف هذا النهج إلى إنشاء قوة برية مرنة تعتمد بنسبة 80% على الأنظمة غير المأهولة، مع تقليل البصمة اللوجستية وتعزيز القدرة على الفتك والشفافية في ساحة المعركة. في المقابل، يظل حلفاء الناتو الآخرون أكثر تحفظاً، بينما يوفر هذا النهج فرصاً صناعية جديدة لشركات الدفاع البريطانية العاملة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الدرونز.

5) إلى أين تتجه تكنولوجيا الطائرات المسيرة؟

تعمل الولايات المتحدة على تطوير مسيّرة الجيل الثاني ضمن برنامج “Ghost”، بقدرات هجومية واستطلاعية فائقة تعتمد على نظام دفع كهربائي هجين مزود بمروحة أنبوبية. يتميز هذا الجيل الجديد من الدرونز بقدرة تحمل غير مسبوقة تصل إلى 60 ساعة طيران، مما يتيح لها تنفيذ هجمات عبر نطاقات عابرة للقارات، مع قدرات تخفي متقدمة. بميزانية تصل إلى 99 مليون دولار، يستهدف البرنامج توفير قدرات قتالية متقدمة في بيئات متنازع عليها، خصوصاً في مسرح المحيط الهادئ.

كما نجح أول اختبار لشركة “هيرميوس” (Hermeus) لمسيّرتها الفرط صوتية من طراز “Quarterhorse”، وأطلقت على النسخة التجريبية اسم “Mk 1″، التي حلقت في قاعدة إدواردز الجوية. تهدف هذه المركبة ذاتية القيادة والقابلة لإعادة الاستخدام إلى بلوغ سرعات تقارب 5 ماخ بحلول 2026.




أيضاً تستعد الولايات المتحدة لاختبار طائرة مسيرة قتالية “YFQ-42A” ضمن برنامج الهيمنة الجوية من الجيل التالي (NGAD)، للتحليق برفقة مقاتلة الجيل السادس F-47. تتميز الطائرة المسيرة بتصميم مبتكر يدمج مستشعرات متقدمة لتحديد الأهداف وتوفير الوعي الظرفي. تهدف هذه الطائرات لتنفيذ مهام استطلاع وهجوم إلكتروني وجوي، ضمن جهود تطوير منظومات طيران قتالي عالية الاستقلالية.

تعمل الصين على تطوير طائرات مسيرة صغيرة مدعومة بالذكاء الاصطناعي ومزودة بمعالجات عصبية، قادرة على التنقل الذاتي وتنفيذ هجمات دقيقة، مما يتيح لجندي واحد التحكم في عدة طائرات مسيرة في آنٍ واحد، كما طورت طائرة مسيرة تعمل كمرافق للطائرات المقاتلة مثل “J-20″، مزودة بقدرات حرب إلكترونية وتسليح متقدم، مما يعزز قدرات القوات الجوية الصينية في المهام القتالية المعقدة.

طورت الصين نظاماً يحوّل قذائف المدفعية التقليدية من عياري 152 و155 ملم إلى قنابل انزلاقية دقيقة قابلة للإطلاق من الطائرات المسيّرة أو المروحيات، ما يوفر مرونة عالية في ساحة المعركة. 

في أوروبا، تعمل دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا على تطوير طائرة مسيرة متوسطة الارتفاع وطويلة التحمل (MALE) للاستخدام في مهام الاستطلاع والهجوم، مع التركيز على التكامل في المجال الجوي المدني.

وأعلنت المملكة المتحدة عن استثمار بقيمة 2 مليار جنيه إسترليني في تطوير الطائرات المسيرة، بهدف تعزيز قدرات الجيش البريطاني وجعله “أكثر فتكاً بعشر مرات”، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي والتكامل بين مختلف الخدمات العسكرية.

كما يطور الاتحاد الأوروبي نظام بري غير مأهول متكامل (iMUGS)، بقيادة إستونيا ضمن برنامج التعاون الدفاعي الأوروبي المشترك (PESCO)، ويهدف إلى تطوير منصة أرضية غير مأهولة متعددة الاستخدامات يمكن تعديلها بسهولة لدمج أنظمة ذاتية متقدمة وتطبيقات قيادة وتحكم شبكية. يركّز المشروع على تعزيز التعاون الدفاعي الأوروبي، وقد حصل على تمويل قدره 50 مليون يورو في مرحلته الثانية، وفق موقع “ديفينس بوست”. 

ووصف تقرير على موقع “وول ستريت جورنال” أعماق البحار بأنها الجبهة الجديدة للمسيرات إذ تتجه الدول الكبرى لتطوير جيل جديد من الدرونز البحرية غير المأهولة، القادرة على العمل في أعماق المحيطات لأيام دون تدخل بشري، في إطار سباق تكنولوجي واستراتيجي لحماية البنية التحتية تحت الماء وتعزيز الردع البحري.  أبرز هذه الدرونز البحرية “غوست شارك” (Ghost Shark) التي طوّرتها شركة “أندوريل” (Anduril) الأميركية بالتعاون مع البحرية الأسترالية، وفي المملكة المتحدة، صممت “بي إيه إي سيستمز” (BAE Systems) منصة “Herne” ذاتية الملاحة، تعمل ببطارية تدوم ثلاثة أيام، مع خطط لاستخدام خلايا وقود هيدروجيني لتمديد المدى إلى 45 يوماً، وتركّز على حماية الكابلات البحرية.

ختاماً، يمكن القول إن وجود الدرونز لن يغير على المدى المنظور تطوير الأسلحة الثقيلة التي لا تزال الأهم من حيث القدرات النارية والإمساك بالأرض، وكبرى الشركات المنتجة للأسلحة الثقيلة، لاتزال تعمل وبكثافة على انتاج المعدات الثقيلة وأجيالها الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *