من آسيا إلى أميركا.. أسبوع مزدحم يبدأ بتباطؤ التوظيف وتصعيد جمركي

من المتوقع أن يكون أرباب العمل في الولايات المتحدة قد خفّفوا من وتيرة التوظيف خلال مارس، في وقت يتزايد فيه حذر المستهلكين، ويخيم الغموض على الآفاق الاقتصادية وسط القلق من تداعيات الرسوم الجمركية المرتفعة.
تشير تقديرات اقتصاديي “بلومبرغ” إلى أن عدد الوظائف الجديدة ارتفع بنحو 138 ألف وظيفة فقط خلال مارس، مقارنة بـ151 ألفاً في فبراير. وإذا صحّت هذه التقديرات، فسيكون متوسط نمو الوظائف خلال الأشهر الثلاثة الماضية الأبطأ منذ أكتوبر الماضي. ومن المرجح أن يستقر معدل البطالة عند 4.1%.
يأتي هذا التباطؤ في سوق العمل بعد سلسلة بيانات تظهر تباطؤاً ملحوظاً في الاقتصاد خلال الربع الأول. بالكاد ارتفع الإنفاق الشخصي في فبراير بعد هبوطه في يناير، فيما استمر نمو الدخل القابل للإنفاق في التراجع، وتراجعت ثقة المستهلكين في مارس بسبب تصاعد الضغوط التضخمية.
ومن المنتظر أن يدلي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بكلمة حول التوقعات الاقتصادية عقب صدور بيانات الوظائف يوم الجمعة. كما سيشارك عدد من أعضاء “الفيدرالي”، من بينهم أدريانا كوغلر، وفيليب جيفرسون، وليزا كوك، ومايكل بار، في فعاليات متفرقة خلال الأسبوع.
اقرأ أيضاً: ترمب يجدد دعوته لخفض أسعار الفائدة
رسوم جمركية جديدة تلوح في الأفق
يتصاعد التوتر في الأوساط الاقتصادية بسبب نهج الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجاري، إذ يُنتظر أن يعلن الأربعاء عن حزمة شاملة من الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية، في ما وصف بأنه أكبر تحرك له حتى الآن على هذا الصعيد.
تهدف الإدارة الأميركية من هذه الخطوة إلى تقليص العجز التجاري، وتشجيع الاستثمار المحلي، وزيادة إنتاج السلع الأساسية داخل البلاد.
وفي مقابلة مع شبكة “NBC” يوم السبت، قال ترمب إنه “لا يُبالي” إن قامت شركات السيارات برفع الأسعار نتيجة الرسوم الجديدة على الواردات، مضيفاً: “الناس سيشترون السيارات الأميركية”.
قال خبراء “بلومبرغ إيكونوميكس”: “تقديرنا الأساسي هو أن الرسوم الفعلية ستكون أقل بكثير من السيناريوهات المتشائمة، وأن العديد منها لن يُطبّق إلا بعد انتهاء التحقيقات، كما ستحصل بعض الدول على إعفاءات. ومع ذلك، وبعد أن يهدأ الغبار، قد ترتفع التعرفات الجمركية الفعلية على الواردات الأميركية إلى نحو 15% خلال العام المقبل، وهو أعلى مستوى منذ ما يقرب من قرن. ومع تصاعد الضغوط التضخمية، يُرجّح أن يبقي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير. أما الخطر الحقيقي، فهو أن يأتي أي خفض للفائدة متأخراً إذا انعكس اتجاه سوق العمل”.
العالم يراقب تحركات ترمب
في الوقت الذي تترقّب فيه الأسواق العالمية قرارات ترمب بشأن الرسوم الجمركية، تستعد البنوك المركزية في دول من أستراليا إلى كولومبيا للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، في حين ستكون بيانات التضخم في منطقة اليورو محور الاهتمام في أوروبا.
وفي كندا، التي تواجه آثار الرسوم الأميركية بشكل مباشر، تُظهر البيانات الأولية لشهر فبراير أن الصادرات إلى الولايات المتحدة بدأت تتباطأ بعد أن ارتفعت بشدة في ديسمبر ويناير، في محاولة من المصدرين لتفادي الإجراءات المرتقبة. ورغم أن الزخم قد يكون استمر في فبراير، فإن بنك كندا يتوقع أن يكون هذا الارتفاع مؤقتاً، ويمهد لضعف لاحق.
وسيُعطي تقرير سوق العمل الكندي لشهر مارس مؤشراً إضافياً حول التأثير على التوظيف.
آسيا: بداية مزدحمة بالأرقام
تنطلق الأسواق الآسيوية هذا الأسبوع مع بيانات الإنتاج الصناعي في كوريا الجنوبية واليابان يوم الإثنين، إلى جانب بيانات مبيعات التجزئة وبناء المساكن في اليابان، وبيانات التجارة من تايلندا.
- ويوم الثلاثاء، تصدر بيانات نشاط المصانع في عدد من الدول، بينها اليابان، كوريا الجنوبية، تايلاند، تايوان، وفيتنام، كما تكشف الصين عن مؤشر “كايشين” لمديري المشتريات في قطاع التصنيع، الذي سيُظهر مدى تأثير الحوافز الحكومية التي أُطلقت في بداية مارس.
- ومن المنتظر أن تظهر بيانات أسعار المنازل في أستراليا يوم الثلاثاء، والتي ستعكس تأثير أول خفض للفائدة من البنك المركزي الأسترالي منذ أربع سنوات، جرى في فبراير. ومن المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأسترالي أسعار الفائدة دون تغيير في قراره المرتقب لاحقاً في اليوم نفسه.
- كما يُصدر بنك اليابان تقريره ربع السنوي “تانكان”، والذي يُعد مؤشراً مهماً على ثقة كبرى الشركات الصناعية، ومن المنتظر أن يُظهر استمرار التفاؤل. وستشمل البيانات تقديرات هذه الشركات للإنفاق الرأسمالي للسنة المالية التي تبدأ في أبريل.
- وفي اليوم نفسه، تُصدر كوريا الجنوبية بيانات التجارة لشهر مارس.
- ويوم الأربعاء، تصدر مؤشرات مديري المشتريات في قطاع التصنيع من إندونيسيا وماليزيا والفلبين والهند. كما تصدر كوريا الجنوبية بيانات التضخم، وتعلن نيوزيلندا عن أسعار المنازل.
- وتُختتم مؤشرات مديري المشتريات الخميس من سنغافورة وأستراليا والصين، فيما تُنهي اليابان وسنغافورة وأستراليا الأسبوع ببيانات إنفاق المستهلك، إلى جانب بيانات التضخم في تايلاند، والتي ستُظهر ما إذا كانت الأسعار لا تزال ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي للشهر الرابع على التوالي.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: التركيز على التضخم
يُتوقع أن يحظى تقرير التضخم في منطقة اليورو، المقرر صدوره الثلاثاء، باهتمام واسع، إذ يمثل أحد آخر المؤشرات الحاسمة قبل اتخاذ قرار بشأن خفض محتمل للفائدة في أبريل.
في ألمانيا، من المرجح أن يكون التضخم قد تباطأ إلى 2.4%، بينما تشير التقديرات إلى تسارع طفيف في إيطاليا إلى 1.8%. هذه القراءات تُعلن الإثنين، قبل نشر أرقام المنطقة كاملة في اليوم التالي، والتي من المتوقع أن تُظهر تباطؤاً طفيفاً إلى 2.2%.
وتصدر ألمانيا وفرنسا وإسبانيا بيانات الإنتاج الصناعي يوم الجمعة. ومن المقرر أن تنشر البنوك المركزية محاضر اجتماعاتها السابقة هذا الأسبوع، والتي قد تكشف عن تقييمها المحتمل لآثار الرسوم الجمركية الأميركية.
وتتضمن قائمة المتحدثين هذا الأسبوع رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، إلى جانب أعضاء مجلس الإدارة فيليب لين، وإيزابيل شنابل.
كما قد تُنشر تقييمات ائتمانية لإيطاليا من وكالة “فيتش”، ولفرنسا من “سكوب ريتنغز” (Scope Ratings)، بعد إغلاق السوق يوم الجمعة.
ويُنتظر أيضاً صدور بيانات التضخم من دول أخرى خارج منطقة اليورو، حيث من المتوقع أن تُظهر الأرقام في سويسرا يوم الخميس ارتفاعاً طفيفاً إلى 0.4%. وفي تركيا، يُرجّح أن يكون التضخم قد تباطأ إلى 38.9%، رغم عدم وضوح أثر الاضطرابات السياسية عقب توقيف رئيس بلدية إسطنبول.
وتُصدر السويد بيانات التضخم يوم الجمعة، ومن المتوقع أن يتراجع مؤشر “CPIF” المستهدف من البنك المركزي إلى 2.6%.
أما في المملكة المتحدة، وبعد أسبوع حافل بالبيانات والتصريحات المالية من وزيرة الخزانة راشيل ريفس، فإن الأسبوع المقبل سيكون أقل ازدحاماً. وتُشارك عضو بنك إنجلترا ميغان غرين في فعالية يوم الثلاثاء.
وفي بولندا، يُتوقع أن يُبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير يوم الثلاثاء، رغم استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة.
أما في تنزانيا، فقد تُبقي السلطات على سعر الفائدة عند 6% يوم الجمعة، في محاولة لدعم الشلن، الذي يُعد العملة الأضعف أداءً هذا العام.
أميركا اللاتينية: قرارات مركزية وتفاوض مع صندوق النقد
في كولومبيا، ينضم وزير المالية الجديد جيرمان أفيلا وعضوان جديدان في لجنة السياسة النقدية، عيّنهما الرئيس غوستافو بيترو، إلى اجتماع البنك المركزي يوم الاثنين. وكان أفيلا قد دعا علناً إلى تخفيضات أكبر للفائدة، ويعتقد بعض الاقتصاديين أن التشكيلة الجديدة قد تكون أكثر تقبلاً لهذا النهج.
لكن التضخم المرتفع والتوقعات المتفائلة قد تدفع البنك إلى التريّث، والإبقاء على سعر الفائدة عند 9.5% للاجتماع الثاني على التوالي. وتنشر محاضر الاجتماع الخميس.
في بيرو، قد يُظهر تقرير أسعار المستهلك لشهر مارس في العاصمة ليما تباطؤاً في التضخم إلى 1% أو أقل، من 1.48%.
أما في الأرجنتين، فيُنتظر أن تطغى أنباء التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن اتفاق جديد بقيمة 20 مليار دولار على أجندة الأسبوع، بعد تصريحات من وزير الاقتصاد لويس كابوتو يوم الخميس.
وفي المكسيك، تبقى الأنظار مركّزة على الرسوم الأميركية المرتقبة بنسبة 25% على واردات السيارات، رغم صدور بيانات اقتصادية ثانوية.
وفي تشيلي، تصدر سبعة مؤشرات اقتصادية لشهر فبراير، بينها بيانات إنتاج النحاس والنمو الاقتصادي غير الرسمي (GDP Proxy).
أما البرازيل، فتُصدر هذا الأسبوع بيانات الموازنة والضرائب، والتجارة الشهرية، واستطلاع التوقعات الاقتصادية للبنك المركزي، وبيانات الإنتاج الصناعي، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات مرتبطة بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، وأوضاع مالية محلية غير مستقرة.