مصر والمغرب …طموح التكامل بعد طي الخلاف بشأن التجارة

تتطلع مصر والمغرب إلى تحقيق التكامل التجاري عبر إزالة المعوقات وتعميق التعاون في القطاع اللوجيستي، وتحقيق التوازن في علاقاتهما، بعد أن طوى البلدان صفحة خلاف تسبب في تعثر التدفقات بينهما، في ظل الميزان التجاري الذي يميل لصالح مصر بشكل كبير، وفق ما قاله مسؤولون ورجال أعمال في فعاليات ملتقى الاستثمار والتجارة المصري المغربي.
التبادل التجاري بين البلدين لا يزال دون المستوى المطلوب، وهو ما ستواجهه الحكومة المصرية عبر إزالة أي معوقات أمام تدفق الصادرات المغربية إلى البلاد، بحسب ما قاله وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب خلال الملتقى.
أكد ذلك عمر حجيرة الوزير المغربي المنتدب المكلف بالتجارة الخارجية الذي قال إن الصادرات المغربية لمصر لا تمثل سوى 6% فقط من إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين البالغ نحو مليار دولار سنوياً. وأضاف “ما تشهده متغيرات التجارة العالمية يدفع البلدين صوب التكامل تجارياً لا المنافسة”. تثير تأثيرات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على العالم،
كان تدفق التجارة بين البلدين تعطل العام الماضي بعد تعليق المغرب لدخول البضائع المصرية رداً على عدم قبول مصر للسيارات المغربية، وكان ذلك محور محادثات بين حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري ونظيره المغربي عمر حجيرة الوزير المنتدب المكلف بالتجارة الخارجية في الرباط انتهت بالاتفاق على فتح صفحة تجارية جديدة.
يسجل المغرب عجزاً تجارياً كبيراً مع مصر. حيث لم تتجاوز صادراته إلى مصر خلال العام الماضي 754 مليون درهم (75 مليون دولار)، بينما بلغت الواردات من مصر خلال نفس السنة 12.5 مليار درهم، وفقاً لأرقام مكتب الصرف، الجهاز الحكومي المعني بإحصائيات التجارة الخارجية.
زيادة الواردات المغربية
يستهدف مجلس الأعمال المصري المغربي زيادة واردات القاهرة من الرباط لتصل إلى 100 مليون دولار خلال العام الجاري، تتوزع على قطاعات متنوعة، وليس السيارات فقط، وأبرزها مكسبات الطعم ومركزات العصائر والأسمدة المغربية، بحسب ما قاله نزار أبو إسماعيل، رئيس مجلس الأعمال المصري المغربي لـ”الشرق”.
“مباحثات اليوم تركز على طلب المغرب زيادة صادراته إلى مصر بأكبر نسبة ممكنة، وسنناقش أن لا يقل معدل النمو عن 70% مقارنة بعام 2024″، وفق ما قاله إسماعيل عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية المغربية لرجال الأعمال لـ”الشرق”. وأضاف “التبادل التجاري الحالي ليس في صالح المغرب تماماً، نظرا لأن حجم واردات السلع المصرية يفوق بكثير حجم الصادرات المغربية”.
يتكامل ذلك مع سعي المغرب لرفع صادراته نحو مصر إلى 500 مليون دولار بحلول العام المقبل، بحسب ما قاله حسن السنتيسي، رئيس الجمعية المغربية للمصدرين في حديث سابق لـ”الشرق”.
اهتمام بالسيارات والتصنيع
يولي المغرب اهتماماً كبيراً بتصدير السيارات إلى مصر، ويستهدف تصدير 1000 سيارة للقاهرة خلال 2025، وفق إسماعيل عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية المغربية لرجال الأعمال لـ”الشرق” على هامش فعاليات المنتدى.
تُصنّف المملكة كأول مُنتِج لسيارات الأفراد على صعيد القارة الأفريقية، وهي المُصدِّر الأول للسيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي إلى الاتحاد الأوروبي، بحسب رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال فعالية حول الصناعة في أكتوبر الماضي، وأضاف أن المملكة صنّعت العام الماضي أكثر من 570 ألف سيارة، أغلبها موجه للتصدير نحو الدول الأوروبية.
في المقابل، تعزز الشركات المصرية استثماراتها في المغرب الذي يشهد “ثلاثة مصانع مصرية قيد الإنشاء، باستثمارات تناهز 100 مليون دولار، في مجالات صناعة الأثاث، والأدوات الصحية، وأجهزة الري الحديث” وفق عبد العزيز.
أبو إسماعيل شدد أيضاً على أن السوق المصرية مفتوحة أمام الجانب المغربي، داعيا الشركات المغربية لتسويق منتجاتها بمصر خاصة في قطاع السيارات.
تشمل واردات المغرب من مصر الأمونيا والإطارات المطاطية والخشب والكاكاو والخضراوات المعلبة والتمور والبذور الزيتية وزيت الصويا والزجاج. بينما تصدر المملكة السيارات وأجزاءها والتوابل وحمض الفوسفوريك والفواكه والسكر والموصلات الكهربائية والسمك المعلب.
دفعة للاستثمار
يُتوقع أن تشهد المغرب استثمارات مصرية جديدة بقيمة 400 مليون دولار وسط إقبال من الشركات المصرية على الاستثمار بقطاعات بينها السياحة والصناعات الغذائية، بحسب علي التازي رئيس اتحاد مقاولات المغرب ورئيس الجانب المغربي بمجلس الأعمال المصري المغربي لـ ” الشرق”. “المغرب يستثمر 40 مليار دولار لتأهيل البنية التحتية من سكك حديدية وطرق وموانئ والمجال الصحي استعدادًا لاستضافة كأس العالم.. يمكن للشركات المصرية الحصول على استثمارات بقيمة مليار دولار”.
في المقابل، تدرس الشركات المغربية فرص الاستثمار في مصر بقطاعات الخدمات والصناعات الغذائية والخشبية، نظرا لكون مصر سوقا مهمة وتعد بوابة لشرق أفريقيا وكذلك للشرق الاوسط، بحسب التازي.
التكامل اللوجيستي
التكامل بين البلدين تجارياً يبدأ من اللوجستيات، وفق ما قاله أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرفة التجارية المصرية الذي أوضح أن البلدين سيسعيان إلى استخدام كل منهما للأخرى كمركز لوجيستي للدخول إلى دول الجوار، ولاستغلال مناطق التجارة الحرة المتاحة، وسهولة الولوج لشرق وغرب أفريقيا.
يرتبط البلدان باتفاقيات تجارة عدة، أهمها اتفاقية “أغادير” للتبادل الحر منذ عام 2007، وتشمل أيضاً الأردن وتونس، وهي متعلقة بتأسيس منطقة تبادل حر بين الدول العربية المتوسطية لتنمية المبادلات التجارية وتحريرها وتشجيع الاستثمارات المتبادلة.
وكشف الوكيل عن السعي لإنشاء خط ملاحي مباشر بين مصر والمغرب لحين إعادة تشغيل الطريق البري الساحلي المتوسطي. وسعياً من أجل تحقيق التكامل بين البلدين على الصعيد التجاري، قال الوكيل “قمنا بحصر ما يتم استيراده من العالم لكل جانب، ومن يقوم بالاستيراد وتحديد المنتجات، ومكونات الصناعة التي يمكن تبادلها، وهو ما سيتم تنفيذه عمليا” في الفترة المقبلة.