مصر والسعودية بصدارة وجهات المسافرين بالمنطقة في ظل تحولات عالمية

تواصل مصر والسعودية تأكيد مكانتيهما كأبرز وجهتين للمسافرين في منطقة الشرق الأوسط، بفضل البنية التحتية المتطورة، والطلب القوي على مدار العام، بالإضافة إلى بروزهما كوجهتين بديلتين محتملتين للولايات المتحدة التي تراجع ترتيبها في ظل عدم اليقين العالمي.
حافظت الدولتان على صدارة تصنيف منصة السفر الإلكتروني “ويجو” (Wego) لوجهات السفر الأبرز لدى المسافرين بالمنطقة خلال الشهور الأربعة الأولى من 2025، استناداً إلى أفضليات مستخدمي التطبيق.
“اهتمام المسافرين من الشرق الأوسط بالولايات المتحدة التي لطالما كانت، إلى جانب بريطانيا، وجهتهم المفضلة آخذ في التراجع في ظل تشديد سياسات التأشيرات ودخول الحدود، وفقاً لتقرير “ويجو”.
مصر والسعودية قد تستفيدان من عزوف السياح المحتمل عن السفر إلى الولايات المتحدة الناجم أيضاً عن تزايد القيود على الحدود وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وازدياد عدم اليقين الاقتصادي العالمي، وفي ظل الحرب التجارية التي أطلق الرئيس دونالد ترمب شرارتها بفرض رسوم جمركية مرتفعة على العديد من الدول أبرزها الصين وكندا والمكسيك.
وبحسب بيانات نشرتها إدارة التجارة الدولية الأميركية الأسبوع الماضي، انخفض عدد الوافدين جواً إلى البلاد بنحو 10% في مارس مقارنة بالعام الماضي، وفق ما أوردته “بلومبرغ”.
مصر تسعى لمضاعفة عدد السياح
تستهدف مصر، التي تعتمد على السياحة كمصدر أساسي للنقد الأجنبي، استقبال 30 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2030، وتطمح في سبيل ذلك إلى إضافة أكثر من 200 ألف غرفة فندقية جديدة خلال 3 إلى 4 سنوات، مقارنة مع عددها الحالي البالغ نحو 230 ألف غرفة.
كما حددت الحكومة موعد افتتاح “المتحف المصري الكبير” في يوليو المقبل متوقعة أن يجذب المقصد خمسة ملايين سائح سنوياً.
اجتذبت مصر، التي لطالما احتلت الصدارة في سوق السفر بالمنطقة بفضل آثارها العريقة ومنتجعاتها الشاطئية والرحلات البحرية في نهر النيل، عدداً قياسياً بلغ 15.78 مليون سائح خلال العام الماضي، على الرغم من الحرب بين إسرائيل وحماس على الحدود الشمالية الشرقية للبلاد، وثلاث سنوات من الصراع بين روسيا وأوكرانيا، الدولتان اللتان كان مواطنوهما يشكلون ذات يوم نسبة كبيرة من الزوار.
وسمحت السلطات لقيمة الجنيه المصري بالهبوط بنحو 40% مقابل الدولار في مارس الماضي في رابع تقليص لقيمة العملة في البلاد منذ أوائل 2022، وسجلت العملة المحلية مستويات قياسية منخفضة في الفترة الماضية، مما يعزز جاذبية السفر إليها من الأجانب الذين تنخفض بالنسبة لهم أسعار الخدمات السياحية نظرا لتعاملهم بالنقد الأجنبي.
باتت مصر من بين وجهات بديلة للولايات المتحدة يختارها المسافرون من أوروبا، إلى جانب كندا وأميركا الجنوبية، بحسب ما قاله الرئيس التنفيذي لمجموعة الفنادق الفرنسية الكبيرة “أكور” (Accor SA) لـ”بلومبرغ” في مطلع الشهر الجاري.
السياحة ركيزة لرؤية المملكة
تعول السعودية على قطاع السياحة كأحد أهم القطاعات التي ترتكز عليها “رؤية 2030” في تنويع مصادر الدخل وتقليل اعتماد اقتصاد البلاد على النفط. ومنذ إطلاق الرؤية حقق القطاع قفزات كبيرة سواءً من ناحية أعداد السائحين، أو حجم الاستثمارات، أو خلق فرص التوظيف، أو مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لتبلغ 4.4%.
شهد القطاع تحولاً ملحوظاً، بداية من إطلاق المشاريع الضخمة، مثل الوجهات السياحية في نيوم ومشاريع البحر الأحمر والقدية والدرعية والعلا، إلى استضافة كبرى البطولات الرياضية والأحداث الترفيهية. كذلك قام المسؤولون بتسهيل قدوم السياح عبر إصلاح البيئة التنظيمية والتشريعية واعتماد نظام السياحة الجديد الذي يعتمد على التأشيرة الإلكترونية، إضافةً إلى بناء القدرات البشرية السعودية وغيرها من المبادرات.
كما أسهمت الاستثمارات والمشاريع الضخمة في رفع مستهدفات البلاد السياحية إلى 150 مليون زيارة سنوياً بحلول عام 2030، بينما كانت تستهدف 100 مليون سائح عند إطلاق “رؤية 2030″، وهو هدف تمكنت من تجاوزه بالفعل في 2023.
الرحلة “لا تزال في بدايتها”
أشار فهد حميد الدين، الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للسياحة، في مقابلة سابقة مع “الشرق” أن رحلة قطاع السياحة بالمملكة “لا تزال في بدايتها”.
تخطط المملكة لافتتاح عدة برامج ووجهات سياحية خلال السنة الجارية في إطار تلبية الطلب المتزايد، وزيادة عدد السياح. تضم رزنامة المملكة افتتاح 11 فندقاً جديداً في وجهة البحر الأحمر، إضافة إلى عدد من المنتجعات التي تقدم خدمات شاملة بأسعار تنافسية للعائلات، فيما يبقى الحدث الأبرز افتتاح “القدية” بنهاية العام، بحسب الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للسياحة.
كما أن تسهيل التأشيرات واحدة من الطرق الرئيسية التي تحاول المملكة من خلالها جذب السياح، إذ أعلن وزير السياحة أحمد الخطيب خلال يناير الماضي، أن السعودية أتاحت إمكانية الحصول على تأشيرة “خلال 5 دقائق”.
واعتبر خلال جلسة حوارية في منتدى “دافوس” في يناير الماضي، أن “السياحة صناعة كبيرة، ويجب النظر إليها كعمل تجاري، لذا على البلدان التنافس لجعل إمكانية الوصول إليها أسهل، وجعلها فعالة من حيث التكلفة”.
في ديسمبر 2023، أعلنت السعودية تدشين منصة موحدة للتأشيرات تحمل اسم “تأشيرة السعودية”، بهدف تسهيل إجراءات التقديم على التأشيرات، في إطار سعيها إلى استقطاب مزيد من السيّاح خلال السنوات المقبلة.
وأشار الخطيب إلى أن “المملكة تستهدف رفع مساهمة السياحة بالناتج المحلي الإجمالي إلى 10% بحلول 2030، وقد وصلت هذه النسبة إلى 5% العام الماضي”.