مصر تضع آليات تطبيق رسوم أراضي الساحل الشمالي خلال أيام

تعتزم الحكومة المصرية وضع آليات تطبيق قرار فرض رسوم جديدة على مشروعات الشراكة العقارية بمنطقة الساحل الشمالي وأراضي الطريق الصحراوي الرابط بين القاهرة والإسكندرية خلال الأسبوع المقبل على أقصى تقدير، وذلك وسط اعتراض شركات التطوير على تطبيق الرسوم بأثر رجعي.
في حديث مع “الشرق”، قال مسؤول بوزارة الإسكان المصرية طالباً عدم نشر اسمه “لدينا اجتماع نهاية هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل بحد أقصى لوضع آليات تطبيق القرارات الأخيرة، بعد النقاش مع الشركات، بما يضمن تحقيق التوازن بين مصلحة الدولة وحماية الاستثمارات”.
رسوم على الساحل الشمالي والصحراوي
كانت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة للوزارة أعلنت الأسبوع الماضي رسوماً إضافية تصل إلى 1000 جنيه للمتر المربع على المشروعات العقارية والسياحية التي تشارك في تنفيذها أكثر من جهة على الساحل الشمالي للبلاد، في إجراء تقول إنه يهدف لمنع تهرب الشركات من سداد رسوم التنازل عن الأراضي.
وتضمن قرار الهيئة إلزام الشركات المتعاقدة على أراض بالساحل الشمالي في العقود المستقبلية بسداد 10% من قيمة الأرض في حال تم تنفيذ المشروع، أو الإعلان عنه من خلال مطور آخر بخلاف الطرف المتعاقد مع الهيئة.
قد يهمك أيضاً: صعود متوقع بأسعار عقارات الساحل الشمالي في مصر بمتوسط 11.5%
شملت قائمة الشركات التي تلقت مخاطبات رسمية لسداد الرسوم “بالم هيلز” و”سوديك” و”تطوير مصر” و”الأهلي صبور” و”الراجحي” و”إعمار مصر” و”ماونتن فيو” و”المراسم” و”لافيستا”.
قررت الهيئة أيضاً فرض رسوم تصل إلى 1500 جنيه للمتر المربع على المطورين الذين يمتلكون أراض أو مشروعات بعمق يصل إلى 7 كيلومترات على جانبي الطريق الصحراوي، وقررت إلغاء الغرامات المالية مقابل توفيق أوضاع الأراضي ذات النشاط الزراعي إلى عمراني للمساحات التي تتجاوز 5 أفدنة، وحصر التصالح في المقابل العيني فقط. كما منحت الهيئة مهلة 3 أشهر للمطورين المتأخرين في استخراج تراخيص البناء، وإلا فقدوا حقوقهم في استغلال الأرض
مناشدة رئيس الحكومة بالتدخل
عبرت جمعية رجال الأعمال المصريين عن قلقها من قرارات الهيئة وطالبت رئيس الوزراء، في مذكرة اطلعت عليها “الشرق”، بعدم تطبيق الرسوم بأثر رجعي لتقتصر على المشروعات المستقبلية فقط، داعية إلى عقد اجتماع بين المطورين والحكومة “لاحتواء الموقف قبل أن تتفاقم آثاره على القطاع”.
أحمد شلبي، الرئيس التنفيذي لشركة “تطوير مصر” ورئيس مجلس العقار المصري، قال لـ”الشرق” إن “تطبيق القرار بأثر رجعي سيُحمل المطورين أعباءً مالية لأن تلك المشروعات تم تسليمها، أو لا تزال تحت التنفيذ وفق موازنة معينة، وبالتبعية فإنها مباعة وفق تسعير معين يعتمد على معطيات سابقة، ولذا فإن أي إضافة مالية أو تكلفة أخرى لم يتم احتسابها ستؤثر على أعمال التنفيذ”.
وأضاف أن “التطبيق لن يؤثر على الشركات غير الجادة وحدها، وإنما سيكون له آثار سلبية على كافة الشركات، ومن الضروري أن تكون آليات التطبيق واضحة”.
شلبي طالب بقصر تطبيق الرسوم المستحدثة على المشروعات التي لم تصدر لها قرارات وزارية، داعياً إلى مراجعة منهجية التسعير وآليات السداد، بحيث يتم احتسابها بطريقة عادلة، مع توفير تسهيلات في السداد، وخاصة للمشروعات التي شهدت تسويات قانونية مع جهات الدولة خلال السنوات الماضية، وتضمّنت التنازل عن أجزاء من الأراضي أو سداد مقابل مادي لتقنين أوضاعها.
استيعاب الرسوم
يرى أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، في حديثه مع “الشرق”، أن الشركات العقارية قادرة على “استيعاب الرسوم التي أقرتها الدولة”.
لكنه أضاف بخصوص مسألة الشركات المتأخرة في الحصول على تراخيص البناء أن “الغرفة اجتمعت مع وزير الإسكان لمناقشة ملف 123 شركة تطوير عقاري تعمل بالساحل الشمالي، وجاري دراسة كل حالة بمفردها ما بين تعثر وجدولة، بما يحافظ على حقوق الدولة والمطور والعميل”.
منحت هيئة المجتمعات تلك الشركات مهلة الثلاثة أشهر، بينما أوقفت أيضاً التعامل مع 47 شركة وجهة لحين توفيق أوضاعها وسداد الرسوم المستحقة، مع وقف الخدمات الحكومية (الكهرباء، والمياه، وقرارات التقسيم) عن تلك الكيانات حتى استكمال الإجراءات المالية.
من جانبه، قال أحمد إهاب، الرئيس التنفيذي لشركة “مدار للتطوير العقاري”، لـ”الشرق” إن قرار “فرض رسوم تنازل على مشروعات الشراكة بالساحل ليس له سند قانوني، ولا يمكن تطبيقه بأثر رجعي على المشروعات القائمة”.
وأضاف أن “تعامل الهيئة مع تأخر المطورين في استخراج القرارات الوزارية والتراخيص غير منطقي، لابد من منح مهلة 6 أشهر كحد أدنى لتوفيق أوضاع المطورين، الدولة نفسها غير جاهزة للتعامل أو الانتهاء من إجراءات التراخيص والقرارات الوزارية في 3 أشهر”.
من جانبه، نفى المسؤول الحكومي في حديثه مع “الشرق” سحب أي أراض من الشركات العاملة بالساحل الشمالي، مضيفاً أن “الملف بكامله قيد الدراسة، ويجري التعامل معه وفق آليات واضحة تضمن حقوق الدولة والمستثمرين على حد سواء، هدفنا الأساسي هو تقنين أوضاع الشركات العقارية، والتأكد من الملكية القانونية للأراضي المُقام عليها المشروعات”.
اقرأ المزيد: مصر تشترط عدم “نحر” الشاطئ لأي مشروع جديد على الساحل الشمالي
مناقشات مع وزارة الإسكان
قال مسؤول في إحدى الشركات الخليجية المتأثرة بقرارات الهيئة إن “هناك مناقشات جارية حالياً مع وزارة الإسكان لاتخاذ قرار بشأن تلك الرسوم غير القانونية، ولا نرى أي مبرر لتلك الرسوم خاصة وأننا على مدى تواجدنا في مصر نلتزم دائماً بكافة تعاقداتنا مع الحكومة”.
وأضاف لـ”الشرق”، مشترطاً عدم نشر اسمه، أن “الرسوم جرى احتسابها وفقاً لسعر الأرض الحالي، وليس سعرها الفعلي وقت التعاقد أو الشراء، ما يعني أن القيمة كبيرة جداً وتمثل عبئاً على المطورين، نظراً لأن غالبية تلك المشروعات تم بيعها وتنفيذ جزء كبير منها، بل منها مشروعات تم تسليمها بالكامل”.
ويقول عمرو دياب، نائب رئيس مجموعة “عربية للتنمية “، أن عقود الشراكة على الأراضي “حرمت الدولة من رسوم التنازل المستحقة على عمليات بيع وشراء الأراضي بالمنطقة، لكن تحصيل الرسوم لابد أن يتماشى مع التدفقات النقدية للمشروع والمطور”.
وأبدى معارضته “لفرض رسوم تحسين علي المشروعات العقارية بالطريق الصحراوي والضبعة غرب القاهرة، لأنها تمثل علامة استفهام كبيرة، ولابد من توضيح أسباب وآليات احتساب تلك الرسوم”.