مصر تسابق الزمن لتعويض الغاز الإسرائيلي وتجنب أزمة الكهرباء

تسابق مصر الزمن لإيجاد إمدادات بديلة من الوقود لتفادي أي انقطاع في الكهرباء بعد أن أدى التصعيد في الشرق الأوسط إلى توقف تدفقات الغاز من إسرائيل.
تستعد الحكومة لطرح مناقصة هذا الشهر لاستيراد ما يصل إلى مليون طن من زيت الوقود، بهدف الاستلام في أغسطس، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر بشكل مباشر.
يأتي ذلك بعد مناقصة مماثلة طرحتها البلاد مؤخراً للمساعدة في تلبية احتياجات توليد الكهرباء، في وقتٍ يُشكل فيه النزاع بين إسرائيل وإيران تهديداً لإمدادات الغاز، بحسب الأشخاص المطلعين.
توقف الإمدادات الإسرائيلية
كانت إسرائيل قد أمرت يوم الجمعة بإغلاق مشروعين لإنتاج الغاز، من ضمنهما حقل ليفياثان أكبر حقولها، لأسباب أمنية بعدما توعدت إيران بالرد على هجماتها. قلص ذلك بشكل حاد تدفقات الغاز إلى مصر، التي تعتمد على الاستيراد، مما دفعها إلى تقليص الإمدادات إلى عدد من الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة من أجل الاستمرار في تشغيل محطات الكهرباء.
لكن انقطاع الغاز الإسرائيلي لفترة ممتدة يهدد بتعطيل توليد الكهرباء في البلاد. وبدأت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطة لتجنب نقص الوقود الذي شهدته البلاد خلال فصول الصيف السابقة، حين أدت قفزة في الطلب إلى قطع الكهرباء بهدف تخفيف الأحمال على مستوى البلاد ما أثار استياء شعبياً واسعاً في بلد تعاني بالفعل بسبب التضخم المرتفع.
“لا تخفيف للأحمال”
في مؤتمر صحفي مذاع تلفزيونياً يوم السبت، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي: “لا يوجد تخفيف أحمال هذا الصيف وتعمل الدولة على هذا التعهد؛ ولكن ما حدث بالأمس من مواجهة بين إسرائيل وإيران كان له تداعيات مباشرة على جزء كبير من امتدادات الغاز التي تأتي لمصر، وتساهم في توفير الوقود لمحطات الكهرباء”.
وحث مدبولي المواطنين على ترشيد استهلاك الكهرباء بوصفه أمراً ضرورياً لتجنب انقطاع الكهرباء هذا الصيف.
إجراءات مصرية لتجنب عجز الوقود
إلى جانب خفض إمدادات الغاز لبعض القطاعات، أوقفت الحكومة المصرية أيضاً ضخ زيت الوقود والديزل إلى بعض الصناعات الأخرى لمدة أسبوعين اعتباراً من السبت، لتوفير نحو تسعة آلاف طن من الديزل يومياً لمحطات الكهرباء إلى حين وصول المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال المستورد، حسبما أفاد الأشخاص المطلعون.
وقال أحد الأشخاص إن مصر لديها عجز في إمدادات الغاز يُقدر بنحو 3.5 مليار متر مكعب يومياً، تلبي إسرائيل منه حوالي 800 مليون إلى مليار متر مكعب. ويتم تعويض الباقي عبر استيراد الغاز الطبيعي المسال، حيث أبرمت مصر مؤخراً صفقات ضخمة مع عدة شركات لتأمين الإمدادات لمدة عامين تقريباً.
كما تخطط مصر بالفعل لإضافة عدة وحدات عائمة لاستيراد الغاز، وتُجري محادثات مع قطر بشأن عقود توريد طويلة الأجل.
وقال ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال أفريقيا في “مجموعة الأزمات الدولية” في بروكسل، إن “المشكلة الحقيقية بالنسبة للقاهرة هي أنها أصبحت مستورداً صافياً للغاز، ومن غير المرجح أن يتغير ذلك في المدى القصير، مما يجعل الغاز الإسرائيلي جزءاً من مزيج الطاقة لديها”.
تأتي احتمالات عودة نقص الوقود في الوقت الذي يرتفع فيه الطلب خلال شهور الصيف. ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة في القاهرة إلى 38 درجة مئوية هذا الأسبوع. وقد أصدرت وزارة الصحة يوم السبت إرشادات وقائية للمواطنين، منها تجنب التعرض للشمس في أوقات الذروة.
قفزة في فاتورة الطاقة
قفزت فاتورة صافي واردات الطاقة المصرية العام الماضي بأكثر من الضعف لتبلغ 11.3 مليار دولار، وفقاً لبنك “غولدمان ساكس”. وساهم ذلك في ارتفاع عجز الحساب الجاري إلى 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة من 3.2%. ومن المرجح أن ترتفع فاتورة الطاقة الصيفية لمصر إلى نحو ثلاثة مليارات دولار شهرياً بدءاً من يوليو، مقارنة مع نحو ملياري دولار العام الماضي، بحسب ما ذكره شخص مطلع في مايو.
يُقدَّر إنتاج مصر الحالي من الغاز الطبيعي بنحو 4.2 مليار قدم مكعب يومياً، فيما يبلغ الطلب المحلي حوالي 6.2 مليار قدم مكعب يومياً، ويرتفع عادة إلى سبعة مليارات قدم مكعب خلال الصيف نتيجة زيادة استهلاك الكهرباء، خصوصاً للتبريد.
وأشار فابياني إلى أن “السلطات المصرية تحاول تعزيز عمليات الاستكشاف وزيادة الإنتاج من خلال تشجيع الشركات الأجنبية، لكن هذه الجهود معقدة، ونتائجها غير مؤكدة، ولن تظهر آثارها إلا على المدى الطويل”.