مسافرون أوروبيون يلغون رحلاتهم إلى أميركا بعد احتجاز سياح على الحدود

شهدت الولايات المتحدة تراجعاً حاداً في أعداد الزوار الأوروبيين، وسط تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية ومخاوف متزايدة من السياسات الحدودية التي ينتهجها الرئيس دونالد ترمب، حسبما أفادت به صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وبحسب إدارة التجارة الدولية الأميركية، فقد انخفض عدد الزوار القادمين من أوروبا الغربية ممن قضوا ليلة واحدة على الأقل في الولايات المتحدة بنسبة 17% في مارس الماضي، مقارنة بالعام الماضي.
وتشير البيانات إلى أن أعداد الزوار الأجانب إلى أميركا انخفضت بنسبة 12% على أساس سنوي في مارس، وهو أكبر تراجع منذ مارس 2021، عندما كانت قيود جائحة فيروس كورونا لا تزال تؤثر على قطاع السفر.
وانخفضت أعداد الزوار الكنديين، الذين يمثلون شريحة مهمة من سياح الوجهات الدافئة مثل لاس فيغاس، حيث زارها 1.4 مليون كندي في 2023، أي ما يعادل ربع إجمالي الزوار الدوليين.
وأظهرت تحليلات الصحيفة لبيانات الإدارة، أن أعداد المسافرين من دول مثل ايرلندا والنرويج وألمانيا تراجعت بأكثر من 20%. ويمثل هذا الانخفاض تهديداً لصناعة السياحة الأميركية التي تسهم بـ2.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي عام 2024، أنفق الزوار الأجانب أكثر من 253 مليار دولار في الولايات المتحدة على السفر والخدمات المرتبطة به، أي ما يعادل نحو 19% من إجمالي الإنفاق السياحي الأميركي البالغ 1.3 تريليون دولار، بحسب إدارة التجارة الدولية.
تحذيرات من ضرر يمتد لأجيال
ويثير هذا التراجع قلقاً في أوساط قطاع السياحة الأميركي، لا سيما أنه يهدد أحد أكثر مسارات الطيران عبر الأطلسي ربحية في العالم، إذ حذرت بعض شركات الطيران والفنادق من تراجع الطلب على السفر عبر الأطلسي، وسط “ضجة سلبية” تتشكل حول زيارة الولايات المتحدة.
وحذرت رابطة السفر الأميركية من “اتجاهات مقلقة” في القطاع، مرجعة إياها إلى “تساؤلات حول مدى ترحيب أميركا بالزوار”.
وقال بول إنجلش، المؤسس المشارك لموقع “كاياك” لحجوزات السفر: “في غضون شهرين فقط، دمر ترمب سمعة الولايات المتحدة، كما يتضح من مؤشرات انخفاض عدد المسافرين القادمين من دول الاتحاد الأوروبي، وهذا لا يشكّل ضربة اقتصادية جديدة فحسب، بل يمثّل أيضاً ضرراً قد يستغرق أجيالاً لإصلاحه”.
ورغم أن جزءاً من التراجع قد يُعزى إلى توقيت عطلة عيد الفصح العام الماضي، إلا أن الرئيس التنفيذي لشركة “تورزم إيكونوميكس”، آدم ساكس، أشار إلى بيانات من مطارات أميركية ومعابر برية من كندا تدل على وجود رد فعل مباشر تجاه سياسات ترمب.
وشهدت بعض شركات الطيران، مثل “فيرجن أتلانتيك”، تباطؤاً “محدوداً” في الطلب من المسافرين الأميركيين، فيما خفضت “إير فرانس/ كي إل إم” أسعار التذاكر الاقتصادية مع وجود “ليونة طفيفة” في السوق.
من جهة أخرى، قالت شركتا “بريتش إيرويز” و”دلتا إيرلاينز” إنهما لم تشهدا حتى الآن تأثيراً واضحاً على الطلب.
ارتفاع إلغاء الحجوزات إلى أميركا
إلا أن الرئيس التنفيذي لموقع “أوميو” لحجوزات السفر، نارين شام، قال إن معدلات إلغاء الحجوزات إلى أميركا ارتفعت بنسبة 16% في الربع الأول من العام، مع تسجيل معدلات أعلى بكثير من المسافرين في بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وصلت إلى 40%.
كما صرح سيباستيان بازان، الرئيس التنفيذي لسلسلة فنادق “أكور” الفرنسية، بأن التقارير حول احتجاز مسافرين عند الحدود الأميركية خلقت “ضجة سلبية” حول السفر إلى الولايات المتحدة، مشيراً إلى تراجع حجوزات الأوروبيين للصيف المقبل بنسبة 25%.
من جانبه، أكد رئيس شركة “دلتا” وجود انخفاض “ملحوظ” في الحجوزات من كندا، ما دفع الشركة إلى سحب توقعاتها المالية؛ بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة.
وكانت شركة “تورزم إيكونوميكس” قد توقعت سابقاً زيادة بنسبة 9% في عدد الزوار الدوليين مقارنة بعام 2024، لكنها عدّلت تقديراتها مؤخراً إلى تراجع بنسبة 9.4% عقب إعلان ترمب فرض رسوم جمركية جديدة الأسبوع الماضي.
وأشار ساكس إلى أن “الخطاب العدائي” لترمب تجاه الاتحاد الأوروبي وغرينلاند وكندا يساهم في تأجيج المشاعر السلبية تجاه الولايات المتحدة، قائلاً: “هذه أخطاء غير ضرورية، لكن تأثيرها كبير على الصورة العامة والسفر إلى أميركا”.