اخر الاخبار

مركز بيانات واحد أربك الأسواق.. تعرف على سبب تعطل تداولات بورصة شيكاغو

يقع على بُعد نحو 45 دقيقة غرب وسط مدينة شيكاغو مركز زجاجي متواضع المظهر، يعتمد عليه بعض من أكبر الأسواق العالمية. ووفقاً لتقدير صدر في 2018، يمر عبر هذا المرفق يومياً حجم تداول اسمي لا يقل عن 25 كوادريليون دولار (25 ألف تريليون دولار).

يُعد مجمع “أورورا” في ولاية إلينوي المركز الرئيسي للعمليات الرقمية لشركة “سي إم إي غروب”- أكبر مشغل لبورصات العقود المستقبلية في العالم- منذ ما يقرب من عقدين. يشتهر المرفق، البالغ مساحته 450 ألف قدم مربع، بين المتداولين الذين يستخدمون خوارزميات تداول عالية التواتر وشركات “وول ستريت”، الذين تنافسوا على مدى سنوات لحجز مواقع قريبة من المركز للحصول على ميزة تنافسية. ففي مرحلة ما، ثبّتت شركة “دي آر دبليو هولدينغز” (DRW Holdings) هوائياً على عمود مرافق قرب المركز لتقليل زمن انتقال البيانات، فيما اشترت شركة “جامب تريدينغ” (Jump Trading) عقاراً مقابل المبنى لتثبيت الأجهزة الهوائية الخاصة بها. كما بنت شركة “ساينتيل” (Scientel) برجاً هي الأخرى.

يسعى التجار إلى الاقتراب من مركز البيانات لتقليل زمن الانتقال، عبر تقليص المسافة التي يجب أن تقطعها البيانات، بهدف توفير أجزاء من الثانية. وكما قال أحد المديرين التنفيذيين السابقين لمشغل مركز البيانات: “إن قراءة كتاب “فتيان السرعة الفائقة” (Flash Boys) تمنحك فكرة سريعة عن حقيقة ما يجري”.

اقرأ المزيد: بورصة شيكاغو تستأنف معظم عملياتها بعد انقطاع استمر لساعات

خلل في تبريد المجمع

أصبح اليوم هذا المركز -الواقع في ضاحية شيكاغو المعروفة ربما أكثر بأنها موقع تصوير فيلم الكوميديا “عالم واين” (Wayne’s World) – اسماً متداولاً بين جميع التجار في أسواق الأسهم والعملات والسندات والسلع حول العالم. فقد أدى خلل في نظام التبريد داخل المجمع إلى توقف شبه كامل في منصات تداول العقود المستقبلية والخيارات التابعة لـ”سي إم إي”، ما تسبب في حالة من الفوضى لدى التجار على مستوى العالم. قالت الشركة المشغلة للمركز، “سايروس وان” (CyrusOne)، إن فرقها تعمل “على مدار الساعة” لمعالجة مشكلة نظام التبريد، لكنها لم تُجب عن أي أسئلة إضافية.

يعود تاريخ هذا المرفق الحيوي للأسواق العالمية إلى عام 2009، حين بدأت “سي إم إي” في تشييده لاستضافة بنيتها الأساسية الخاصة بالتداول الإلكتروني، ليكون بمثابة العمود الفقري لمنصة “غلوبكس” (Globex) لتداول العقود المستقبلية والخيارات.

تداول عالي السرعة

في 2016، قررت “سي إم إي” أنها تريد الابتعاد عن ملكية البنية التحتية، وباعت الموقع إلى شركة “سايروس وان” ومقرها دالاس. بموجب الاتفاق، وافقت “سي إم إي” على استئجار مساحة من “سايروس وان” لمدة 15 عاماً كي تتمكن من مواصلة تشغيل الحواسيب الموجودة في الموقع، أي أنها عملياً أسندت عملياتها اليومية للشركة.

طالع أيضاً: الأسهم الأميركية تمحو خسائر نوفمبر مع استئناف التداول في بورصة شيكاغو

كانت “سايروس وان” تدرك جيداً ما هي مُقبلة عليه. فقد وصف الرئيس التنفيذي آنذاك، غاري فوجتاتشيك، مركز البيانات للمحللين بأنه “نقطة الإنطلاق” للتداول عالي السرعة و”المركز المحوري لجميع تداولات العقود المستقبلية”. عند عرضه المبررات التجارية لبناء برج جديد في الموقع خلال 2018 لتعزيز الاتصالات، شدد على أن “السرعة هي جوهر العمل هناك”. استقال فوجتاتشيك في 2020.

بناء على ذلك، أضافت “سايروس وان” موقع أورورا إلى محفظة أوسع تضم نحو 50 مركز بيانات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وسنغافورة، وتخدم مجموعة واسعة من العملاء تشمل قطاعات التكنولوجيا والخدمات المالية والطاقة والطب والبحث والاستشارات.

ترتكز استراتيجية أعمال “سايروس وان” على استهداف العملاء الكبار الذين يستأجرون تقريباً كامل المساحات في مراكز البيانات، وفقاً لتوبياس بوب، مدير قسم الاستراتيجية والمعاملات في شركة الاستشارات “إي واي-بارثينون” (EY-Parthenon). وقال بوب في مقابلة: “إنهم يبنون الكثير من مراكز البيانات الجديدة، وموقعهم في السوق حالياً بالغ الأهمية”.

واتضح لاحقاً أن “سايروس وان” نفسها كانت على وشك أن تُضم إلى محفظة أكبر بكثير لمستثمر في قطاع الملكية الخاصة.

طفرة الذكاء الاصطناعي

خلال2021، ومع بدء طفرة الذكاء الاصطناعي في دفع الطلب العالمي على مراكز البيانات نحو مستويات غير مسبوقة، وافقت شركتا “كيه كيه آر أند كو” و”غلوبال إنفراستركشر بارتنرز” (Global Infrastructure Partners) على شراء “سايروس وان” في صفقة بلغت قيمتها نحو 11.4 مليار دولار. اعتُبرت الصفقة حينها مثالاً على كيفية توجه مستثمري الملكية الخاصة للاستفادة من الارتفاع الهائل في احتياجات الحوسبة لدى مطوري نماذج الذكاء الاصطناعي والعمالقة التقنيين مثل “أمازون.كوم” و”جوجل” التابعة لـ”ألفابت” و”ميتا بلاتفورمز”.

لم تكن تلك الصفقة الأكبر أو الوحيدة بالنسبة لـ”غلوبال إنفراستركشر بارتنرز”. ففي العام الجاري، وبعد استحواذ “بلاك روك” على شركة الاستثمار، وافقت “غلوبال إنفراستركشر بارتنرز” على شراء شركة “ألايند داتا سنترز” (Aligned Data Centers) في صفقة بلغت 40 مليار دولار، لتصبح واحدة من أكبر استثمارات البنية التحتية في تاريخ الشركة.

طفرة تشييد البنى التحتية للذكاء الاصطناعي مصيرها التراجع.. تفاصيل أكثر هنا

وأحالت “كيه كيه آر أند كو” جميع الأسئلة المتعلقة بـ”سايروس وان” إلى الشركة المشغلة لمراكز البيانات، فيما رفض المتحدث باسم “بلاك روك” -مالكة “غلوبال إنفراستركشر بارتنرز”- التعليق.

ولا يُعرف ما إذا كانت “سايروس وان” قد حاولت نقل عمليات “سي إم إي” في أورورا إلى مركز بيانات آخر بعدما تعطلت وحدات التبريد أمس. كما لا يُعرف ما إذا كانت “سي إم إي” قد فعّلت خطط التعافي من الكوارث الخاصة بها، والتي تنص على نقل العمليات إلى مركز بيانات احتياطي. ولم تُجب أي من الشركتين عن هذه الأسئلة.

تبريد مراكز البيانات

تشير معلومات منشورة على موقع “سايروس وان” إلى أن مركز البيانات مزود بوحدات تبريد إضافية للحماية من الأعطال.

قد يكشف تعطل نظام التبريد عن وجود مشكلة في تصميم النظام، وفقاً لتوماس سوليلهاغ، الشريك في “إي واي بارثينون” (EY-Parthenon). وقال: “عادة ما يوجد في مراكز البيانات من هذا النوع قدر كبير من وفرة البدائل لتجنب مثل هذه المشكلات المرتبطة بالطاقة والتبريد”.

اقرأ المزيد: “تبريد” تدرس دخول قطاع مراكز البيانات لتوفير حلول متخصصة

أثناء معارضة مقترح من مشرعي ولاية إلينوي في 2016 لفرض ضريبة على التداول في البورصات، قال رئيس مجلس إدارة “سي إم إي” آنذاك تيري دافي -يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي- إن الاتفاق مع “سايروس وان” سيمنح الشركة إمكانية الوصول إلى مراكز البيانات الأخرى التابعة لها، وليس فقط موقع أورورا.

اختتم دافي أقواله في ذلك الوقت: “إذا اضطررنا إلى مغادرة إلينوي بسبب أي قرارات غير عقلانية تصدر عن الولاية، فإن لدينا 29 مركز بيانات يمكن الاختيار من بينها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *